رمضان طقوس مصرية وروحانيات ربانية
شهر رمضان شهر الخير والبركات، كل عام ومصر والعالم والإنسانية كلها بخير في شهر الرحمة والبركات.
ففي رمضان تسود البهجة، والتراحم، والمودة بين الجميع، فمظاهر الشهر الكريم تطغى على الجميع.
نستعد لرمضان بالزينات في الشوارع، والمنازل، والمساجد، ويتقدمه فانوس رمضان في تقليد مصري صميم، وممارسة الطقوس من صلاة، وتراويح، وقراءة للقرآن الكريم، والالتفاف في المساجد حول الشيخ لسماع الحديث بعد صلاة العصر، وما قبل صلاة العشاء، وزيارات متبادلة بين الأهل، والأصدقاء، وشراء الياميش، وفي ليلة رؤية الهلال لا ننام بعد أن يتم الإعلان أن أول أيام رمضان غدًا، وتبدأ صلاة التراويح والسحور.
فى مصر طقوس غير اعتيادية في أي بلد آخر، مهما تغير الزمان، وتبدلت الأحوال، يبقى لرمضان في مصر طعم مختلف بكل روحانياته وطقوسه.
مصر من بداية دخول الإسلام لها مظاهرها الاحتفالية، وقبل العهد الفاطمي وبعده كان لها طقوس مازلنا نتوارث معظمها في استقبال شهر رمضان يطول وصفها، قد تكون تغيرت بعد المدنية وعصر التكنولوجيا، ولكن يبقى رمضان في القلب شهر المحبة، والتألف والرحمة والتسابق إلى فعل الخيرات.
وكان الرسول صلى الله علية وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حتى لقبه أمين الوحي جبريل علية السلام (كان أجود بالخير من الريح المرسلة).
وعلينا الاقتداء بسيرة سيدنا رسول الله، وأن نسير على خطاه ونتمسك بكتاب الله وسنته صلى الله عليه وسلم، وأن نكثر من الصدقات، فهي من جليل ما شرعه الله، ومن أفضل الأعمال، وأحبها إلى الله سبحانه وتعالى، وتدفع البلاء، والأمراض، وترفع الشدائد، وتفك الكروب.
وقال سيدنا عمر بن الخطاب (إن الأعمال تتباهى فتقول الصدقة أنا أفضلكم) فما نقص مال من صدقة، وقد قال الله في محكم كتابة (لن تنالو البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم ) فيجب أن نخرج زكاتنا وصدقاتنا وأن نتراحم، وأن يعطف الكبير على الصغير، والغني على الفقير، فالخير في أمة رسول الله إلى يوم القيامة، وأن نعود إلى الله ففي التراحم مودة.
فى شهر رمضان يتسابق الجميع على الخير، الغني، والفقير، ونرى مشاهد رائعة من مواطنين مسلمين ومسيحيين على الطرقات يتسابقون لإفطار صائم على الطريق بتمرات وشربة ماء، ومن يقيمون موائد الرحمن، وما في استطاعتهم، الكل في سباق إلى الخير، يصنعون المعروف بقلوب صافىة، ومحبة خالصة تقربًا الى الله فقد قال رسول الله (من أفطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا).
وقال عليه الصلاة والسلام: (اتقوا النار ولو بشق تمرة).
فرمضان شهر تضاعف فيه الحسنات وترفع فيه الدرجات، ويجب علينا استغلال الشهر الكريم فى تقديم أعمال تقربنا إلى الله سبحانه وتعالي، والمداومة على الفضل، والبذل في الأنفاق فى سبيل الله.
وقال صلى الله عليه وسلم (السخي قريب من الله قريب من الجنة قريب من الناس بعيد عن النار. والبخيل بعيد من الله بعيد من الجنة بعيد من الناس قريب من النار والجاهل السخي أحب إلى الله من عابد بخيل).
فلا تتجنوا على شهر رمضان، وتدينوا الظروف والأوضاع ونقول رمضان جاء في ظل ظروف اقتصادية صعبة على الناس، ووسط غلاء فاحش فى الأسعار، فهذا تجنٍّ على الشهر الفضيل، علينا أن نعود إلى الله، ونتوكل عليه سبحانه وتعالى، وجميعنا على يقين أننا في شهر تتنزل فيه الرحمات وتكثر فيه الخيرات.
فلو أفردنا في الحكايات لملأنا الصحف بقصص تثير الشجون وتدمع العيون، وتلهب الحماسة في العطاء، لما فيها من ثواب عند الله، وعلينا أن نعود إلى إنسانيتنا وأن نتراحم، ونتكافل، ونعين بعضنا البعض، فرمضان شهر كريم غني بالخيرات واليمن والبركات وأن نستمر في تلك الحالة الروحانية لما بعد رمضان وفى كل وقت.
ولقد شاهدنا في استاد القاهرة الحفل الكبير الذي رعاه رئيس الجمهورية، ومعه منظمات المجتمع المدني، في التحالف الأهلي للعمل التنموي، في انطلاق مبادرة كتف في كتف، لرعاية المحتاجين، في تضافر وتكاتف للوصول إلى كل أهالينا وسد عوزهم، ومساندتهم فى الظروف الاقتصادية الصعبة التي نتجت عن الحرب الروسية الأوكرانية، ومن قبلها فيروس كوفيد، ووسط تعاهد على دوام التكاتف والمساندة لبعضهم البعض، تحديا للظروف حتى يكشف الله تلك الغمة، ويعم الرخاء مع البناء والتطلع إلى مستقبل أفضل ومصر ناهضة قوية.
وكل عام وأنتم جميعًا بخير