السبت 23 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

أسئلة حول أدب التجربة الحربية في أكتوبر 73

الخميس 06/أكتوبر/2022 - 12:11 م

لن يدهش الراصد للإبداع الأدبي خلال معارك أكتوبر73، ما قبلها وما بعدها حتى الآن من كم ما نشر، إبداعيا ومن مقالات ودراسات، ومع ذلك أظن أنه لم يلق الاهتمام النقدي والبحث الواجب، بينما إبداع أدب التجربة الحربية هو ذاكرة الشعوب للأجيال الجديدة، وحصن الشعوب في مواجهة الصراع المتجدد دوما.

لم يكن إبداع التجربة الحربية في أكتوبر73 قاصرا على مصر وحدها، فقد شارك الإبداع الأدبي في سوريا وفلسطين والأردن ولبنان، بل في العراق والجزائر وبدرجات متفاوتة، وهو ما يشير إلى أهمية هذا الحدث المفصلي في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلى.

الآن وبعد مرور تسعة وأربعين عاما على اندلاع المعارك، تثار العديد من الأسئلة، منها: من يكتب حول تلك الحرب؟، لماذا لم يكتب العمل الخالد المناسب لقامة انتصار أكتوبر؟!.. أي أن الإبداع المعبر عن ﺇنجاز انتصار أكتوبر لم يكتب بعد؟

إن التجربة الحربية ليست قاصرة على الجنود بالخنادق وفي الطائرات، بل تعتبر هذه التجربة تحديدا من أهم وأخطر التجارب التي يمكن أن تعيشها الشعوب والأفراد معا، وهي ليست تجربة عامة وحسب، بل تعد من أهم التجارب الخاصة التي يعيشها الأفراد.. من هذا المعنى فان الأم أو الزوجة التي هي في انتظار ابنها أو زوجها الرابض على جبهة القتال، تعد من أشد التجارب إنسانية، والتي يمكن أن توصف بأنها تجربة خاصة وعامة. 

وهناك قصص رصدت مشاعر الأطفال وأحوالهم خلال فترة المعارك.. ثم هناك لهفة العامة في المدن والقرى لمتابعة الأنباء التي تذاع وتنشر عن سير المعارك وأحوال الجبهة.. وتتعدد زوايا الرؤية عند المبدع، وكلها تعبر بصدق عن التجربة الحربية، ويعد من أدب الحرب، وهو ما تم بالفعل مع تجربة أكتوبر73.

أما مقولة أنه لم ينشر العمل الأدبي له قامة اﻹنجاز العسكري، ربما لقصور في متابعة المنتج الأدبي سواء في الشعر أو الرواية أو القصة.. ربما عندما نطالع تلك الأعمال بعين فاحصة نجد ما يستحق التقدير!.. هذا جانب.                                            

الجانب الآخر والهام، أن معارك أكتوبر في حقيقة دورها التاريخي والحربي، خطوة هامة، لكن الصراع باق ولم ينته بعد، ولم تحسم قضية ااحتلال الإسرائيلي للأرض العربية، ولا الاستيطان على الأرض الفلسطينية، فالملاحظ أن ما راج وانتشر وبمعاونة وسائل الإعلام العالمية، هو تعبير عن حروب حسمت، هناك المنتصر نصرا نهائيا والمنهزم بلا رجعة، وعندما كتب ليو تولستوي روايته الحرب والسلام كتبها بعد انقضاء أربعين سنة من انتصار الروس على اليابان، وحسم أمر الصراع بين المتحاربين، وكذلك الحال في أغلب ما راج بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية.

ربما في مجال الإبداع الشعري، غالبا ما نجد القصائد المتوهجة ثورة على المعتدي، سواء في الشعر الفرنسي، بعد الغزو الألماني لأراضيها، أكبر مثال على ذلك. 

هكذا الشعر والشعراء، يتقدمون الصفوف، ربما لخصوصية التقنية الشعرية، على العكس من الرواية التي هي في حاجة إلى وقت أطول، وحنكة! 

