مسجد أبو الحجاج الأقصري.. تحفة معمارية وشاهد على 3 حضارات | صور
يهل علينا شهر شعبان من كل عام حاملا ذكرى خاصة لكل الأقصريين وخصوصا ليلة النصف من شعبان والتي توافق ذكرى الاحتفال بمولد القطب الصوفي الجليل صاحب الساحة والمسجد الأكبر في الأقصر، سيدى أبا الحجاج الأقصري، والذي يقدر عدد زائريه سنويًا بأكثر من 6 ملايين شخص خصوصًا خلال النصف الأول من شهر شعبان الذي يواكب ذكرى مولده.
من هو أبو الحجاج الأقصري
ولد القطب السُّني الصوفيّ العارف بالله يوسف بن عبد الرحيم بن عيسى الزاهد الشهير بأبو الحجاج الأقصري في بغداد بعهد الدولة العباسيّة والخليفة المقتفي لأمر الله، وكان والده صاحب منصب كبير في الدولة العباسية وينتهى نسبه إلى سيدنا الحسين سبط رسول الله ﷺ.
تعلم الأقصري على أيدي كبار علماء التصوف مثل الشيخ عبد القادر الجيلاني والشيخ أبو النجيب السرهودي، وزامل الإمام شهاب الدين السرهودي، حيث ترك مهنة صناعة الغزل والحياكة وتفرغ للوعظ، ووصل إلى الأقصر أواخر حكم صلاح الدين الأيوبي، وذاع صيته لما عرف عنه من الزهد والورع، وتوفي عن عمر ناهز التسعين في عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب.
مسجد أبو الحجاج منذ أكثر من 700 عام
يعد مسجد العارف بالله أبي الحجاج الأقصري بمحاريبه وأعمدته الفرعونية سحرا خاصا، ما يجعله مقصدا مهمّا للمريدين والسائحين جنبا إلى جنب وتأسس المسجد في عهد الدولة الأيوبية عام 658 هـ - 1286 م.
مئذنة على الطراز الفاطمي
تعلو المسجد مئذنة مبنية بالطوب اللبن طولها 14 مترا، على الطراز الفاطمي وهي من أجمل المآذن الموجودة بصعيد مصر في الوقت الحالي، وأقيمت المئذنة في عهد أبي الحجاج الأقصري نفسه، وتتكوّن من 3 طوابق، وفي أعلاها مجموعة من النوافذ والفتحات، والجزء السفلي المربع مقوّى بأعمدة خشبية، كما أضيفت إلى المسجد مئذنة أخرى في فترة لاحقة.
مسجد ملتقى الحضارات
يعدُّ مسجد أبو الحجاج الأقصري ملتقى لحضارات ثلاث، إسلاميّة وفرعونيّة وقبطيّة، حيث من أسفله أقيمت كنيسة قبطية من الناحية الغربية، علاوة على كونه مقامًا بين أعمدة وجدران الجزء العلوي لمدخل معبد الأقصر الأثري، الذي شيّده الملك الفرعوني رمسيس الثاني.
وتملأ النقوش الفرعونية كل مكان بالمسجد حتى إنّ المحراب تنتشر حوله الجداريات الفرعونية، والسبب يعود إلى أن المسجد أقيم أعلى أطلال معبد الأقصر من الناحية الشمالية بداخل الجزء العلوي والمعبد ظلّ فترة طويلة مُغطى بجبالٍ من الرمال ولا تظهر منه سوى الأعمدة العلويّة فقط، فاختار أبو الحجاج الأقصري الجزء البارز من أعمدة المعبد لإقامة مسجده.
الراهبة تريزا وأبو الحجاج الأقصري
ويوجد ضريحٌ لراهبة قبطية بجوار ضريح العارف بالله أبي الحجاج الأقصري يحرص الأهالي على زيارته وهو ضريح الراهبة تريزا وهى راهبة قبطيّة في كنيسة كانت بجوار المسجد كانت تساعد أبي الحجاج في الإنفاق على طلاّب العلم ورعايتهم والتكفّل بطلباتهم، فأمر الأقصري أن تدفن بجواره بعد وفاتها إكرامًا لها ولجهدها.
عمليات ترميم واسعة
شهد المسجد عمليات ترميم واسعة كان آخرها في عام 2018، لكنْ تبقى عمليات الترميم والتطوير الأوسع في تاريخ الجامع خلال عام 2009 بعد أن تعرّض المسجد لحريق هائل واستمرّ الترميم عامين مُتصلَين وشمل التطوير توسعة ساحة الصلاة وتدعيم القبة وتغيير الأسقف وتم تسجيل المسجد كأثر إسلامي في 21 يونيو 2007.