الأربعاء 27 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

ابعدي عن الميراث يا أستاذة نهاد

محمود علي
مقالات
محمود علي
الخميس 15/سبتمبر/2022 - 09:42 ص

علمونا في الأزهر أن الميراث هو نصف العلم، ودرّسوه لنا على أنه من أصعب وأدق علوم الشريعة؛ لأنه يتعلق بالحقوق التي أوجبها الله لعباده؛ لذلك سموه بـ «علم الفرائض»، وقد قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تعلموا الفرائض وعلموها؛ فإنها نصف العلم، وهو يُنسى، وهو أول شيء ينزع من أمتي».

وبالرغم من صعوبة هذا العلم حتى على المتخصصين في الشريعة؛ إلا أن الأستاذة نهاد أبو القمصان خرجت علينا منذ أيام تنادي بأن يكتب الأب لبناته كل تركته في عين حياته، حتى يضمن لهن مستقبلهن، ويحميهن من طمع الأعمام والأقارب في مشاركتهن للتركة، قائلة: اكتبوا كل شيء باسم البنات، نقل التركة كلها بيعا وشراء وتخلوا اللي يكفيكم أنتم في حياة كريمة، وتعملوا في الجزء اللي خليتوه باسمكم هبة مشروطة بالوفاة، ويمكن الرجوع لذلك في أي وقت!

المحامية الشهيرة لم تكتفِ بالدعوة لمنع الأعمام من حقهم في ميراث أخيهم الذي فرضه الله في كتابه العزيز ورسوله في سنته الشريفة، بل طلبت من الأعمام أن ينفقوا على بنات أخيهم الذي منعهم من حقهم في تركته، متابعة: العم مُلزم بالإنفاق على بنات أخيه، وممكن يرفعوا قضية نفقة عليه.. يعنى البيت كله تحت رقابة المجلس الحسبي، لو العم مبلغش المجلس الحسبى دي جريمة، وذلك تعليقا منها على مشكلة إحدى الفتيات بعد استيلاء عمها على ميراثها.

دعوة الأستاذة «أبو القمصان» لمنع الأشقاء في ميراث أخيهم، جاءت بعد أيام من التصريحات المثيرة للجدل المنسوبة إليها بأن المرأة غير ملزمة بخدمة زوجها وأن من حقها أن تطلب منه أجرًا مقابل إرضاع أولادها، والتي صارت تريند ضجت به «السوشيال ميديا» خلال الأسابيع المنقضية، وخرجت بعدها تقول إنها لم تقل ذلك، وأنها رفعت دعاوى قضائية ضد من نسب إليها أو حرّف عنها تصريحات التريند الشهير، وكنت من القلائل الذين لم يركبوا التريند مع الراكبين، ولم يخوضوا مع الخائضين، ولم يهبدوا مع «الهبادين».

فالآية الكريمة: { فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۖ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ ۖ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ }، مذكورة في سورة الطلاق، والآية الأخرى التي استشهدت بها من سورة البقرة: { ۞ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ۖ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ۚ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا}، تتحدث عن استحقاق المرأة لهذا الأجر في حالة الطلاق.

أما بالنسبة لميراث الأشقاء في أخيهم عند عدم وجود الولد «الذكر»، سواء كانوا ذكورا أو إناثا، فقد نصت عليه الآيات 11، 12، 176 من سورة النساء، ولا تحتاج لأي شرح أو تفسير، خاصة بالنسبة لأستاذة ومحامية كبيرة من المفترض أنها درست القانون المصري والشريعة الإسلامية ضمن دراستها بكلية الحقوق، وبالرغم من كل هذه الضجة فنحن نتحدث عن جزء بسيط جدًا من التركة فرضه المولى عز وجل، قد يتنازل عنه الأعمام مروءة منهم وإكراما لبنات أخيهم، لكن الأستاذة المحامية استغلت واقعة ظلم تعرضت لها إحدى الفتيات من عمها؛ لتخرج وتنادي بكتابة كل شيء للبنات حتى نحميهن من الأعمام، وكأن كل الأعمام أصبحوا ظلمة وآكلين للميراث، ولله در صاحب الأغنية الشهيرة: «أروح فين يا زمان قولي.. خالي محمد كل ورث أمي»!

السؤال هنا: هل أحكام وآيات المواريث أصبحت غير مناسبة للزمن الذي نعيش فيه؟، أو بمعنى أدق: هل الواقع المرير وحالات الظلم التي يتعرض لها النساء في قضايا المواريث خاصة في المناطق الريفية والشعبية يستوجب علينا أن نتحايل على الشرع ونكتب كل شيء للبنات لحرمان أشخاص من حقهم في الميراث؟، والإجابة بالطبع لا، لأن العم أو الخال ملزمين بإعطاء البنات حقوقهن في الميراث كما حددها الشارع الكريم، ومطالبين أيضا بالإنفاق عليهن في حالة فقدان من يعولهن والإحسان إليهن، لا أن يسلبوهن حقوقهن أو يمنعوهن من ميراثهن، لذلك فإنني أتفق مع المحامية الكبيرة في المحافظة على حقوق المرأة وعلى وجه أخص الحقوق المالية، لكني أقول لها: ابعدي عن الميراث يا أستاذة نهاد أبو القمصان.

 

تابع مواقعنا