شيخ الأزهر: المهر في شريعة الإسلام رمز للدلالة على الصدق في الرغبة والوفاء بالوعد
قال الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن النبي صلى الله عليه وسلم يقول خير الصداق يسراه وإن أعظم النساء بركًة، أيسرهن مؤنة.
وأضاف شيخ الأزهر خلال حلقة اليوم من برنامج الإمام الطيب: وقد طبق النبي عليه وسلم هذه السنة، حين زوج أبنته فاطمة رضي الله عنها، فقد روى أبن عباس أن علي عندما تزوج فاطمة رضى الله عنهما وهي سيدة نساء العالمين قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطها شيئًا، فرد ما عندي شئ فقال فأين درعك الحطنية ومعنى الحطنية التي تتكسر عليها السيوف، وأنظر معي أيها المشاهد الكريم، كيف الدرع وهي الشئ البسيط صلحت مهرًا للزواج من سيدة نساء العالمين في الإسلام.
وتابع شيخ الأزهر: فقد زوج صلى الله عليه وسلم، امرأة وقال لها رضيتي من نفسك ومالك بنعلين، قالت نعم فأجاز هذا الزواج.
وأردف: وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال إني تزوجت امرأة من الأنصار فقال له النبي صلى الله عليه وسلم، هل نظرت إليها؛ فإن في عيون الأنصار شيئّا، فرد الرجل قد نظرت إليها، فقال صلى الله عليه وسلم على كم تزوجتها؟ فرد على أربع اواقًا، فقال صلى الله عليه وسلم على أربع أواق كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل ما عندنا ما نعطيك ولكن عسى أن نبعثك في بعثًا تصيب منه، قال فبعث بعثًا إلى بني عبس، بعث ذلك الرجل فيهم.
قانون يحدد المهور عند مستوى مقدور عليه عند عامة الناس
وتابع شيخ الأزهر: ولخطر المغالاة في المهور على بناء الأسرة في المجتمع فكر عمر رضي الله عنه، في سن قانون يحدد المهور عند مستوى مقدور عليه عند عامة الناس ومهد لذلك بخطبة قال فيها: ألا لا تغالوا في المهور صدقات النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله، لكان أولاكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما أصدق امرأة قط من نساءه ولا بناته فوق أثنتي عشر أوقيه، فمن زاد عن 400 شيئًا، جعلت الزيادة في بيت المال، غير أن عمر كما سبق أن ذكرنا لم يلبث أن تراجع عن المضي في تنفيذ فكرته هذه، حين وقفت له امرأة كروشية تقول ليس ذلك إليك يا عمر، فقال ولما؟، فقالت لأن الله تعالى يقول فإن أردتم استبدال زوج بزوج، وأتيتم إحداهن قنطارًا فلا تأخذوا منه شيئًا، فما كان من عمر إلا أن قال اللهم عفوًا أخطأ عمر وأصابت امرأة.
وأردف: ولا يذهبن من الظن إن قوله تعالى، واتيتم إحداهن قنطارًا فلا تأخذوا منه شيئًا، تصريح بجواز زيادة المهور وإباحة المغالاة فيها فهذا ما لا تفيده هذه الآية الكريمة، ذلكم لأن الآية واردة مورد التشديد على أن مهر الزوجه حق خالص لها، ولا يجوز لزوجها أن يأخذ منه شيئًا حتى لو كان الذي أعطاها من المهر قنطارًا من ذهب، فهي على سبيل المبالغة في اختصاص المرأة بحق المهر وليس على سبيل إباحة الزيادة في المهر والمغالاة فيه.
واختتم شيخ الأزهر: ومما يدلنا على أن المهر في شريعة الإسلام هو رمز للدلالة على الصدق في الرغبة والوفاء بالوعد قوله تعالى: وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا﴾ [ سورة النساء: 4]
