سفير ألمانيا: هناك تاريخ طويل من التعاون مع مصر.. وندرك أهمية المياه وملف سد النهضة للقاهرة │حوار
يرى فرانك هارتمان السفير الألماني بالقاهرة، أن هناك علاقات تاريخية بين مصر وألمانيا على مدار التاريخ، حيث تجمع البلدين مشاريع وتعاون في مختلف المجالات.
وأعرب السفير الألماني خلال حوار خاص مع القاهرة 24، عن رغبة ألمانيا في القيام بدورها الكامل تجاه مكافحة التغيرات المناخية وإنجاح قمة المناخ Cop27 التي من المقرر عقدها في شرم الشيخ خلال شهر نوفمبر المقبل، فضلًا عن مجالات التعاون بين برلين والقاهرة في هذا الصدد.
كما أعرب السفير الألماني عن دعم بلاده لإيجاد حلول سلمية لأزمة سد النهضة، مؤكدا أن بلاده تدرك أن الماء سلعة أساسية خاصة لمصر.
وإلى نص الحوار..
بالنسبة لمؤتمر COP27 الذي تستضيفه مصر نوفمبر المقبل بشرم الشيخ.. ما هي توقعاتكم لهذا المؤتمر؟
يأتي المؤتمر في وقت حرج، إذ يمكننا أن نرى ونشعر بالآثار الكارثية لتغير المناخ في كل مكان على هذا الكوكب، علاة على ذلك، فقد كشفت أزمة الطاقة التي سببتها الحرب العدوانية الروسية ضد أوكرانيا، أن الاعتماد على الوقود الأحفوري ليس حلا على المدى الطويل، ليس هناك شك في أن تغير المناخ هو التحدي الأكبر في عصرنا الحالي، وفي COP27 سيجتمع العالم معًا لوضع خارطة طريق للتعامل مع هذه المهمة العالمية الضخمة، ولن تكون هذه مهمة سهلة.
سيكون علنيا جميعًا مضاعفة جهودنا والتزامنا بتحقيق هدف الحفاظ على الاحترار العالمي ضمن نطاق 1،5درجة من أجل تقليل تأثير وأضرار تغير المناخ، وفي هذا السياق، تلتزم ألمانيا بالوفاء بنصيبها والتأكد من تحمل الدول الصناعية مسؤولياتها.
وهذا يعني الوصول أخيرًا إلى هدف 100 مليار دولار لتمويل المناخ ومضاعفة تمويل التكيف الجماعي من مستوياته في 2019، ولكن لأن المال وحده لن يحل المشكلة، نأمل أن نرى خطط عمل وطنية طموحة في هذا الصدد، كما نؤمن بضرورة وميزة التبادل الوثيق بين صانعي السياسات والجهات الفاعلة الأخرى مثل المجتمع المدني واللاعبين الاقتصاديين والعلماء.
هناك تعاون وثيق بين مصر وألمانيا في مكافحة تغير المناخ.. ماذا تقول في هذا الصدد؟
تتمتع ألمانيا ومصر بتاريخ طويل من العمل معًا فيما يتعلق بالبيئة وتغير المناخ، فمن خلال التعاون بين العديد من الشركاء المصريين المتفانين والمثابرين ومنظمتينا المنفذتين،المؤسسة الألمانية للتعاون الدولي GIZ وبنك الإئتمان لإعادة الإعمار KFW، أنجزنا، على مر السنوات، العديد من المشاريع التي تتدرج من محطات الطاقة الكهرومائية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح لإدارة النفايات، نحن ندعم مصر في مختلف المجالات لتحقيق تحديث استدام أخضر بهدف تحسين الظروف المعيشية للناس.
بالإضافة إلى ذلك، هناك، بالطبع، العديد من الشركات الألمانية التي تركز بقوة على تقديم الحلول المستدامة والتقنيات المتوجهة للمستقبل، فنظام القطار الكهربائي عالي السرعة من سيمنز وخطط استكشاف مجال الهيدروجين الأخضر هي مجرد أمثلة تُظهر إمكانات التعاون الألماني-المصري.
لكن من المؤكد أن مكافحة تغير المناخ ليست مهمة تتعلق بالتنمية والتعاون الاقتصادي فحسب، بل هي أيضًا تحدٍ اجتماعي وتعليمي، لذلك فإن شركائنا في هيئة التبادل الأكاديمي الألمانيDAAD ومعهد جوته ومؤسساتنا السياسية نشطون للغاية في هذا المجال أيضًا، ومن خلال منتدى القاهرة للتغير المناخي Cairo Climate Talks" (CCT)، أنشأنا منصة فريدة لتبادل الخبرات وزيادة الوعي وتعزيز التعاون بين صانعي السياسات وقطاع الأعمال والمجتمع العلمي والمجتمع المدني.
