البداية مع «ابدأ»
في ظل الأزمات المالية والتي تحولت إلى أزمات اقتصادية عارمة تحيط العالم أجمع من شرقه إلى غربه، ومن شماله إلى جنوبه تكاتفت معظم الدول من أجل إنقاذ الكرة الأرضية من الإفلاس، وما يتبعه من أزمات سواء أزمة الغذاء أو أزمة المياه أو الأزمات البيئية المتلاحقة، وسارعت كل دولة بتشكيل غرف عمليات من أجل الحفاظ على حياة شعوبها.
أزمات اقتصادية عارمة
وفي مصر والتي تأثرت بما تأثر به العالم، فبدأت الخطط والسياسات تتجه نحو إيجاد حلول لتلك الأزمات فأطلق الرئيس / عبد الفتاح السيسي مبادرة لدعم وتوطين الصناعات الوطنية؛ بهدف الاعتماد على المنتج المحلي وتقليل الواردات، وذلك من خلال تعزيز دور القطاع الخاص الوطني في توظيف العديد من الصناعات الكبرى والمتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، مع تقديم عدد من الحوافز في صورة أراضٍ بحق الانتفاع، وإعفاء من الضرائب لمدة خمس سنوات، بالإضافة لتقنين الأوضاع للمخالفين وتقديم الدعم الفني والمادي اللازم للمتعثرين.
وأعتقد أن هذه المبادرة ستكون قاطرة مصر للإنتاج، وتعد العلاج الأمثل للعديد من المشكلات الاقتصادية، وعلى رأسها انخفاض العملة المصرية وقلة التصدير مرورًا بعدم تحقيق الدخل المتوقع من السياحة وضعف الموارد الخاصة بتحويلات العاملين المصريين بالخارج، فضلًا عن المساهمة الفعالة في علاج البطالة والتضخم.
والحقيقة بأن مبادرة (ابدأ) وفور إطلاقها من جانب الرئيس عبد الفتاح وهي تعمل على قدم وساق في تنفيذ المخطط والرؤية عن طريق سعيها الدائم لتطوير الصناعة المصرية، والعمل على توطين الصناعة الحديثة – لتقليل الفجوة الاستيرادية وتوفير فرص العمل بمختلف المجالات، كما تسهم المبادرة في تشجيع وتنفيذ أكبر عدد من المشروعات الصناعية ذات القيمة المضافة المرتفعة.
وتعمل المبادرة عن طريق ثلاثة محاور رئيسية – الأولى خاصة بالمشرعات الكبرى والتي تستهدف عقد شراكات مع كبار المصنعين سواء كانت مشروعات قائمة ترغب في تطوير أنشطتها أو مشروعات جديدة، وذلك في إطار زيادة الاستثمارات الصناعية بالشراكة مع الخبراء في القطاعات المختلفة وتشجيع الصناعات المغذية وضمان قدرتها على التوسع.
وأعتقد بأن المبادرة قد نجحت في تجميع المصنعين المتنافسين داخل القطاع الواحد لتوطين صناعات مغذية تتطلب الإنتاج بحجم كبير واستهلاك المنتج من قبل تحالف من المستثمرين المحليين.
وأن ما يدعو للأمل والتفاؤل هو الاستجابة الملحوظة من المصنعين لمبادرة الرئيس، وذلك بتقديم العديد من الطلبات للمبادرة سواء من شركات مصرية أو شركات أجنبية والتي تعمل على نقل التكنولوجيا من 12 دولة.
وقد نجحت المبادرة أيضًا في جذب استثمارات ومستثمرين من اليابان والصين وتايوان وإيطاليا وتركيا لتوطين صناعة مكونات الأجهزة الكهربائية المنزلية، فضلًا عن جذب استثمارات في قطاعات صناعات الأسمدة والمنتجات الكيماوية والمطاط وقطع غيار السيارات ووسائل النقل والصناعات المعدنية والورق ومنتجاته وأجهزة الاتصالات والمحركات والمولدات الكهربائية والمنتجات الجلدية والمعدات الثقيلة، وجميع المشروعات الكبرى التي تعمل مع مبادرة ابدأ مستوفاة لمعايير توطين أحدث التكنولوجيات في الصناعة ونسب مكون محلي مرتفعة ثم زيادتها بشكل تدريجي بما يضمن تقليل الفجوة الاستيرادية والتكامل بين الصناعات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة.
كما أن هناك مشروعات تستهدف تصدير إنتاجها بالكامل، وهو ما يساهم في تقوية العملة الوطنية، ومنها مصنع لإنتاج مادة الصودا وشركة العلمين لمنتجات السيلكون ومصنع فوسفات الكالسيوم ومصنع صمام أمان الغاز ومصنع محركات وسائل النقل الخفيف.
أما المحور الثاني للمبادرة وهو يتعلق بدعم الصناعة، وذلك بتذليل كافة العقبات التي تواجه أصحاب المصانع المتعثرة، من خلال تسهيل الإجراءات مثل الحصول على التراخيص المختلفة، وتقنين المشروعات ومجلس الوزراء وهيئة التنمية الصناعية.
ويأتي المحور الثالث في البحث والتطوير والتدريب، وذلك بتوفير التدريب الفني والمهني والتثقيفي للعمالة المصرية وفقًا للمقاييس الدولية، بالإضافة لتوفير فرص العمل المصرية وفقًا للمقاييس الدولية، بالإضافة لتوفير فرص العمل اللائقة بمعدلات عائد مناسبة تؤمن حياة كريمة للعامل المصري.
فتحية وتقدير للرجال الوطنيين القائمين على إنجاح تلك المبادرة، والتي سيكون لها أكبر الأثر في الخروج من الأزمات الاقتصادية الراهنة.