معلومات الوزراء: ارتفاع معدل الفقر جعل العمل الخيري أمرًا حتميًّا على مستوى العالم
سلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بـمجلس الوزراء في تحليل جديد له الضوء على دور العمل الخيري، الذي تقوم به جمعيات وكيانات المجتمع المدني بالتوازي مع المنظمات الدولية التنموية لتكون شريكًا للحكومات المختلفة حول العالم لضمان مستوى حماية اجتماعية ملائم للأفراد في أي مكان، مشيرا إلى أن القطاع الخيري يشهد العديد من الفاعلين وأصحاب المصلحة، ويرجع ذلك لتزايد أعداد حالات الطوارئ الإنسانية وتزايد حدتها.
معلومات الوزراء: ارتفاع معدل الفقر جعل العمل الخيري أمرًا حتميًّا على مستوى العالم
وأوضح المركز في تحليله أن من أبرز أسباب نمو القطاع الخيري في الآونة الأخيرة:
1- ارتفاع معدل الفقر عالميًّا: فنظرًا لتوالي الأزمات العالمية، وآخرها جائحة كوفيد-19 والأزمة الروسية الأوكرانية، فقد ارتفع عدد الفقراء حول العالم ليبلغ نحو 719 مليون فرد عام 2020 مقابل 648 مليونا في العام 2019، قبل تراجعه لنحو 690 مليون فرد في العام 2021.
2- ارتفاع أعداد اللاجئين والنازحين قسرًا: حيث تسببت الصراعات والنزاعات، وانتهاكات حقوق الإنسان، وتوالي الكوارث الطبيعية، في ارتفاع أعداد اللاجئين لنحو 27.1 مليون لاجئ في عام 2021 مقابل 15.9 مليونًا في عام 2000، أي بزيادة تخطت ما نسبته 70% خلال عقدين، كما ارتفعت أعداد النازحين قسرًا إلى نحو 89.3 مليون نازح في عام 2021 مقابل أكثر من 38 مليون نازح عام 2000، أي بتضاعف قارب المرتين والنصف خلال عقدين، وفقا لإحصاءات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وتُجدر الإشارة إلى أن أعداد النازحين قسرًا واللاجئين قد تجاوز 100 مليون فرد، وتجدر الإشارة إلى أنه بنهاية عام 2021، بلغت نسبة اللاجئين الذين تستضيفهم البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل نحو 83% من إجمالي عدد اللاجئين البالغ 27.1 مليون لاجئ، باستثناء اللاجئين الفلسطينيين تحت ولاية الأونروا.
3- ارتفاع الإنفاق الحكومي على برامج الحماية الاجتماعية: حيث يمثل الإنفاق الحكومي على برامج الحماية الاجتماعية حائط صد قوي للأفراد ضد الأزمات المالية، وشهدت السنوات الماضية توسيع نطاق الحماية الاجتماعية في العديد من أنحاء العالم، لا سيما مع تزايد تأثيرات جائحة كوفيد-19 على صحة ووظائف الأفراد، بيد أنه رغم الدعم الدولي عانت العديد من حكومات البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل من صعوبة تكوين حماية اجتماعية متناسبة؛ بسبب قصور التغطية والتمويل وإثقال الميزانيات الحكومية بالأعباء المالية التي تحجم قدرتها على التوسع في برامج الحماية الاجتماعية بشكل كبير.
وأشار التحليل إلى بعض ملامح العمل الخيري في مصر حيث تم إطلاق المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" الهادفة إلى تحسين نوعية الحياة في أفقر المجتمعات الريفية ضمن إطار استراتيجية التنمية المستدامة، رؤية مصر 2030، من خلال الحد من الفقر متعدد الأبعاد ومعدلات البطالة، خاصة أن المبادرة تتضمن 4 محاور، وهي: تحسين مستويات المعيشة، والاستثمار في رأس المال البشري، وتطوير خدمات البنية التحتية، ورفع جودة خدمات التنمية البشرية والتنمية الاقتصادية على وجه الخصوص، وتتبنى تلك المبادرة تطبيق منهج التخطيط التشاركي من خلال دمج المواطنين في مرحلة تحديد الحاجة، إلى جانب مشاركة الحكومة والمجتمع المدني في عملية التنفيذ والمراقبة.
وذكر التحليل أنه بالفعل ظهرت طفرة العمل الأهلي الاجتماعي، والتي تكللت بتوقيع ميثاق "التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي"، في منتصف مارس 2022، والذي يضم الاتحاد العام للجمعيات، وكل الاتحادات الإقليمية والنوعية، بالإضافة إلى مؤسسات وجمعيات المجتمع الأهلي الرائدة والهادفة لأن يكون لها بصمة ملموسة في مساعدة محدودي الدخل، ويستهدف هذا التحالف الأهلي، الأول من نوعه في مصر، التنسيق الفعال وتوزيع الجهود لتقديم الدعم والحماية لملايين الأسر من مستحقي الدعم، بالتنسيق بين أعضاء التحالف والدولة، التي حرصت على تقوية هذا التحالف من خلال تقديم الدعم المالي والفني له، ففي مارس 2023، أطلق التحالف مبادرته المدعومة من الدولة مبادرة "كتف في كتف" لتوزيع ملايين الكراتين من المواد الغذائية، بالإضافة إلى الآلاف من الوجبات الغذائية وقطع الملابس، على الفئات الأولى بالرعاية والأكثر احتياجًا في كافة أنحاء الجمهورية، بمشاركة الآلاف المتطوعين.
وعن متطلبات تعزيز الاستفادة من الجمعيات الأهلية الخيرية، أكد المركز في ختام تحليله إلى أن العمل الخيري للمجتمع المدني ومشاركته للحكومات في توفير الحماية الاجتماعية، أصبح أمرًا حتميًّا على المستوى العالمي، مما يتطلب رفع الكفاءة العملية الإدارية لمنظمات المجتمع المدني القائمة على العمل الخيري، بما يضمن لها إنجاز مهمتها المجتمعية على نحو جيد، وهو ما يتطلب قيام الجمعيات الأهلية بتطبيق نظم الحوكمة ومعايير الامتثال والالتزام والشفافية والإفصاح، بما يضمن تحسين الصورة المجتمعية لها ويحفز الأفراد على دعمها ماليًّا وفنيًّا والتطوع فيها.
كما أفاد التحليل بأن العمل الخيري لم يعد ترفًا بل أصبح عملًا فارقًا في حياة الملايين من الفقراء والمحتاجين، ومؤثرًا بطرق غير مباشرة على حياة الآخرين من غير المحتاجين، عبر حماية المجتمع ككل من مخاطر الفقر، فالعمل الخيري حاليًّا لا يقل أهمية عن تأثير الاختراعات والابتكارات على حياة الشعوب والاقتصادات.