السبت 23 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

أطواق نجاة.. حكايات رائدات اجتماعيات ساعدن في إنقاذ فتيات من الزواج المبكر والختان

زواج الأطفال
تقارير وتحقيقات
زواج الأطفال
الأحد 21/أغسطس/2022 - 06:20 م

«فرحة لا تتسعها الدنيا.. انتصار عظيم.. فرحة غريبة وإني ليا قيمة» تلك الكلمات خرجت من أفواه الرائدات الريفيات لوزارة التضامن الاجتماعي، بعد قدرتهن على حدوث تغيير في حيوات المواطنين، فالكثير منهن كانوا أطواق النجاة للكثير حتى لا يشعرن بمر التجربة القاسية التي مروا بها، من زواج أطفال أو أمية أو ختان وغيرها، يقفن كحائط صد أمام موروثات اجتماعية خاطئة وظلم الأهالي للصغيرات.

منى جمال يعقوب، رائدة ريفية بإدارة سمالوط الاجتماعية في محافظة أسيوط، اتجهت إلى العمل التوعوي ودافع التغيير يحركها لإنقاذ الفتيات، إما من الختان أو الأمية أو زواج القاصرات، وخلال حديثها مع القاهرة 24، قالت: «لدينا نجوع خالية من المدارس والوحدات الصحية، أحرص على عمل ندواتها التوعوية فيها؛ عدد كبير مغيب.. بلا تعليم، الختان منتشر بصورة كبيرة، لا يوجد تنظيم للأسرة، الحالة المادية صعبة لأغلب الحالات، هناك أشعر بغرابة مما أراه.. الناس بتتفرج عليا بلهفه يكونوا في انتظار أي معلومة أنطق بها وأي حاجة تتعرف عليها.. نجوع كاملة في الضياع».

منى جمال رائدة ريفية

وأوضحت السيدة الثلاثينية، أن رد فعل المواطنين على التوعية تختلف من فرد إلى أخر فهناك من يستقبل النصيحة وآخر يستقبلها بسخرية، لافتة إلى أنها خلال سنوات عملها التي تخطت الـ 15 عامًا، كان المواطنين يبررون لجؤهم لزواج الفتيات مبكرًا أو خروج الأطفال من المدارس أو منعهم من الالتحاق من الأساس بالحالة المادية السيئة، التي تصفها بـ القاسم المشترك بين كافة الأهالي كتبرير.

وبنبرة فخر، تحكي منى عن فتحها لمنزلها لاستقبال وتعليم السيدات وقيامها حتى الآن، بمنع 3 زيجات بالتوعية، وبعد بلوغهن سن 18 سنة قامت بزواجهم، قائلة: قمت بتعليم فتيات كثيرة وسيدات ضحايا زواج مبكر.. استلم السيدة وهي أمية تمامًا لا تعرف حتى الحروف الأبجدية، واحدة منهم بتقولي انا مسكت المصحف وعرفت أقرا الآية.. فرحتي كانت ماتسيعهاش الدنيا.. كنت بشوف بنات من سن بناتي في الكوشة كنت ببكي، أغلب الفتيات يتزوجون في سن 12 عامًا.. حملة وزارة التضامن لمناهضة زواج الأطفال «جوازها قبل 18 يضيع حقوقها» قابلها الكثير من مواطنين سمالوط والنجوع المحيطة بها بالذهول والاستغراب، كل معرفتهم بزواج الفتيات السترة والعفة فقط، أما الأضرار لا أحد يعلم بها.

منى جمال رائدة ريفية

«جايين تعصوا الستات علينا.. بتعملوا ليهم غسيل مخ» لسان حال أغلب الرجال، على التوعية التي تقوم بها سمر عبدالكريم، على مدار نحو 13 عامًا، والتي كانت تجد صعوبة بالغة في البداية في خروج السيدات من منازلهن خوفًا من أزواجهم، بجانب مر الكلمات من الرجال.

رائدة المنيا، تزحف نحو الـ 42 ربيعًا من عمرها، تلمس التغيير في حيوات أهل قريتها على مدار سنوات عملها، قائلة: الناس تغيرت كثيرًا من التوعية التي نقوم بها كرائدات، حيث أننا نحصل على دورات تدريبية من الوزارة ونتحرك بعدها لتوعية الأسر بما تعلمناه، يوميًا أقوم بندوات توعوية وزيارات منزلية الندوة الواحدة لا تقل عن 20 لـ 30 سيدة.

