ما حكم ترك صلاة الجمعة.. هل يخرج المسلم من الملة وما كفارته؟
يجهل بعض المسلمين حكم ترك صلاة الجمعة، حيث يحرص غالبية المسلمين على أداء صلاة الجمعة بآدابها ويعظمون خطبة الجمعة ويترقبون خلال هذا اليوم، ساعة الإجابة التي تحدث عنها النبي صلى الله عليه وسلم.
ونوضح خلال التقرير التالي كيف نتبع هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تعظيم يوم الجمعة وشعائرها ومكانة خطبتها الخاصة وحكم ترك صلاة الجمعة.
حكم ترك صلاة الجمعة
لا يعلم البعض حكم ترك صلاة الجمعة وكم هو عظيم أدائها فقد أنزل الله آية تحذر من التهاون وقت الجمعة بقوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ".
فالأمر الإلهي بترك العمل والتجارة وكل ما يشغل الإنسان عن الصلاة؛ من أجل أداء صلاة الجمعة في جماعتها وسماع خطبتها يؤكد قدرها العظيم عند الله وإثم من يترك هذا النداء.
فضل يوم الجمعة
فضل يوم الجمعة عظيم وهي يوم مقدس لدى المسلمين يبرر فضله الكبير اعتباره أجازة رسمية في الدول الإسلامية في الهيئات والمؤسسات حتى يتسنى لهم الاحتفال بشعائره.
وفضل يوم الجمعة يتمثل في الآتي:
- عيد للمسلمين: له آداب خاصة كالغسل وقص الأظافر والاستحداد، وثوب خاص به، وروى ابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها أن رسول اللهﷺ: “خطب الناس يوم الجمعة فرأى عليهم ثياب النمار فقال: ما على أحدكم إن وجد سعة أن يتخذ ثوبين لجمعته سوى ثوبي مهنته”.
- اليوم الذي ستقوم فيه الساعة: كما جاء في الحديث النبوي "سيد الأيام يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا يوم الجمعة".
- فضل الله به المسلمين: كما جاء في رواية أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللهﷺ قال:“نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَومَ القِيَامَةِ، بَيْدَ أنَّهُمْ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِنَا، ثُمَّ هذا يَوْمُهُمُ الذي فُرِضَ عليهم، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَهَدَانَا الله، فَالنَّاسُ لَنَا فيه تَبَعٌ اليَهُودُ غَدًا، والنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ”. رواه البخاري
- الصلاة على النبي: عند أبي داوود عن أوس بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول اللهﷺ: “إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليّ، قالوا: كيف تعرض عليك وقد أرمت– أي بليت – قال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء. ”
- كفارة للذنوب: ورد عن أَبي هُريرة -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «الصَّلواتُ الخَمْس، والجُمُعةُ إِلى الجُمُعَةِ، كفَّارةٌ لِمَا بَيْنهُنَّ، مَا لَمْ تُغش الكبَائِرُ».
- استجابة الدعاء: لحديث متفق عليه "فيه ساعة إجابة لا يوافقها عبد مسلم يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه الله إياه".
- له سورة باسمه في القرآن الكريم وهي سورة الجمعة.
- قراءة سورة الكهف: فعن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له من النور فيما بينه وبين البيت العتيق".
هل التخلف عن صلاة الجمعة من الكبائر؟
لذا يتساءل البعض هل التخلف عن صلاة الجمعة من الكبائر؟، تجيب عن ذلك لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، حيث أكدت أن صلاة الجمعة فرض عين على كل مسلم، وأنه "لا يصح لمسلم ترك صلاة الجمعة إلا لعذرٍ كمرض أو سفر"، ومن تركها دون عذر ارتكب إثمًا كبيرًا.
وأكدت اللجنة أن من ترك صلاة الجمعة ذكر في حقه وعيد شديد كما في الحديث الشريف: "مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا بِهَا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ" رواه النسائي.
ومن جهته، أشار الشيخ يسري عزام، إمام وخطيب مسجد عمرو بن العاص، إلى أن صلاة الجمعة واجبة على كل مسلم بالغ عاقل تتوافر فيه 7 شروط حددها بعض الفقهاء، وهي "الإسلام، والبلوغ، والعقل، والحرية، والذكورية، والصحة، والاستيطان أي لا جمعة على مسافر".
