آفاق واسعة للتعاون الصيني العربي في التنمية الخضراء
في الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر، عقد المؤتمر السابع والعشرون للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP27) في مدينة شرم الشيخ الساحلية المصرية. لقد أصبح تغير المناخ أحد أكبر التحديات العالمية التي تواجه العالم اليوم، وتسبب الغازات الدفيئة الناتجة من الأنشطة البشرية في ارتفاع درجة الحرارة العالمية، والذي أدى إلى سلسلة من الكوارث مثل الفيضانات والجفاف والحرارة الشديدة، ما يشكل تحديات غير مسبوقة لحياة البشرية جمعاء وتنميتها.
إن المحاربة لتغير المناخ والسير على طريق التنمية الخضراء هو خيار لا مفر منه للبلدان المسؤولة، بما في ذلك الصين والدول العربية، وتمتلك الصين والدول العربية أساسًا جيدًا للالتحام الاستراتيجي في مجال التنمية الخضراء، وأعلنت الصين السعي جاهدة للوصول إلى ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون قبل عام 2030، وأنها ستسعى جاهدة لتحقيق حياد الكربون بحلول عام 2060، وأطلقت الدول العربية استراتيجيات للتنمية الخضراء مثل مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، ومبادرة صفر انبعاثات بحلول 2050، والتي على أساسها نفذ الجانبان سلسلة من العمليات التي وفرت إرشادات ودعمًا مهمًا للبناء المشترك عالي الجودة للحزام والطريق، والانتعاش الاقتصادي بعد وباء كوفيد -19.
التعاون في مجال الطاقة النظيفة بين الصين والدول العربية مثمر.
في الوقت الحاضر، أصبحت صناعة الطاقة النظيفة دعما مهما لبناء حزام وطريق أخضر بجودة عالية بين الصين والدول العربية، وقام الجانبان معا ببناء أكبر محطة للطاقة الشمسية الحرارية في العالم، وأول مشروع محطة توليد كهرباء تعمل بالفحم النظيف في منطقة الشرق الأوسط. وقد حققت المشاريع بمشاركة الشركة الصينية نتائج مرضية، مثل محطة الخرسعة الكبرى للطاقة الشمسية في قطر، ومشروع الطاقة الكهروضوئية بقدرة 24 ميجاوات في الأردن، والمرحلة الخامسة من حديقة محمد بن راشد الشمسية في دبي، ومشروع البحر الأحمر السعودي الشامل للطاقة الذكية. وتمتلك الدول العربية ما يكفي من الأراضي ورؤوس الأموال، وقدرة صناعية معينة، وموارد طاقة شمسية وطاقة رياح عالية الجودة، ومزايا جغرافية بالقرب من المياه، كما صاغت معظم الدول العربية خططًا لتطوير الطاقة المتجددة، ما خلق ظروفًا مواتية لتعميق التعاون الصيني العربي في مجال الطاقة المتجددة. وبالنظر إلى المستقبل، فإن التعاون الصيني العربي في مجال الطاقة سيبشر بمرحلة جديدة، وسيثمر التعاون في مجال طاقة الهيدروجين رياحًا جديدة.
التعاون في مجال طاقة الهيدروجين يثمر رياحًا جديدة.
ووفقًا للبرنامج التنفيذي لمنتدى التعاون الصيني العربي بين عامي 2020 - 2022، ستعزز الصين والدول العربية سبل الاستفادة من تطبيقات الهيدروجين الأخضر في إمدادات الطاقة، والاستفادة من الخبرات الصينية الرائدة في هذا المجال عن طريق دراسات وورش عمل، التي ستضع أساسًا جيدًا للتعاون المستقبلي بين الجانبين في مجال الهيدروجين الأخضر. تتطور تكنولوجيا ومعدات الطاقة الهيدروجينية في الصين بسرعة، وبدأت المنطقة الشمالية الغربية في الصين باستخدام الطاقة الشمسية لإنتاج الهيدروجين الأخضر، كما بدأت الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وموريتانيا وعمان ودول عربية أخرى في إطلاق استراتيجيات الهيدروجين الأخضر، والاستثمار بحجم كبير، وبناء المصانع ذات الصلة، وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال المائدة المستديرة «الاستثمار في مستقبل الطاقة: الهيدروجين الأخضر» التي عقدت في 8 نوفمبر، إن استراتيجية مصر للطاقة المتكاملة والمستدامة تهدف للوصول إلى نسبة 42% للطاقة المتجددة من مزيج الطاقة الكهربائية في مصر بحلول عام 2035، ويعد الهيدروجين الأخضر أحد أبرز الحلول على صعيد التوجه نحو الاقتصاد الأخضر في السنوات القادمة. يمكن لكل من الصين والدول العربية الجمع بين مزاياها واحتياجاتها في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر، ومواصلة تعميق التعاون، وقيادة الطريق لتحويل التعاون في مجال الطاقة بين الجانبين.
التعاون الاقتصادي الأخضر بين الصين والدول العربية في تقدم.
يستمر التعاون الاقتصادي الأخضر بين الصين والدول العربية في التقدم، وقد بدأ التعاون الصيني العربي في مجالات المباني الخضراء والنقل الأخضر وغيرها من مجالات البنية التحتية الخضراء، على سبيل المثال، نظام تجميع مياه الأمطار في مدينة مطرة الجديدة بالكويت، ومشروع تحلية المياه في منطقة الطويلة بأبو ظبي في الإمارات، ومشروع منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة في مصر، واستاد لوسيل، الملعب الرئيسي لكأس العالم في قطر، وما إلى ذلك، استخدم معظم المشاريع تكنولوجيا البناء الأخضر المناسب للدول النامية التي ابتكرتها الصين، ما أرسى أساسًا جيدًا للتعاون الصيني العربي في التنمية الخضراء.
