نقاد: مدحت صفوت يعقد مصالحة بين النقد الأكاديمي واللغة الواضحة في كتابه أشباح الحقيقة | صور
اتفق عدد من النقاد والكتاب والأدباء على أن الناقد مدحت صفوت، استطاع في كتابه الجديد "5X5.. أشباح الحقيقة في السرد القصصي المعاصر أن يعقد مصالحة بين الكتابة النقدية المنتمية لما بعد الحداثة واللغة الواضحة غير الملغزة، فضلًا عن وضوح صوت صفوت النقدي الخاص.
جاء ذلك خلال فعاليات ندوة مناقشة كتاب صفوت، في بيت السناري بالسيدة زينب والتابع لمكتبة الإسكندرية، بحضور أستاذ الأدب المقارن في جامعة حلوان الدكتور صلاح السروي وأستاذ الأدب الحديث في أكاديمية الفنون الدكتور سيد ضيف الله، وأدارت الندوة المذيعة فاطمة السردي، في حضور نحو 70 كاتبًا وأديبًا من مصر والسعودية واليمن وفلسطين والنرويج.
من جهتها، أوضحت فاطمة السردي أن صفوت يواصل ممارسة لعبه النقدي الذي بدأه في كتابه الأول "السلطة والمصلحة" ومن بعده كتابه عن فيلسوف قرطبة ابن رشد.
وقالت المذيعة في قناة النيل الثقافية: مدينة لصفوت بمصالحتي مع موضوعات نقدية، كنت فاقدة الأمل أن أفهمها، مشيرة إلى اللغة الواضحة في كتاب مدحت صفوت على الرغم من صعوبة استرتيجيات ما بعد الحداثة التي يتناولها الكتاب.
واتفق السروي مع السردي في حديثها مبينًا أن المؤلف استطاع أن يصالح بين الكتابة النقدية المتخصصة ولغة واضحة بسيطة تصل إلى عموم القراء، مع طرح تصورات جديدة بخاصة عن مبحث الأطياف أو الأشباح في الأدب المعاصر، وهو الباب الذي لا يزال حديث العهد في عالم النقد الأدبي المعاصر.
على الصعيد ذاته، بيّن الدكتور سيد ضيف الله أن صفوت يقدم طوال الكتاب صوته النقدي الخاص دون استعلاء أو انسحاق لأصوات الآخرين، إنما يعمل على تقديم رؤيته الذاتية بتواضع وثقة، ليقدم رؤية نقدية تخصه متناولًا بجرأة السرد القصصي المعاصر، ومقدمًا مفاهيم جديدة في مسار النقد.
مدحت صفوت يعوض غياب النقاد الكبار
وأضاف ضيف الله أن صفوت يعي تمامًا طبيعة الأدوات التي يستعملها، ليستند في تحليله على استراتيجيات تخاصم المنهجية، دون خشية من اتهامه بغياب المنهج، وهو ما أشار إليه ضيف الله بتخلص المؤلف من "المنهج فوبيا".
والتقط الروائي والقاص أسامة ريان طرف الحديث وأوضح أن صفوت يعوض غياب النقاد الكبار الراحلين، ليصبح لدى الدارسين أملًا في تقديم الجديد ومواكبة التطورات الحديثة في العلوم الإنسانية.
أما الروائي محمد علي إبراهيم فأثنى على اختيار صفوت لعنوان كتابه، الذي يتفق ورؤية المؤلف عمومًا للحياة والأدب والكتابة والنقد، فالأمر لا يعدو أكثر من لعبة، وهو جوهر الفن عمومًا.
من جانبه، قال الناقد اليمني عبد العزيز الزراعي إن صفوت يقدم درسًا نقديًا في استراتيجيات لم تستعمل كثيرًا في الدرس النقدي العربي، ويحمد له استخلاصه للأدوات التي أعملها في قراءة النصوص القصصية مما طرحه رواد التفكيك وعلى رأسهم الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا.
جدير بالذكر أن مدحت صفوت ناقد أدبي وباحث في تحليل الخطاب، عمل محاضرًا زائرًا في جامعة كوبنهاجن بالدنمارك، وحاضر في عدد من المراكز البحثية المصرية، وله كتابان صادران عن الهيئة العامة للكتاب.
ويعتمد "صفوت" في كتابه، الذي كتب مقدمته الناقد الدكتور محمود الضبع، على مقولة الشبحية hauntology التي صكها الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا، متتبعًا "5 أشباح للحقيقة"، اﻷمر الذي يبدو جمعًا بين متناقضين، حقيقة وطيف، وجود ولا وجود، مما يجعل التساؤل عن إمكانية وجود «لا وجود» للحقيقة، التي هي الأنطولوجيا في جوهرها، مشروعًا.
وتمثلت المجموعات، حسب الترتيب الأبجدي للعنوان: "البشر والسحالي" لحسن عبد الموجود، و"خمس ورقات" محمد العريان، و"ست زوايا للصلاة" أميرة بدوي، و"كلنا عبده العبيط" محمود فطين السيسي، و"النوالة" هبة الله أحمد. وتتفق 3 منها في كونها الإصدار الأول لمؤلفها، مع اختلاف أعمارهم، عدا مجموعتي عبد الموجود والسيسي، كذلك حصلت 4 منها على جوائز أدبية مرموقة، عدا مجموعة العريان، كونها إصدارًا حديثًا وقت كتابة الدراسة.
وينطلق صفوت في قراءة المجموعات من أشباح خمس حددها على النحو التالي: الحقيقة تفاصيل، والحقيقة إرث وذاكرة، والحقيقة أحلام وكوابيس، والحقيقة رقم، وأخيرًا الحقيقة تهكمية، فيما يختم الكتاب بالتحويط حول ثيمة أساسية داخل خطابات القصص، أسماها بـ"الاستحضار الإنكاري" conjuring، وهي آلية استحضار الموضوع لا للاحتفاء به، وإنّما لدحضه وتفكيكه.