السبت 23 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

ثقافة حقوق الإنسان

الجمعة 16/ديسمبر/2022 - 05:35 م

لا تقتصر جهود حماية وتعزيز حقوق الإنسان على الإجراءات التنفيذية والتشريعية حيث إن مثل هذه الإجراءات بمفردها لا تكفي لتحقيق مقاصدها. وتحقق هذه المقاصد يرتبط مباشرا بنشر الوعي بثقافة حقوق الإنسان داخل المجتمع المصري. 

وبالنظر إلى الواقع تنبع الكثير من التحديات التي تواجه جهود النهوض بحالة حقوق الإنسان في مصر من ممارسات وعادات ومعتقدات خاطئة منتشرة بالوعي الجمعي للعديد من فئات المجتمع، فعلى سبيل المثال ظواهر كختان الإناث والتشدد الديني والعنف الأسري والعنف ضد المرأة وحتى عدم الحفاظ على نظافة الطرق والمرافق العامة جميعها عادات سيئة تؤثر بشكل بالغ السلبية على قدرة المواطن المصري على ممارسة حقوقه المكفولة بموجب الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، حيث إنها تمس على سبيل المثال لا الحصر حقوق أساسية كالحق في السلامة الجسدية وحرية الدين والمعتقد والحق في بيئة صحية وحقوق المرأة وحقوق الطفل وغيرها.

تستدعي حماية واحترام الحقوق المذكورة سلفا مقاربة شاملة تتكامل فيها الإجراءات والتدابير التنفيذية والتشريعية مع الجهود التوعوية المتعلقة بحقوق الإنسان. فعلى سبيل المثال تغليظ عقوبة التحرش والختان أو غيرها من الممارسات ذات الطابع الاجرامي لن تكون كافية بمفردها للقضاء عليها، ومعالجة هذه المسألة تتطلب تفعيل آليات نشر الوعي والتثقيف عبر تظافر جهود مؤسسات الدولة المعنية ومنظمات المجتمع المدني والصحافة والاعلام والمؤسسات الدينية لمواجهة الموروثات الثقافية السيئة وتصحيح المفاهيم من خلال منظور حقوقي بحت.  

ومن هذا المنطلق أطلق السيد رئيس الجمهورية الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان كخطة عمل وطنية لمواجهة التحديات ذات الصلة بحقوق الإنسان في مصر وخصصت الوثيقة بابًا كاملًا للتثقيف وبناء القدرات في مجال حقوق الإنسان وفيه ألزمت الدولة نفسها بتحقيق أهداف محددة بحلول نهاية الربع الثالث من 2026 تتعلق بنشر ثقافة حقوق الإنسان بالمجتمع وإدماج حقوق الإنسان في مناهج التعليم المختلفة وتدريب العاملين بمؤسسات الدولة المختلفة بما فيهم أعضاء الهيئات القضائية وعناصر وزارة الداخلية على مفاهيم ومبادئ حقوق الإنسان.

ووفقا للتقرير الصادر مؤخرًا عن اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان التي تترأسها وزارة الخارجية حول الموقف التنفيذي للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان بعد مرور عام على إطلاقها، قامت مؤسسات الدولة المختلفة باتخاذ خطوات فعالة نحو تحقيق النتائج المستهدفة المنصوص عليها بالباب الرابع للوثيقة. من بين هذه الجهود قيام عدد من الوزارات مثل التضامن والبيئة والأوقاف بتنفيذ أنشطة ذات طابع توعوي حول مواضيع متعلقة بحقوق الإنسان، وكذلك اهتمام مؤسسات الدولة بتدريب كوادرها على مفاهيم حقوق الإنسان وتجلّى ذلك مثلا في عقد وزارة الداخلية العديد من الندوات والمحاضرات خلال عامي 2021 و2022 بهدف نشر ثقافة حقوق الإنسان في صفوف العالمين بها. 

ويأتي أيضا ضمن الجهود الوطنية لنشر الوعي بقضايا حقوق الإنسان، قيام المجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للطفولة والأمومة بدور فعال في مجال التصدي لكافة أشكال العنف ضد المرأة والطفل بما في ذلك العنف الأسري وختان الإناث عبر عقد ورش عمل ودورات تدريبية مكثفة في كافة المحافظات للتوعية بحقوق الطفل وحقوق المرأة.

وأقدمت الحكومة أيضا على عقد شراكات وتنظيم أنشطة مشتركة لنشر ثقافة حقوق الإنسان بالمجتمع بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان. فعلى سبيل المثال لا الحصر أبرمت وزارة التضامن الاجتماعي شراكات في إطار إنفاذ مبادرة حياة كريمة مع كل من المنظمة العربية لحقوق الإنسان والمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، وذلك بهدف تعزيز قيم المواطنة والتعريف بمبادئ حقوق الإنسان بعدد من محافظات الدلتا والصعيد. كما تنفذ المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سياق متصل عدد من الأنشطة المشتركة مع الهيئة العامة للاستعلامات بعدد من المحافظات بهدف نشر ثقافة حقوق الإنسان.

جميع هذا الخطوات والتدابير التي اتخذتها الحكومة بالتعاون مع المجتمع المدني مؤشر على اهتمام الدولة الصادق بنشر ثقافة حقوق الإنسان. وذلك لأن تعميم هذه الثقافة في البلاد يعزز الأمن والسلم الاجتماعي ويساهم في الوقاية من التطرف والإرهاب وينمي حس الانتماء لدى كافة أفراد المجتمع، أي أن التوعية بارتباط مبادئ حقوق الإنسان بمفاهيم كالدولة المدنية الحديثة والحكم الرشيد ومبدأ المواطنة تجعل المواطن يدرك محورية دوره في الارتقاء بمجتمعه ووطنه وتجعله يشعر بأنه جزء من الكل.

لا بد أن تمضي الدولة ومنظمات المجتمع المدني في جهودها الرامية لتعزيز ثقافة حقوق الإنسان لدي الشعب المصري ويجب أن تتضاعف هذه الجهود خلال الأشهر والسنوات القادمة حتى تضمن الدولة لمواطنيها كرامتهم الإنسانية والحياة كريمة بالجمهورية الجديدة ولا سبيل لذلك دون احترام وتعزيز وحماية حقوق الإنسان بمفهومها الشامل.

تابع مواقعنا