لا تخف من الفشل

إن الخوف بمدلوله العام يمثل أحد عوامل الضعف لدى الإنسان، ويكون سببا في تدمير ثقته بنفسه وزعزعة اطمئنانه، وفي حالات كثيرة، يؤدي الخوف إلى إحباط الفرد وتدمير قدراته وطاقاته.

الخوف يستولي على العقل

ومن المعروف أن الخوف يستولي على العقل ويشغله عن الانشغال باهتمامات أخرى، ويجعل الإنسان دون إرادة منه يشغل باله بالأفكار التي يخافها ويراها مصدر خطر عليه.

وهكذا يصبح الخوف عالقًا في ذهن الإنسان ويمنعه من التفكير الهادئ والموضوعي ويصرفه عن تحقيق أهدافه، وقد يدفع الخوف الإنسان إلى اتباع سلوكيات غير منطقية وغير مرغوبة، مما يفسد علاقاته ويقطع جسور الثقة بينه وبين الناس، فينعزل عن المجتمع.

وهكذا يتضح أن الخوف الزائد وغير المبرر يدمر نفسية الإنسان وقدراته ويشل طاقاته، وبذلك يصبح أداة في يد القوي يحركه كيفما شاء لإرادته.

ومن أخطر ما يمكن أن يخافه الإنسان هو شعوره بأن كل طاقاته وقدراته وإمكانياته مشلولة، هذا الخوف الذي قد يدمر حياته دون أن يشعر، فالإنسان خلق بقدرة كبيرة على الإبداع والابتكار والتفكير، فقد يحمل في داخله كنوزًا من المعرفة والمهارات، لكنه بسبب خوفه يكون مشلولًا عن توظيف هذه الكنوز.

والإنسان الخائف المتردد غالبًا لا يكتشف حقًا ما بداخله من طاقات وقدرات، بل يبقى مكتوف الأيدي لا يعلم ما يستطيع أن يفعله لتحقيق ذاته، لذا فإن الخوف من عدم الوصول وتحقيق الذات هو الأخطر، فهو الذي يمنعنا من أن نكون الإنسان الذي خلقنا الله لنكونه، مما يؤدي إلى تدمير حياتنا وإضاعة أغلى ما نملك وهو قدراتنا وإمكانياتنا وكنوزنا الداخلية التي قد نغير بها وجه الحياة.

ومن أخطر أشكال الخوف الذي يدمر حياتنا هو الخوف من المحاولة والمغامرة، فالإنسان الخائف لا يجرؤ على المحاولة، ولا يحاول أن يخرج نفسه من وضع الكسل والرهبة من المواجهه، فهو يخشى أن تفشل محاولته، فيتمسك بالوضع الراهن ولو كان سيئًا.

والفشل لا يأتي من المحاولة، بل يأتي فقط من عدم المحاولة، فمن لا يحاول لا يفشل، لكنه لا ينجح أيضًا، ولكن الخوف من الفشل يؤدي إلى عدم المحاولة، مما يؤدي بدوره إلى الفشل في الوصول للإنجازات وتحقيق الذات، لذا فإن الخوف من المحاولة والمغامرة والخروج على المألوف هو أحد أخطر أشكال الخوف التي تدمر الحياة.

فلابد من التغلب على هذا الخوف والشروع في المحاولة، حتى لو كانت بداية صغيرة، فكما قيل: "إذا بدأت أن تتغير فأنت حقًا تغيرت".

ختامًا، لا يجب أن يدمر الخوف أحلامنا وطموحاتنا، فإنه بإمكاننا أن نتذكر دائمًا أننا قادرون على التغلب على الصعاب، وأن الخوف ليس إلا إحساسًا وليس واقعًا، فهيا بنا نتغلب على الخوف ونحقق أحلامنا وطموحاتنا.