مفيش أكل ولا مياه والجثث في كل مكان.. سودانيون يروون معاناة الحرب وقصة هروبهم لمصر |صور
مفيش أكل ولا مياه والجثث في كل مكان.. هكذا وصف المواطن السوداني جيمس عبدالله 10 أيام عاشها في الخرطرم، خلال الأزمة الذي تمر بها الدولة العربية الآن.
جيمس عبدالله مواطن سوداني في العقد الرابع من العمر، ينتمي إلى الكنيسة الأسقفية الأنجليكانية والتي بدورها تساعد اللاجئين، جاء إلى مصر هاربًا من حرب السودان والتي لم تفرق بين كبير وصغير وبثت القلق بين جميع المواطنين، ومن بينهم جيمس وزوجته فبعد أن سكنا حديثًا في عش الزوجية، جاءت الحرب مهدّدة بتفريقهما ولكن كما ذكر جيمس قول الكتاب المقدس: الذي جمعه الله لا يفرقه إنسان.
روى جيمس لـ القاهرة 24، تفاصيل 10 أيام قضاها في الخرطوم، بين دوي انفجارات ووقع إصابات، قائلًا: جئت إلى مصر منذ يومين فقط، حيث خرجت من الخرطوم إلى جنوب السودان كدولة مجاروة، ومن ثم إلى مصر حيث البلد الآمن.
بشكل مفاجئ وبدون سابق إنذار نشبت الحرب السودانية حسبما ذكر جيمس في حديثه، فكان لا يتوقع أحد أي شئ حتى إن جميع المواطنين كانوا في يوم اندلاع الحرب ذاهبين إلى أعمالهم، وكل منهم إلى جهته بشكل طبيعي، دون إدراك أي شيء لتبدأ أصوات الاشتبكات.
وأضاف المواطن السوداني في حديثه: كل ما كنا ندركه هو سماع أصوات اشتباكات وطلقات نارية، ولمدة يومين أو ثلاثة كل من خرج إلى جهة ظل بها، وبعد مرورعدة أيام بدأنا نبحث عن مخارج وكيف نستطيع الخروج من المنزل حتى نشتري الطعام والمياه، ولكن جميع المحال كانت مغلقة والجميع كان خائفا، وبعد وقت قليل انقطع التيار الكهربائي والمياه وانقطعت معهما الحياة.
وصف جيمس عبدالله معاناة السودانين قائلًا: نقلت ومعي زوجتى إلى مكان آخر به مواطنين بشكل أكثر وكنت أعتقد أن هناك حياة بشكل أفضل ولكنني لم أكن أعلم أنها معاناة أكبر، حيث كنا نقف في صفوف تتكوّن من آلاف السودانيين بنهايتها مضخ للماء حتى نتمكن من ملء زجاجة مياه صغيرة لا تكفي سوى دقائق قليلة، أما عن الطعام فكنا نعتمد عل طعام اليوم وليس لدينا طعام غدًا بل كان البعض منا لا يمتلك طعام اليوم.
مشاهد لا تنسى في الحرب السودانية
وأضاف: من أصعب المشاهد التي لا أعتقد إنني سأنساها في حياتي، هي رؤية الجثث والمصابين ملقاة على الأرض نتيجة الطلق الناري والانفجارات.
وأكمل: بعد مرور 10 أيام من المعاناة قررنا أنا وزوجتى الهروب فورًا، فاتجهنا من العاصمة وحتى جنوب السودان ومن ثم إلى مصر وكانت هذه خطتنا، ولكن حتى الخروج كان صعبا للغاية، وذلك لأن وسائل المواصلات رفعت أسعار تذاكرها إلى 15 ضعف الثمن الأساسي، والبعض الأكثر ليس لديهم المال فالاختيار كان بين المال أو الموت، كما كانت توجد أتوبيسات لا تعمل بسبب عدم توفر الوقود.
وتابع المواطن السوداني: الطريق من الخرطوم وحتى جنوب السودان والحدود كان لمدة 7 أيام متواصلة، وكان طريقنا بدون مياه وطعام وبدون مال وأيضًا لا توجد شبكة اتصال مع أي شخص.
وأردف: بعد أكثر من أسبوع وصلنا آخيرًا إلى مصر، واستقبلونا استقبالا مبهرا وظلوا يطمئنونا ويساعدونا بشكل كبير.
ومن جانبها قالت رينفية وزوجة جيمس عبدالله: جئت إلى مصر منذ 15 يومًا أنا وزوجي وكان تحديا لنا، فحتى الطرق كانت غير آمنة، فالطريق للحدود أخذ 3 أيام وكنا بدون طعام أو مياه وكان وضع صعب جدًا.
وأضافت: كنت خائفة فلا يوجد أي شيء آمن لدينا، لا يوجد ضمان لأي شيء ولكن بعد معاناة طويلة وصلنا لمصر وهي زيارتي الأولى لها، ولكن كان استقبالنا بشكل مرحب به وكان الكل يريد مساعدتنا.
ومن جهته قال القس ياسر كوكو، راعي للكنيسة الأسقفية وإيباريشية مصر إقليم الإسكندرية في الزمالك ومساعد مطران الخدمات السودانية في مصر: مسؤليتي هنا كراعٍ للكنيسة لرعاية السودانيين من فئات مختلفة، والحقيقة عندما سمعنا عن بدء الحرب، كان شيئا صادما لأنه كان لا توجد أي توقعات لحدوث أو وقوع حرب، وهذه أول مرة تحدث حرب داخل العاصمة نفسها، فكان شيئا صادما وكان يُعتقد أن الخرطوم هي المكان الآمن للسودانيين والمواطنين هناك.
وأضاف كوكو في حديثه لـ القاهرة 24: في بداية الأيام كنا نحاول التواصل مع أهلنا هناك لفهم ماذا يحدث ولكن كنا لا نستطيع، ولك ليس لدينا أي طريق سوى الصلاة من أجل السودان والجانبين المتحاربين، ونتمنى أن يلجأ المتحاربان للسلام ولصوت العقل وأن يصمت صوت السلاح، ونأمل أن يحمي الله الجميع من الأسلحة والحروب، فهناك مواطنون مشردون وعالقون على الحدود في السودان ولكننا نصلي من أجلهم.
واختتم راعي الخدمة السودانية: مصر بالنسبة للسودان تعتبر البيت الثاني حيث يشعر السودانيون براحة وأمان في مصر، وفي صلاتنا نطلب من الله أن يعطي نعمة وحكمة للجهات المسؤولة وخاصة الرئيس عبد الفتاح السيسي.