حكايات السيرة الذاتية.. غراتسياني يروي وقائع الحرب في ليبيا بكتاب برقة الهادئة
يحرص عدد من الشخصيات المؤثرة حول العالم، على كتابة سيرهم الذاتية، ومن بين من سجلوا سيرتهم الذاتية، الجنرال رودولفو غراتسياني قائد القوات الإيطالية وقت احتلال ليبيا وذلك في كتاب برقة الهادئة.
السيرة الذاتية للجنرال غراتسياني لا تتوقف عند ما هو ذاتي وخاص في حياته فقط؛ بل تحمل في طياتها رصدًا لأهم الأحداث والمعارك المفصلية في ليبيا وكيف كانت المقاومة الليبية بقيادة عمر المختار.
يقول غراتسياني عن عمر المختار بعد وقوع الأخير في الأسر: هذا الرجل أسطورة الزمان الذي نجا آلاف المرات من الموت ومن الأسر، واشتهر عند الجنود بالقداسة والاحترام لأنه الرأس المفكر والقلب النابض للثورة العربية في برقة وكذلك كان المنظم للقتال بصبر ومهارة فريدة لا مثيل لها سنين طويلة والآن، وفع أسيرًا في أيدينا.
ويتابع غراتسياني: إنه من الصعوبة تحدید ورسم شخصية رئيس قاوم وعاند رغم ما قاساه من تعب ونضال من أجل أن يعيش حرا دون أن يتعرض لرحمة الغير واحتقارهم.
ويردف: غير أن شخصية عمر المختار عندما تجرد من أسطورة الرجل الذي لا يغلب كما يؤمن به أتباعه وكما يعتقد بعض رجالنا وحكامنا البسطاء يصبح شخصا عاديا له حقائقه وله هفواته، ولكن على كل حال كان رجلا عرف كيف يستغل بكل دقة وخبرة حالة البيئة ونفسانية الناس، ومن خلالها سيَّر دفة الحرب في برقة.
ويواصل غراتسياني: كان التحدث عن شخصية عمر المختار وتأثيرها على بقية المشايخ المحليين موضع تحدثنا دائما، كما تحدث تاريخنا الروماني بأن الزعماء يخطئون كثيرا، ومن غير تحفظ بينما العرب يعتبرون زعماءهم شيئا مقدسا توجب حمايته وفي بعض الأحيان يهربونهم لكي يحافظوا على حياتهم.. وهكذا كان عمر المختار دائما کرئیس عربي، مؤمن بقضية وطنه وله تأثير كبير على أتباعه مثل الرؤساء الطرابلسيين يحاربون بكل صدق وإخلاص، وكان عمر المختار من المجاهدين الكبار لما له من مكانة مقدسة بين أتباعه ومحبيه.
عمر المختار لا يخون مبادئه
ويبدي غراتسياني رأيه في شخصية عمر المختار قائلا: إن عمر المختار يختلف عن الآخرين فهو شيخ متدين بدون شك قاسي وشديد متعصب للدين ورحیم عند المقدرة ذنبه الوحيد أنه يكرهنا كثيرا وفي بعض الأوقات يسلط علينا لسانه ويعاملنا بغلظة، مثل الجبليين كان دائما مضادا لنا ولسياستنا في كل الأحوال لا يلين أبدا ولا يهادن إلا إذا كان الموضوع في صالح الوطن العربي الليبي، ولم يخن أبدأ مبادئه فهو دائما موضع الاحترام رغم التصرفات التي تحدث منه في غير صالحنا.