السبت 23 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

الحياة البطيئة

الأحد 06/أغسطس/2023 - 04:03 م

نحن نعيش في عالم سريع الخُطى، حيث يبدو وكأن الوقت يمر دائمًا بسرعة أكبر، ويُصبح من الصعب مواكبة كل شيء، وغالبًا ما نشعر بالضغط لإنجاز المزيد في وقت أقل، وهذا يؤدي بدوره إلى التوتر والإرهاق، وبالتالي نفقد قدرتنا على الاستمتاع بحياتنا.

ورغم أني من الأشخاص التي لا تميل إلى البطء أبدا في أي شيء وتميل إلى السرعة دائمًا، لكن في الآونة الأخيرة لفت انتباهي مصطلح "الحياة البطيئة أو العيش البطيء "slow living، فما هو نمط "الحياة البطيئة" ومتى نشأ... وكيف يمكن ممارسته... وما هي فوائده؟

الحياة البطيئة أو العيش البطيء هو أسلوب حياة يُشجع على نهج أبطأ في الحياة اليومية، بما في ذلك إكمال المهام بوتيرة مريحة، إنه رد فعل على نمط الحياة السريع.

وقد بدأ تيار العيش البطيء في إيطاليا في الثمانينيات من القرن الماضي مع حركة الطعام البطيء، فبعد افتتاح مطاعم ماكدونالدز في قلب روما، شكل عالم الاجتماع والناشط الإيطالي "كارلو بيتريني" ومجموعة من النشطاء حركة تدافع عن تقاليد الطعام الإقليمية باسم حركة الغذاء البطيء أو (Slow Food). مع الوقت أصبح للحركة مؤيدون في أكثر من 150 دولة، يحاولون تشجيع الاستمتاع بالطعام الجيد والاستهلاك الواعي الذي يشجع على احترام الموسمية، وتقليل التأثير السلبي على البيئة بسبب إنتاج الغذاء.

فيما بعد ساعد "كارل أونوريه"، أحد أشهر منظّري فكرة الحياة البطيئة، في توصيل الفكرة إلى مجالات مختلفة غير الطعام، وذلك عام 2004 عندما نشر كتابه "في مديح البطء: حراك عالمي يتحدى عبادة السرعة "In Praise of Slowness: Challenging the Cult of Speed، ونال الكتاب انتشارًا عالميًا واسعًا، وبدأ تيار العيش البطيء يتوسع ليشمل مجموعة واسعة من جوانب الحياة اليومية الأخرى، بما في ذلك السفر البطيء والتفكير البطيء والعمل البطيء والاستهلاك البطيء وكلها أمثلة على الفروع المختلفة لحركة العيش البطيء.

ولا يعني ذلك أن تكون بطيئا لدرجة البطء المضر، ولكن الأمر أشبه بتقليل سرعة فيديو ممتع تريد الاستمتاع به أكثر، حيث يصف أونوريه الحياة البطيئة بقوله «الحياة البطيئة تعني القيام بالأشياء بالسرعة الصحيحة، هناك أوقات يجب أن تسير بسرعة وتكون مشغولًا، ولكن هناك أوقات أخرى يكون من المفيد فيها الضغط على المكابح وإبطاء السرعة».

وللعيش البطيء فوائد عدة، حيث يساعد الأفراد على الاستهلاك أقل والشراء بوعي أكبر؛ شراء أشياء أقل... شراء أشياء مصنوعة لتدوم.... وشراء أشياء يتم إنتاجها بطريقة أخلاقية ومستدامة، يساعد العيش البطيء كذلك على التباطؤ والاستمتاع باللحظات وبالأشياء البسيطة في الحياة، مثل قضاء الوقت مع الأحباء، أو طهي وجبة، أو التنزه في الطبيعة، وبالتالي يمنح الأفراد الشعور بمزيد من الاتصال بأنفسهم، وبالآخرين، وبالعالم الطبيعي، يساعد هذا النهج من الحياة كذلك على استخدام التكنولوجيا بوعي، وهذا يعني استخدام التكنولوجيا للتواصل مع الناس وتعلم أشياء جديدة، ولكن عدم السماح لها بأن تصبح مصدرًا للانزعاج أو التوتر، وفي ذلك يقول أونوريه "إن حجر الأساس في الحياة البطيئة هو تكوين علاقات متوازنة وأكثر إنسانية مع التقنيات الحديثة، يجب أن نتعلم بشكل ما متى يجب أن نمضي قدمًا مع التكنولوجيا ومتى نتمهل قليلًا ونتوقف عنها".

وهنا يمكن القول، أن العيش البطيء ليس أسلوب حياة واحدًا يناسب الجميع، ولا يوجد طريقة صحيحة أو خاطئة للقيام بذلك. الشيء المهم هو العثور على ما يناسبك وإجراء التغييرات التي تشعر بالرضا عنها، ولكن إذا كنت مهتمًا بتجربة العيش البطيء، هناك بعض النصائح التي يمكنك القيام بها للبدء بذلك:
 ابدأ بتحديد المجالات في حياتك التي تشعر فيها بالضغط أو التوتر؛ هذه هي المجالات التي يمكنك البدء في التباطؤ فيها.
 اصنع قائمة بالأشياء التي تهمك أكثر؛ هذه هي الأشياء التي يجب أن تركز عليها عندما تبطئ حياتك.
 ضع بعض الحدود حول وقتك؛ هذا يعني قول لا للأشياء التي ليست مهمة ولا ستأخذ الكثير من وقتك.
 ابحث عن طرق للتواصل مع الطبيعة؛ قضاء الوقت في الطبيعة يمكن أن يساعدك على التباطؤ والتقدير للبساطة في الحياة.
 مارس اليقظة؛ اليقظة هي ممارسة الانتباه إلى اللحظة الحالية دون حكم، حيث يساعدك ذلك على التباطؤ والاستمتاع بالأشياء الصغيرة في الحياة.
باختصار، الحياة البطيئة هي طريقة للعيش تركز على الاستمتاع بالأشياء البسيطة في الحياة، والابتعاد عن السرعة والضجيج، واستغلال الوقت بالصورة المثلى لنا وبالطريقة التي نشعر نحوها بالراحة، بحيث يأخذ كل ما في حياتنا حقه على أكمل وجه سواء العمل أو العلاقات، أو حتى أوقات الفراغ الخاصة بنا، الحياة البطيئة هي أن نشعر بمتعة كل لحظة نعيشها.

تابع مواقعنا