كيف تؤثر أزمة الطاقة العالمية على ألمانيا خاصة فيما يتعلق باستخدام الفحم.. وما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه مصر والشرق الأوسط في التخفيف من حدة الأزمة على ألمانيا؟
قبل الحرب العدوانية الروسية على أوكرانيا، كان حوالي 55٪ من الغاز المستخدم في ألمانيا يأتي من روسيا، ونتيجة لذلك، تتأثر ألمانيا الآن وبشدة بفعل تلاعب موسكو بالفحم والغاز والنفط، وفي ظل هذا الوضع، نعمل وبسرعة فائقة على تنويع مصادر الطاقة لدينا واستغلال التقنيات الجديدة، مثل الهيدروجين الأخضر.
إن تعزيز تعاوننا في مجال الطاقة مع الشركاء الدوليين هو عنصر أساسي في هذه العملية ومن ثم يمكن للشرق الأوسط ومصر لعب دور مهم في هذا الخصوص، أيضًا، تُظهر أزمة الطاقة الحالية وبشكل جذري كيف أن الاعتماد على الوقود الأحفوري يمكن أن يضعفنا.
وعلى أية حال، فإن الطاقة الخضراء على المدى الطويل، هي السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والأمن سياسيًا وعلى المستوى المتعلق بالمناخ، لذلك فإن ألمانيا ملتزمة، كما كانت دائما، بتحقيق طموحاتها المناخية.
نحن نبذل كل ماهو ممكن لتجنب سيناريو قد نضطر فيه كملاذ أخير إلى التراجع عن إطالة أمد تشغيل محطات الفحم كإجراء مؤقت، ومع ذلك، فإن هذا لا يغير خططنا فيما يتعلق بتحول الطاقة واستعدادنا لتحمل مسؤوليتنا في مكافحة تغير المناخ.
من وجهة نظرك.. كيف تؤثر الصدامات العالمية الكبرى مثل الحرب في أوكرانيا وأزمة الغذاء على العمل المناخي الدولي؟
تغير المناخ هو أكبر تهديد أمني في عصرنا ومن ثم، فإنه يتطلب عملًا فوريًا ومشتركًا على المستوى العالمي، إلا أنه من المؤكد أن أحداثًا مثل الحرب العدوانية الروسية ضد أوكرانيا التي مزقت العلاقات وانتهكت القانون الدولي لا تجعل هذه المهمة الضخمة أكثر سهولة ويسرا.
فقد تسبب استخدام موسكو للغذاء والطاقة كأسلحة في حربها الهجينة في حدوث أزمة عالمية أدت إلى تفاقم العديد من المشاكل الحالية وأثرت بشدة على البلدان والفئات الاجتماعية الضعيفة في جميع أنحاء العالم.
إن التعامل مع هذا الوضع يجعل من الصعب تعبئة الموارد الدولية التي نحتاجها بشكل عاجل في كفاحنا المشترك ضد تغير المناخ، ومن ناحية أخرى، فقد تضخم هذه الصدمة العالمية أيضًا دعوة الاستيقاظ فيما يتعلق بتغير المناخ: ففي ألمانيا، أدركنا بشكل مؤلم إلى ماذا أوصلنا الاعتماد على الوقود الأحفوري ؛ فقد باتت مسألة تحول الطاقة أكثر إلحاحًا وأضحت إرادتنا لتسريع هذه العملية أقوى من أي وقت مضى، وكما قالت وزيرة الخارجية بيربوك: كل سنت يتم إنفاقه على الخلايا الشمسية ومزارع الرياح وأنظمة الهيدروجين الخضراء هو استثمار في أمننا.
كيف ترى جهود مصر في مجال حقوق الإنسان والحوار الوطني؟
نحن مقتنعون بأن وجود مجتمع مدني قوي واحترام حقوق الإنسان يعمل على استقرار المجتمعات والدول ويحميها من التطرف، وفي هذا السياق، فمنظمات المجتمع المدني هي جهات فاعلة أساسية، يجب الاعتراف بمساهمتها في الخطاب والتقدم الاجتماعي ودعمها.
نحن نتابع الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان المصرية وكذلك المناقشات الحية حول الحوار الوطني، ومن وجهة نظرنا، هناك ضرورة لأن تتحول هذه المبادرات إلى تدابير ملموسة ونتائج محسوسة.
من جانب المواطنين المصريين أيضا، يجب الإصغاء إلى الأصوات التي تولي أهمية لحرية التعبير وحرية الصحافة وحقوق الإنسان الأخرى في إطار الحوار الوطني، ويجب أن تنعكس هذه المبادئ أيضًا من خلال إجراءات على الأرض للحفاظ على مصداقية نهج الحوار الوطني.
ما هو موقف ألمانيا من سد النهضة؟
نحن ندرك أن الماء سلعة أساسية خاصة لمصر، ونعلم أيضآ أن استخدامه عبر الحدود يمثل موضوعًا دقيقًا يتطلب ترتيبات وقواعد واضحة، وألمانيا تدعم أي صيغة تفاوض متعددة الأطراف تحت رعاية الاتحاد الإفريقي، على سبيل المثال يمكن للدول المعنية أن تتفق عليها لإيجاد حل سلمي ملزم لقضية السد.