أما في مجال النقل بالسكك الحديدية، تواصل الصين والدول العربية السعي لتحسين كفاءة الطاقة وخفض انبعاثات الكربون من خلال تطوير منظومة السكك الحديدية المكهربة وتطبيق التكنولوجيا الخضراء، في وقت مبكر من أوائل ديسمبر 2014، وقّعت وزارة النقل المصرية مذكرة تعاون مع AVIC بشأن بناء السكك الحديدية المكهربة، وتصميم وبناء القسم الأول من السكك الحديدية المكهربة بطول إجمالي يبلغ 80 كيلومترا لمصر. وقّعت شركة BYD الصينية، أكبر شركة لصناعة السيارات الكهربائية في العالم، الاتفاقية مع مدينة مصدر أبو ظبي في عام 2016 لتسويق أنظمة النقل النظيف وتخزين البطاريات.
تعاون التمويل الأخضر القوة الدافعة لتعاون الاقتصاد الأخضر الصيني العربي في المستقبل.
سيصبح تعاون التمويل الأخضر القوة الدافعة لتعاون الاقتصاد الأخضر الصيني العربي في المستقبل، وتعد الصين أول دولة في العالم تضع تصميمًا رفيع المستوى للتمويل الأخضر، الذي حقق قفزة في التنمية في السنوات القليلة الماضية، مع مزايا حجم السوق الضخم ونظام السياسات الناضج. كما تدعم الدول العربية التمويل الأخضر لتعزيز التنمية الخضراء والقدرة على الاستدامة الاقتصادية والمرونة الاجتماعية للمخاطر، على سبيل المثال، أصدرت الإمارات إعلان دبي بشأن التمويل المستدام وإعلان أبو ظبي بشأن التمويل المستدام وغيرهما من الوثائق، وبدأت المملكة العربية السعودية في تقديم قروض دعم ائتمان الصادرات الخضراء وتوقيع وثائق التعاون مع البنوك عن التنمية المستدامة وESG، وأطلقت مصر برنامج السندات الخضراء ووسعت نطاق التمويل الأخضر والمستدام. ويمكن للصين والدول العربية تعزيز التعاون في مجال التمويل الأخضر من خلال المؤسسات المالية الدولية مثل بنك التنمية الجديد والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، ودعم المنظمات المالية الدولية والشركات متعددة الجنسيات لإصدار سندات خضراء وتنفيذ استثمارات خضراء في الصين، ما يعزز تنمية الاقتصاد الأخضر الثنائي، من خلال العمل معا على بناء مستقبل أخضر ومنخفض الكربون ومستدام.
تعميق التعاون بين الجانبين في مجال حماية البيئة.
وقد تم تعميق التعاون بين الجانبين في مجال حماية البيئة، فهي أساس بقاء الإنسان وتنميته. وأشار رئيس الصين شي جين بينغ إلى أن الجبال الخضراء والمياه النقية هي جبال من ذهب وجبال من فضة، وحماية البيئة هو حماية القوى المنتجة، وتحسين البيئة هو تطوير القوى المنتجة. وفي الوقت الحاضر، يتركز التعاون الصيني العربي لحماية البيئة في مجال مكافحة التصحر.
ومنذ عام 2006، استضافت منطقة نينغشيا 12 دورة تدريبية بشأن تكنولوجيا منع التصحر ومكافحته في البلدان العربية، ودورة تدريبية واحدة عن المكافحة الشاملة لانجراف التربة، ودورة تدريبية عن تكنولوجيا منع التصحر ومكافحته في الجزائر. في يوليو 2021، تعاونت شركة إنسيلادوس لتقنية الفضاء (هانغتشو) مع المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، باستخدام الأقمار الصناعية بشكل شامل لتوفير بيانات متعددة المصادر وتكنولوجيا معالجة بيانات الذكاء الاصطناعي لمساعدة السعودية على تنفيذ مبادرة «السعودية الخضراء».
وقال ناصر بوشيبة، رئيس جمعية التعاون الإفريقي الصيني للتنمية بالرباط: لقد تعلمنا من تكنولوجيا وخبرة الصين في مجال إدارة الصحراء، ونجحنا في إنشاء مزرعة تجريبية زراعية صينية إفريقية في منطقة الصحراء الكبرى في جنوب شرق المغرب. ومن المأمول فيه أن تفيد هذه التجربة الناجحة المزيد من البلدان في الشرق الأوسط وإفريقيا في المستقبل، ما يجلب الأمل في الحد من الفقر والتنمية.
في المستقبل، يمكن للصين والدول العربية مواصلة تعميق التعاون في منع التصحر ومكافحته، وتعزيز التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف في حفظ التنوع البيولوجي ومنع التلوث ومكافحته، وزيادة فرص التعاون في المجالات المختلفة مثل توجيه التوعية العامة، وتعزيز التحول النظيف للصناعة التقليدية، وتطوير صناعة حفظ الطاقة وحماية البيئة، وإعادة تدوير النفايات.
وفي المستقبل، يتعين على الصين والدول العربية أن تتخذ من اللون الأخضر لونًا أساسيا للتنمية بعد الوباء، وتعزيز تقاسم المفاهيم والتكنولوجيات الخضراء، وتقاسم ثمار التنمية الخضراء، والترويج المشترك لتحويل التعاون في مجال الطاقة، وتشجيع الصناعات الخضراء، وتطوير الاقتصاد الأخضر، وتعزيز التعاون في الصناعة والتمويل والاستهلاك للتحول إلى تعاون حماية البيئة منخفضة الكربون، والتي تقدم مساهمات أكبر لتحقيق أهداف خفض الانبعاثات الكربونية وبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.