زكاة الفطر.. حكمتها وبعض أحكامها
زكاة الفطر أو صدقة الفطر: هي زكاة مخصوصة تتعلق بالصيام والفطر منه، وقد شرعت في السنة الثانية من الهجرة عام فرض صوم رمضان، وهي زكاة مفروضة على كل مسلم يملك قوت يوم العيد وليلته، وقد صحت في فرضها عدة أحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ومنها:
1- حديث سيدنا عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما – (فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر، أو صاعا من شعير، على كل حر أو عبد، ذكر أو أنثى من المسلمين).
2- حديث سيدنا عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما: (فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة، فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة، فهي صدقة من الصدقات)، وهذا الحديث الشريف تضمن ثلاثة أمور وبينها، وهى: حكمة مشروعية زكاة الفطر، بيان من تخرج إليهم، بيان وقت إخراجها.
أولا: حكمة مشروعية زكاة الفطر:
بين الحديث أن الغرض من فرضيتها وتشريعها أمران:
أن تكون طهرة للصائم مما وقع منه أثناء الصيام من اللغو والرفث، واللغو: هو الكلام الذى لا خير فيه ولا يحتاج إليه، والرفث هو الفاحش من الكلام، وهي أمور تنقص من ثواب الصائم وأجره عند الله، فشرعت زكاة الفطر جبرًا لما يقع من المسلم في صيامه، وهى أمور لا يسلم منها أحد الا من رحم الله تعالى وبهذا يكمل للعبد ثواب صيامه وأجره كاملا بفضل الله -، وما أشبه صدقة الفطر في جبرها للخلل الواقع في الصيام بسجود السهو - كما قال العلماء - فقد شرع سجود السهو كذلك جبرا لبعض ما يقع من الخلل في الصلاة على سبيل السهو، وقد علمنا رسول الله أحكامه قولا وعملا، وكذلك شرعت بعض الأمور جبرا لبعض ما يقع من المسلم أثناء حجه إذا تلبس ببعض المحظورات التي حذر منها الله ورسوله، فيجبر هذا الخلل بدفع فدية أو ذبح أو إطعام ونحو ذلك.
الأمر الثاني: شرعت زكاة الفطر طعمة للمساكين والفقراء المحتاجين، ولذلك قصرها بعض العلماء عليهم دون باقي مصارف الزكاة الأخرى، وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - حديثه الذى يحث فيه على البر والتكافل والمواساة بين المسلمين، خاصة في هذه الأيام المباركة ومنها يوم العيد الذي هو يوم فرح وسرور فقال -عليه الصلاة والسلام: (أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم) أي اغنوا المساكين والفقراء عن السؤال في يوم العيد، إذ لا يليق بنا كمجتمع مسلم يحيا كالجسد الواحد - أو هكذا ينبغي أن يكون - أن تجد فيه مساكين أو محتاجين يتكففون الناس يوم العيد.
وقت إخراج زكاة الفطر:
يستحب إخراجها قبل صلاة العيد، ويكره تأخيرها بعد الصلاة إلى آخر يوم العيد، ويحرم تأخيرها عنه، لأن هذا يفوت مقصودها، وهو إغناء المساكين والفقراء يوم العيد، ويجوز تقديمها قبل يوم العيد بيوم أو يومين أو أكثر من ذلك، رعاية لمصلحة الفقير وحال الناس، والأمر فيه سعة بين الفقهاء.
- وتخرج زكاة الفطر طعامًا من غالب ما يأكله أهل البلد ويقتاتونه بمقدار صاع من الطعام عن كل نفس من المسلمين والصاع يساوي حوالي اثنين كيلو جرام وربع تقريبًا من القمح أو الأرز أو غيرها، ومن أراد الزيادة على هذا فلا بأس ويكون الزائد صدقة يثاب عليها.
كما يجوز ويجزى، إخراج القيمة نقدا، رعاية لمصلحة الفقير وحال الناس في هذه الأيام، وسبب الخلاف بين من قال بوجوب إخراجها طعاما من غالب قوت أهل البلد، وبين من قال بجواز إخراجها نقدا هو الوقوف على حرفية النص وظاهره والتمسك به، وبين النظر إلى الفرض من زكاة الفطر فهل المقصود هو (الإطعام)، أم (الإغناء)، فمن قال بالإطعام تمسك به، ومن قال المقصود الإغناء نظر إلى تحقيقه بالطريقة التي تناسب وتراعي حال الفقير، ولا شك أن الإطعام لمن كان حاله تستدعيه أوجب وأليق، ولكن هناك فقيرا لا يحتاج طعاما، ربما يحتاج ملبسا أو دواء، وهكذا، وأنصف من توسط بين الرأيين فجعل المعيار هو النظر إلى حال الفقير واحتياجاته.