الأربعاء 27 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

مئوية دستور 1923

السبت 08/أبريل/2023 - 11:21 ص

الدستور هو القانون الأعلى الذي يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة، ونظام الحكم (ملكي أم جمهوري) وشكل الحكومة (رئاسية أم برلمانية) وينظم السلطات العامة فيها من حيث التكوين والاختصاص والعلاقات بين السلطات وحدود كل سلطة والواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات ويضع الضمانات لها تجاه السلطة).

فى 19 أبريل القادم سيمر مائة عام على دستور 1923، ذاك الدستور الذي كان نتيجة رحلة كفاح ونضال عظيمة للشعب المصري وزعماء الحركة الوطنية قاطبة، فلولا الضغط المستمر في مقاومة المحتل الإنجليزي ما حصلنا على تصريح 28 فبراير 1922، والذي بموجبه تم إلغاء الحماية البريطانية على مصر، وخلعت مصر عباءة التبعية للسلطنة العثمانية، وأصبحت دولة مستقلة ذات سيادة.

مئوية دستور 1923

لذا كان من الضروري وضع دستور جديد للبلاد، فمصر من أقدم دول العالم الثالث التي عرفت الدساتير، فقد تشكل أول برلمان مصري عام 1866، وقد تعطل بعد احتلال انجلترا لمصر 1882، لذا يعتبر دستور 1923 أول دستور حقيقي لمصر يوضح طريقة الحكم ويؤصل العلاقة ما بين الحاكم والمحكومين، ولقد جاءت كثير من المواد تدعم الدولة الحديثة التى تدعم الحريات مثل الحرية الشخصية وحرية الإعتقاد والفكر والرأى والإجتماعات وحرية الصحافة من السيطرة من الرقابة او الإلغاء ورسخ قواعد الديمقراطية بمنع التميز والمساوة بين كل المصريين بغض النظر على اللون والعرق والدين وسمح بحرية اقامة الشعائر والزامية التعليم فى المرحلة الأولى وانه مجانى وسمح بحرية تقليد الوظائف لكل أبناء الوطن، ورسخ  دعائم الدولة العصرية، مع ان البعض نظر الى تلك الفترة على انها تقليد اعمى للغرب أو بنظرية انها صنيعة المحتل الإنجليزى ليبعدنا عن هويتنا وديننا ويهدد قوميتنا.

وعندما شرعت اللجنة التأسيسية التى شكلها رئيس الوزراء عبد الخالق باشا ثروت لوضع دستور 1923 والمكونة من ثلاثين عضوًا على رأسهم حسين باشا رشدي وفي قائمتها شيخ الأزهر الشريف الشيخ محمد بخيت، وبابا الإسكندرية الأنبا يؤانس وغيرهم من القامات الشعبية الوطنية والحزبية، وأطلق عليها لجنة الثلاثين بدأت العراقيل توضع أمامها من الملك والحكومة تحاول نسف الدستور وإخراجه بالوضع الذي يتمناه الملك، وهذا لم يتحقق وخرج الدستور رغم أنف الملك ووسط حرص ثروت باشا رئيس الحكومة على تقديمة كما صاغته اللجنة بدون أي تعديل والضغط لسرعة إنهاء المناقشات التي استمرت على مدار ستة أشهر ونصف الشهر و55 جلسة خرج الدستور، والذي حد من سلطات الملك كثيرًا وجعل الشعب هو مصدر السلطات ووضح نظام الحكم بالدستور ملكى نيابي.

ومن غرائب الأمور أثناء مناقشة بنود الدستور هو انسحاب الوفد من اللجنة، وفرح الملك بانسحابه تيمنًا بعدم خروج الدستور للنور، ولكن الوفد انسحب معترضا على أن اللجنة معينة (حكومية) وليست منتخبة ويسهل الضغط عليها لإرضاء من اختاروهم، واعتراضا على المادة 149 من الدستور والتي تقول إن الدين الإسلامي دين الدولة واللغة العربية لغتها الأساسية كان يرى في ذلك هدمًا للدولة المدنية ويتنافى مع حرية الاعتقاد، ووصف اللجنة بلجنة الأشقياء.

ويذكرنا ذلك باعتراض الوفد وزعيمه التاريخي سعد باشا على تصريح 28 فبراير ووصفه بأنه نكبة على مصر، ومع ذلك فاز الوفد عام 1924 بأول انتخابات تشريعية تحت لواء دستور 1923.

 وعندما تم إلغائه بواسطة إسماعيل صدقي باشا في 22 اكتوبر 1930، وتشكيل دستور جديد أطلق عليه دستور 1930 اعترض المصريون بما فيهم تلاميذ المدارس وطلاب الجامعة وجموع الشعب، وقاد الوفد المظاهرات المطالبة بعودة الدستور وإسقاط دستور صدقي، وزاد الأمر تصعيدًا تصريح وزير الخارجية البريطاني بعدم عودة الدستور، فانتفض بركان الغضب لدى المصريين، والمواكب لعيد الجهاد وانتفض الجميع يرفضون تصريح هور ويطالبون بسرعة عودة دستور 1923، وتعرض مصطفى النحاس للتضيق، وتم تخفيض معاشه للضغط عليه، وكذلك الضغط عليه لشطب العقاد من الهيئة الوفدية والذي اتهم وسجن بسب الذات الملكية، وطارد صدقي باشا الوفديين محاولا إقصاءهم وعزلهم من وظائفهم لذا اعتبر النحاس أن الجهاد الحقيقي سيبدأ بتولى صدقي رئاسة الحكومة، ولأنها بدأ بحل البرلمان ثم إلغاء الدستور وتفصيل دستور يتوافق مع أهواء الملك ويوسع من سلطاته، فسعى صدقي للقضاء على كل الوفديين، لذا شمر الوفد بزعامة النحاس وقاد وحرض على المظاهرات حتى في الأقاليم، وتغيرت عدد من الحكومات وسط هذا الصخب المستمر والضغط الشعبي للمطالبة بعودة دستور 23.

وعاد دستور 1923 بموجب الأمر الملكي من الملك فؤاد الأول رقم 142 لسنة 1935، وظل معمولا به حتى كانت حركة الضباط الأحرار، وقيام مجلس قيادة الثورة بإلغائه نهائيا فى10 ديسمبر 1952.

 وتعتبر تلك الفترة أيضا من أهم الفترات في تاريخ الأحزاب السياسية، والتي نعتبرها درة التجارب السياسية أو ما يطلق عليها العهد الليبرالي.

تابع مواقعنا