وأكد أيضًا أن من ترك صلاة الجمعة بدون عذر فهو آثم، مشددًا على تجنب عقاب ذلك بحديث النبي صلى الله عليه وسلم «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ».
من ترك صلاة الجمعة ثلاث مرات
حدد الشرع حكم من ترك صلاة الجمعة ثلاث مرات متتاليات، حيث جاء في المسند وسنن النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ترك ثلاث جمع تهاونًا بها طبع الله على قلبه"، وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لينتهينَّ أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمنَّ الله على قلوبهم وليكوننَّ من الغافلين".
لذلك فإن حكم ترك صلاة الجمعة لمدة 3 أسابيع متتالية يعاقب عليه الله المرء بحرمانه من هذا الفضل العظيم بجعل قلبه قاسيًا لا يلين لذكر الله ويطبع عليه بالقسوة والتي هي عكس الإنابة والتقوى حتى يتوب، فمن ذاق حلاوة الإيمان مرة لن يتجاوزها أو يقسو قلبه لها.
من ترك صلاة الجمعة فقد كفر
إذًا من ترك صلاة الجمعة فقد كفر كما يقول البعض؟، ليس كافرًا كما بين الدكتور محمد عبدالسميع، مدير إدارة الفروع الفقهية بدار الإفتاء، والذي قال إن تاركها إن كان يصلي كل الصلوات ماعدا صلاة الجمعة في جماعة فهو آثم، مشيرًا إلى أنه لا يجوز تركها إلا لعُذر كالسفر أو المرض أو كان في عمل لا يستطيع الخروج منه أثناء الجمعة، فإنه يقضيها ظهرًا.
إلا أن الدكتور محمد عبد السميع في الفتوى المصورة على قناة الإفتاء على يوتيوب، حذر بقوله " محافظة الإنسان على جميع الصلوات وتركه للجمعة لا يجوز، والصلوات التي حافظ عليها تضيع عليه؛ لحبط عمله بتركه للجمعة".
ويرى الدكتور علي جمعة مقطفتي الجمهورية السابق أن من ترك صلاة الجمعة مرتين متتاليتين لا يخرج من الملة لأن الكفر أمر صعب الحكم به لمجرد ترك صلاة الجمعة.
وأشار إلى رأي الإمام مالك الذي قال بإن من ترك صلاة الجمعة 3 مرات بغير عذر تُرد شهادته ولا تقبل، وهو دليل على أن تركها معصية عظيمة، منوهًا بضرورة أن يراجع الإنسان أمر تركه للجمعة ويستغفر الله ويقلع عن المعاصي والذنوب التي جعلته يفعل ذلك.
كفارة ترك صلاة الجمعة
أوضحت دار الإفتاء كفارة ترك صلاة الجمعة حتى لا ينزل عقار الله عليه، حيث قالت دار الإفتاء المصرية، أن المسلم عليه أن يتوب توبة نصوح ويستغفر الله عازمًا على أن يؤدي صلاة الجمعة في جماعة بعد ذلك، مستندة إلى قوله "وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب".
فيما أكدت أن كفارة من ترك الجماعة لعذر مثل أن يكون نائمًا ولم يوقظه أحد وقد فاتته الجمعة، فعليه أن يصلي الظهر أربع ركعات ويستغفر الله، مستدلة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "رفع القلم عن ثلاثة؛ النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل".
متى يجوز ترك صلاة الجمعة ؟
وختامًا نجيب على سؤال متى يجوز ترك صلاة الجمعة؟، حيث أوضحت لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، في فتوى لها أن أربعة يجوز لهم ترك صلاة الجماعة في المسجد يوم الجمعة لوجود عذر شرعي يمنعه من النزول كالمرض والسفر.
واستدلت اللجنة إلى قوله صلى الله عليه وسلم: "الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إِلَّا أَرْبَعَةً: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَرِيضٌ" رواه: أبو داود، وهو ما يحدد جواز عدم صلاة الجمعة للمرأة والتي تعد صلاتها في بيتها أفضل لها، والمريض لعدم استطاعته، والصبي لعدم بلوغه الرشد، والمملوك وهو أمر انتهى في عصرنا.
ونفت اللجنة العذر للمحتلم، لما رواه الإمام النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رَوَاحُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ"، فعليه الاغتسال والتطيب لأداء صلاة الجماعة.