الإفطار الجماعي ملحمة مصرية في مواجهة التحديات الاقتصادية
دائما ما يبهر المصريون العالم ويعيدون اكتشاف أنفسهم من جديد وأنهم قادرون على تحويل المحن إلى منح، فقد شهدت مصر هذا العام ملحمة وطنية شعبية تجسدت في قدرة أهلها وشبابها الواعد في تنظيم موائد الإفطار الجماعي الرمضانية في كل المحافظات وفي كل الأحياء والمناطق المصرية، بالتبرعات والجهود الذاتية.
وأصبحنا نتابع ونشاهد المصريين يوميا وهم يسارعون إلى الخيرات لمؤازرة بعضهم البعض، والذين جعلوا شهر رمضان الفضيل فرصة للخروج من أجواء الكآبة والإحباط إلى أجواء من المحبة والتآلف والتفاؤل، وخلقوا حالة عامة مبهجة مشرفة في الواقع وعلى مواقع التواصل.
وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر في الوقت الحالي، فإن المصريين استطاعوا التغلب على كل الظروف ويبذلون جهودًا كبيرة لتنظيم هذه الإفطارات الجماعية وإعداد الوجبات بأفضل شكل ممكن بمبادرات شبابية وبالمجهود الذاتي بالمساهمة فيما بينهم.
وأصبح الإفطار الجماعي مناسبة للاستمتاع بالأجواء الرمضانية وتخفيف الأعباء عن الفقراء والمحتاجين وأصبح الجميع الغني والفقير على مائدة واحدة لا تعرف أي تمييز، استطاع المصريون وبحق تنظيم موائد الإفطار الجماعي وتقديم الوجبات للمارة وللمسافرين في القطارات وتوزيعها في البيوت والشوارع لكل الناس دون تمييز.
وبصرف النظر عن التحديات الاقتصادية التي يوجهونها من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشروبات، ومع ذلك كان المصريون عند حسن الظن وفاجئوا العالم بتنظيم موائد الإفطار الجماعي بالجهود الذاتية من خلال تقاسم التكاليف والموارد بينهم واستخدام الأدوات القليلة المتاحة لديهم بأفضل شكل ممكن، ومن خلال العمل الجماعي والتعاون شاهدنا ملحمة وطنية مصرية خالصة بأقل التكاليف الممكنة في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بمصر والعالم.
إن تنظيم موائد الإفطار الجماعي بشكل يومي هذا العام تحديدا في مصر يعكس مدى قدرة المصريين على التكيف والتعاون في ظل أقسى التحديات الاقتصادية، فالمصريون يثبتون يومًا بعد يوم أنهم قادرون على تحقيق الأهداف المشتركة، بصرف النظر عن الصعوبات التي يواجهونها، وهذه القدرة على التكيف والتعاون تعكس الروح الحقيقية للشعب المصري وقوته وصموده.
أتمنى في الأيام القليلة المتبقية من الشهرالفضيل أن نشاهد المزيد والمزيد من هذا العمل الخيري الجميل وتسليط الضوء عليه إعلاميا لتعزيز التآلف وأواصر المحبة وإدخال الفرحة والسرور لقلوب الأطفال والشيوخ والنساء في كل ربوع المحروسة، لا يوجد شعب في العالم استطاع أن يفعل ما فعله المصريين هذا العام بهذا التلاحم الشديد بشكل يومي، فاستبقوا الخيرات وسارعوا إليها وكل عام وأنتم إلى الله أقرب.