باحثون بمؤتمر أطلس المأثورات الشعبية: أغاني السويس مخالفة لكل الألوان في المدن الأخرى
قدّم عدد من الباحثين؛ مجموعة من الأوراق البحثية خلال المؤتمر أطلس المأثورات الشعبية المصرية في دورته الخامسة، الذي تقيمه قصور الثقافة بعنوان 150 عامًا على افتتاح قناة السويس، تحت رعاية الأستاذة الدكتورة نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة.
محمد بغدادي، قدّم بحثًا بعنوان السويس.. تراث غنائي - متعدد الأصوات الحنة السويسي نموذجا، أوضح فيه أن مُجتمع السويس غني بالتنوع وبتركيبة سكانية مُختلفة عن باقي المدن، حيث أن معظم ساكنيه من الغُرباء، الذين تحولوا عبر العصور إلى سبيكة سِحرية متجانسة من المصريين المحبين للحياة، ولم يكن هناك ما يُؤنس وحدتهم، ويبدد وحشتهم للأهل سوى الغناء.
وتابع بغدادي: كل من جاء إلى السويس كان يحمل معه غناءه الخاص به، فجاءت أغنيات السويس مُغايرة لكل ألوان الغناء في المدن الأخرى، لذا فأنت أمام شعب يغني للحياة صانعًا بهجته بنفسه، ليتغلب على أحزانه تارة، ويخبئ في طيات أغنياته؛ مرارة الأيام وهموم غربته تارة أخرى، ويقتنص لحظات البهجة المفعمة بالشجن تارة ثالثة.
وأكد أن إنسان السويس في حالة غناء دائم، فهم يغنون في ساعات العمل وعندما يغزلون الشباك وحين يصنعون القوارب وعندما يحفرون القناة، وكما كل المصريين يغني أهل السويس فى حفلاتهم الخاصة مثل الخطبة وليلة الحنة، وحين يحجون إلى بيت الله الحرام، حتى عندما كسرتهم الهزيمة في 1967، كان الغناء بداية الخلاص وأول طريق الصمود ليصبح هنا فعل مقاومة وجُزء من ممارسة الحياة.
فيما قدّم الباحث أحمد سعد الدين عطية، بحثًا بعنوان: فنون أداء السمسمية السواحلية بين الثبات والتغير، والذي سلّط فيه الضوء على فنون أداء آلة السمسمية، وأهم التطورات التي حدثت لهذه لآلة في السنوات الأخيرة وشكل السمسمية الحديث، وفنون أدائها.
وأوضح عطية، أن أهداف البحث تتناول واقع فنون أداء السمسمية في مُدن القناة، التعرف على التراث الفني والغنائي الشعبي، التعرف على آلة السمسمية الموسيقية الخاصة بتلك المنطقة، التعرف على إسهام هذه الآلة في نشر الأغنية التراثية، التعرف على الفرق والعازفين على هذه الآلة، والحفاظ على هذا الإرث الفني خوفًا من الاندثار.
واستعرض فن الأداء في الفنون الشعبية، والتراث الفني والغنائي الشعبي في مُدن القناة، وتاريخ آلة السمسمية، وأجزائها وضبط أوتارها، والمقامات الموسيقية شائعة الاستخدام وتزيين الآلة وتجميلها وطريقة العزف عليها وما هو دور السمسمية، ودورها في أغانى الضمة والرقص في منطقة القناة.
الاحتفالات بمدن القناة
وقدّم الباحث مدحت منير منصور؛ بحثًا بعنوان: أغاني الاحتفالات بمدن القناة أوضح أنه لم يكن لمدن القناة الثلاثة وجود قبل قناة السويس، باستثناء بعض التجمعات السكانية، الأمر الذى يجعلنا نأخذ بعين الاعتبار بشكل أساسى ظروف نشأتها في هذه المدن بعد افتتاح مشروع قناة السويس، حيث أن التركيبة السكانية لهذه المدن عانت منذ نشأتها من انقسام حاد بين قسمين، الأول بنسبة صغيرة، وهم عبارة عن جاليات أوروبية متنوعة من أصحاب النفوذ والدخل لارتباطهم عضويا بالاستعمار، أما القسم الثاني فكان من المصريين النازحين من مناطق عديدة من أراضي المحروسة، وهم من الفقراء الساعين إلى الرزق، حيث كان مُعظمهم عمال خدمات وحرفيين في هيئة قناة السويس أو خارجها بجانب صغار التجار والمهنيين في الهيئات الحكومية.
الغناء والاستعمار
ونوه منصور، بأن النضال الوطني المُسلّح ضد الاستعمار - أحد أهم العوامل التي أدت إلى إصرار الشعور الجمعي، على تأكيد هويته الثقافية وتعزيزها في هذه الرمال الجديدة، وكان للغناء الحظ الأكبر في هذا الصراع الثقافي، حيث تجّلت إحدى أعذب ظواهر الغناء الشعبي في مصر، وهي أغانى الضمة أو السمسمية.