الأربعاء 27 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

الحمل مجانا والإرضاع بـ "فاتورة"!

الجمعة 02/سبتمبر/2022 - 06:38 م

حتى إذا ما خرجت إلى الدنيا تلقفتني يد أبي، والتقمت صدر أمي، وفي الفراغ شردت نظراتي، كنت أتفكر في اللا شيء، وكنت مصمما على ألا أندهش مهما تخبطت الحياة في رأسي وأخذت بلحيتي إذا ما ضربني الشيب، لكني كنت واهما عندما سمعت أن لأمي أجر إرضاعي وعلى أبي عبء دفع أجرة "غسيل المواعين"!

الدعاوى المثيرة للريبة كثرت، ليكثر معها لغط الخائضين بعلم أو بغير علم، من الذين طوعوا ما قرأوه من كلِم ليخرجوا الناس من صمت التعلم إلى ضجيج الجدل العقيم، وإني هنا أتساءل بحق الكيبورد الذي أمسك بناصيته، مثلما أمسكوا هم بناصية الحديث الفارغ، لماذا جعلتم الحمل مجانا والرضاعة بـ "فاتورة"؟.
حديث النهدين كان شاذا غريبا، لأن العالم منغمس، ومعه بلادنا، في صخب تشتت الاقتصاد، واضطراب المؤونة، وصراع العلم، وسباق التسلح، وتأزم المواقف الدولية، لكن من تحدثوا عن الأمر اختاروا طواعية أن يخرجوا أدمغة المصريين إلى سجال مضحك غير مفيد، وكأنهم يمارسون تماما دور المخدر، الذي يُخرج صاحبه من الحياة الطبيعية بما تحمله من انكسارات ونجاحات، إلى حياة "الفيل الأزرق"، المحملة بالترهات والحديث الفارغ، والتموجات الزرقاء، التي لا تغني ولا تسمن من أمل.
تابعت مصعوقا أقاويل الشتات، وأبرزها ما جاء على لسان "أبو القمصان"، بأن على الرجل واجب الدفع بالتي هي أحسن إلى زوجته إذا أرضعت وليدهما، وإلا فعليها التمنع، ولكني رغبت بقوة كبيرة في أن أسأل "القمصان" نفسه قبل عشرات السنوات، هل دفع لزوجته فاتورة الإرضاع فانغمست سنته في الجينات التي ألقت إلينا بالسيدة نهاد، أم أن الاسم "نهاد" جاء بشكل عفوي، ولا علاقة له بالتطور الطبيعي، أو النشوء الجيني!
وإني إذ أتحدث في مقالي بالتساؤل فقط، فإن ذلك لا يعدو إلا جهلا مني بجواز تقديم الحل والعقد في مثل تلك الأمور الخطيرة، التي تفوق في خطورتها، نجاح الصين في زراعة الأرز في الفضاء، أو تمكن الهند من صناعة القنبلة الجينية، أو تطاول روسيا إلى بناء منطقة معزولة على سطح القمر.
وأستغل مساحتي التي "أسفسط" فيها الآن، لأصب كامل إعجابي وتعجبي، من بلاغة الحديث ورقة المعاني التي حملتّها السيدة نهاد أبو القمصان، لكلماتها، فخرجت قاطعة مصبوغة بالغيرة على الدين، والانتصار للمرأة، والدفاع عن حقوق الفئة التي تنتمي إليها، لكني لا زلت مستمسكا بعادتي الرجولية الفجة والقبيحة في ألا أدفع لزوجتي "مليما واحدا"، لإرضاع أحد صبيتي، أو غسل طبق الغداء، لكني أعدكم جميعا بالتفكير في الأمر بمجرد فراغي من حساب "سبل المعيشة" لأسرتي، وطرق توفير "أكل العيش" لي ولها.

تابع مواقعنا