ومن يظن أن الإبداع الحربي في أكتوبر73، قاصرا على فترة المعارك خلال شهر أكتوبر.. يخطئ في فهم ما كان منذ  يونيو 67 أى فى شهر النكسة بدأت معارك حرب الاستنزاف، معركة رأس العش.. ثم ضرب المدمرة ايلات ثم ضرب ميناء ايلات ثم تفجير خط سكك حديد القاهرة العريش وحقل بلاعيم للبترول وغيرها

فقد أعلن الإنسان المصري منذ الملاحظات الأولى من النكسة، رفضه للهزيمة، واستعداده لمتابعة المعارك حتى ﺇسترداد كامل الأرض، وإعادة الحق المغتصب، وهو ما تحقق بالفعل، بعض منه. فهناك الكثير مما يمكن أن يقال عن البطولات الفردية، وللوحدات الصغيرة، ولمعارك الطائرات فوق سماء الدلتا، وتشييد منصات صواريخ سلاح الدفاع الجوى، لبناء حائط الصواريخ الشهير.. وغيرها. 

كان تدمير المدمرة إيلات بالزوارق الصاروخية الصغيرة، الأقل تسليحا والأصغر حجما، يعد إنذارا مبكرا لنا إليهم، ودليلا على جدية الإرادة والرغبة في الاستعداد، وما كانت معارك أكتوبر سوى المحصلة الأخيرة لكل ما سبق أن ﺇستعد به ومارسه الجندي المصري.

لذلك كله تعد التجربة الحربية في أكتوبر73 والتعبير عنها، يتضمن أحداث نكسة يونية67 وما استتبعها من أحداث حتى أكتوبر73م، بكل التفاصيل حتى استرداد كامل أرض سيناء.  

 أما وقد حدثت النكسة في عام 1967م، ثم كانت حرب الاستنزاف بعد تهجير سكان مدن القناة، ثم معارك أكتوبر 1973م.. كلها تكفلت بجيل كامل بدأ معها وما زال يعطي على الساحة الأدبية وقد رسخت أقدامه. 

منهم في القصة والرواية: فؤاد حجازي- يوسف القعيد- السيد نجم- جمال الغيطانى-إبراهيم عبد المجيد- فؤاد قنديل- قاسم مسعد عليوة- رجب سعد السيد-- علاء مصطفى- محمد الراوي- فتحي امبابى- سمير عبد الفتاح- مصطفى نصر- سعيد بكر- أحمد حميدة – قاسم مسعد عليوة- محمد عبد الله عيسى- سيد الوكيل- ربيع الصبروت- سمير الفيل.. وغيرهم.

كما شارك الشعراء: صلاح عبدا لصبور- أمل دنقل- عبد العزيز موافي- أمجد ريان- حلمي سالم- عبدالمنعم رمضان- أحمد عبدالمعطى حجازي- فاروق جويدة، وعدد آخر يفوق أعداد كتاب القصة والرواية. 

مما سبق يمكن التأكيد على عدد من الحقائق: أن التجربة الحربية في أكتوبر73، لها تأثيرها الفاعل والدائم على الإبداع الأدبي.. لم تكن زاوية الرصد للمبدع المصري مكتفية بالجانب المباشر من أدب التجربة الحربية، بل هناك العديد من الروايات والقصص والقصائد التي تتسم بالفنية والتقنية العالية.. لعبت التجربة الحربية فى أكتوبر73م، دورها الأكيد في إثراء الإبداع الشعري والنثري.. وهناك من الأسماء من أخلص للتجربة ومازال يعطي في مجالها باعتبارها تجربة جيله (عفوا لمن لم نذكر اسمه، نحن في حاجة ﺇلى ببليوجرافي لحصر تلك الاسماء.. وهذا حق لهم وواجب وطنى على المؤسسات الثقافية كلها).

تابع مواقعنا