وزير الأوقاف: ما أحوجنا إلى إحياء قيم ديننا ومجتمعنا الأصيلة من المروءة وإكرام الكبير واحترام المعلم
ألقى الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف خطبة الجمعة بمسجد صلاح الدين بالمنيل، في محافظة القاهرة، اليوم 2/ 6/ 2023م، تحت عنوان احترام الكبير، وذلك بحضور الدكتور هشام عبد العزيز علي رئيس القطاع الديني، والدكتور خالد صلاح الدين مدير مديرية أوقاف القاهرة، وجمع غفير من رواد المسجد.
وزير الأوقاف: ديننا يدعو إلى احترام الكبير سنًّا أو مقامًا
وخلال خطبته أكد وزير الأوقاف أن ديننا دين القيم، والأخلاق، والإنسانية، ودين الفطرةِ السليمةِ السويةِ، والفطرةُ السليمةُ السويةُ تقتضي الإحسان إلى من أحسن إلينا، وتقتضي شكر النعمة ومن أجراها الله على يديه، حيث يقول نبينا صلى الله عليه وسلم: "لا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لا يَشْكُرُ النَّاسَ"، وفي الحديث القدسي يقول الحق سبحانه: "عِبَدِيْ! لَمْ تَشْكُرْنِي إِذَا لَمْ تَشْكُرْ مَنْ أَجْرَيْتُ النِّعْمَةَ عَلَى يَدَيْهِ"، ويقول صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ"، وأحق الناس بالشكر بعد شكر الله عز وجل هم الوالدين، حيث يقول سبحانه: "أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ"، وشكر كل من أحسن إليك، فديننا يدعو إلى احترام الكبير مطلقًا سواء أكان كبيرًا في السن أم في المقام، حيث يقول نبينا صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنْ إِجْلالِ اللَّهِ تَعَالَى: إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبةِ المُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرآنِ غَيْرِ الْغَالي فِيهِ والجَافي عَنْهُ، وإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ المُقْسِطِ"، ويقول صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من لم يرحمْ صغيرَنا، ويُوَقِّرْ كبيرَنا".
وأضاف: ورُوي أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى شيخًا كبيرًا من أهل الذمة يسأل الناس، فأخذ عمر بيده وذهب به إلى بيت المال فقال: "انظر هذا وضُرباءه، فو الله ما أنصفناه إن أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم"، وهذا سيدنا موسى عليه السلام كما حكى القرآن في سورة القصص، حيث يقول سبحانه: "وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ"، فسقى لهما لأمرين: صونًا للفتاتين، وإكرامًا لهذا الشيخ الكبير.
وواصل وزير الأوقاف: وهذا سيدنا زكريا عليه السلام يتوسل إلى الله بكبر سنه: "قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا"، وكانت الاستجابة: "يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا"، فالسن له مقامه، والعلم له مقامه، مؤكدًا أن الواجب يقتضي احترام الكبير سنًا، واحترام الكبير مقامًا، ولما قدم سيد الأنصار سيدنا سعد بن معاذ رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "قوموا إلى سيِّدِكم".
وأكمل الوزير: وهذا سيدنا موسى عله السلام يتأدب مع الكبير علمًا العبد الصالح، ويقول له: “هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا”، فما أحوجنا إلى إحياء قيم ديننا ومجتمعنا الأصيلة من المروءة وإكرام الكبير واحترام المعلم أيًّا كان موقعه في مدرسته أو مسجده أو مصنعه، واحترام الآباء والأعمام والأخوال والخالات وكل كبير، فليس منا من لم يوقر كبيرنا.
كما أكد وزير الأوقاف أن الإنسان هو الانسان، وحيث تكون مصالح والعباد والبلاد فثمة شرع الله، وديننا دين الإنسانية، وكان نبينا صلى الله عليه وسلم يقول: "الناسُ معادِنٌ كمعادِنِ الذهبِ والفضةِ، خيارُهم في الجاهلِيَّةِ، خيارُهم في الإسلامِ إذا فَقُهوا"، واختتم وزير الأوقاف خطبته سائلًا الله تعالى أن يهدي أبناءنا وشبابنا وبناتنا وسائر مجتمعنا إلى صالح الأخلاق.