الرغبة في التغيير هي المحرك الأساسي لعمل سمر عبدالكريم، حيث أنها كانت تعمل في أكثر من جمعية أهلية في البداية، قبل أن تتركهم لشعورها بأنها مقيدة لا تستطيع التأثير في أهل قريتها، وتتجه للعمل التوعوي مع وزارة التضامن الاجتماعي، قائلة: العمل بالجمعيات الأهلية محدود، كنت استقبل حالات عدة تأتي للجمعيات غضبانة، حالتهم صعبة وانا متكتفة بسبب قلة خبرتي، كما أن دوري حينها لم يكن يتيح لي التعامل مع المشكلات.. أنا كرائدة ريفية الآن استطيع الدخول لأي منزل وفي أي وقت، أصبحت سفيرة من سفراء الوزارة، نتحدث بقوة لأننا نعلم أننا نغير في مفاهيم خاطئة لأسر تغير في حياتها.

سمر عبدالكريم رائدة ريفية

«في إحدى الندوات بعد ما انتهينا من الفاعليات، أتت إليّ أم لـ 7 بنات منهارة تشكو من قلة حيلتها أمام زوجها الراغب في زواج صغيرتها، يريد زواجها ليزيل حملها من على أكتافه، على الفور ذهبت للمنزل لأقنع الاب والجدة، وبعد 3 ساعات من محاولات الإقناع جاءت بالنفع، تستكمل الفتاة الآن تعليمها الجامعي»، حسبما ذكرت الرائدة الاجتماعية.

حالة الفتاة وإنقاذها من الزواج المبكر لم تكن الوحيدة، فالسيدة الأربعينية أنقذت أيضًا فتيات كانوا على مشارف التعرض لعملية الختان، واصفة شعورها حينها بالانتصار العظيم، وبنبرة يغلبها الفرح تقول: أشعر بفرحة غريبة وإني ليا قيمة، وكأني ذات منصب كبير وأقوم بإصدار القرارات.. نعم عملنا صعب وليس بالسهل أبدًا وبعائد مادي بسيط جدا ولكن بالدنيا كلها اني أقدر أغير حياة مخلوق».

سحر محمد، رائدة ريفية في البدرشين، إحدى ضحايا الزواج المبكر، حيث أنها تزوجت في عمر الـ 15 عامًا، لتتجه للعمل كرائدة بعد تجربتها المريرة مع الزواج المبكر، ويكتب بها أن تنقذ فتيات من الوقوع في الأمر نفسه، ولا يشعرن بمر التجربة القاسية، حيث أنها حملت في طفلها بعد زواجها مباشرة، وكانت تعاني من ضعف في جسمها، وعند ولادتها رفضوا الذهاب بها إلى المستشفى بسبب عدم توثيق زواجها، حتى أصيبت بنزيف حاد واضطروا لنقلها خوفًا عليها، قائلة: رأيت الموت بعيني وكنت معرضة لإزالة الرحم في أي وقت وبلحظة كانت حياتي هتضيع.

رائدة ريفية

وعلى الفور حملت في صغيرتها الثانية، وأصبحت أم لطفلين قبل إتمامها عمر الـ 18 عامًا، لتترك حلمها بإكمال دراستها على مدار 20 عامًا، حتى استطاعت الالتحاق بفصول محو الأمية بعد ذلك.

«اوعي تجوزي بنتك»، تلك الكلمات أول ما تطرق على مسامع أي سيدة تقابلها الرائدة الاجتماعية، عند قيامها بالتوعية، مردفه: الأن أصبحت رائدة وأقوم بتوعية كافة المواطنين، وفي بداية مقابلتي مع أي سيدة اوعيها بخطر جواز بنتها قبل إتمامها عمر الـ 18 عامًا.. لم أتمكن من رفض الزواج حينها لأن لدينا الفتاة لا تستطيع إبداء رأيها، رأيت قصص مأساوية غيري.. والأن أكملت تعليمي وأقوم بإنقاذ الفتيات.
 

تابع مواقعنا