الممتلكات العامة .. ثقافة الحفاظ على مقدرات الوطن
الممتلكات العامة هي الأشياء التي لا ينفرد بملكيتها شخص أو أشخاص، بل هي ملك للجميع، كالمدراس والجامعات والقطارات والكباري، وشبكات الكهرباء والإسعاف والحدائق، وغيرها من المصالح العامة، وتكون ملكا للمجتمع، والانتفاع بهذه الممتلكات هي حق للجميع داخل الدولة، وفق الضوابط القانونية التي تنظمها، ومن يتولى إدارتها لا يعد مالكا لها، وليس له حق التصرف فيها كما يشاء، وإنما هو أجير يحافظ عليها وفق القواعد المنظمة لها.
والإتلاف يكون للأنفس والمال، ويخص الإتلاف للأشياء المادية، ويكون إتلاف الممتلكات العامة إما هلاكها كليا أو جزءا منها، كإشعال النار في الحدائق، والنوع الثاني من الإتلاف هو تعطيل المنفعة منها، كفصل التيار الكهربائي عن أعمدة الإنارة في الطرق العامة.
ففي هذه الحالة لم يتم الإتلاف أو التكسير، وإنما حرم المجتمع من الاستفادة من الإضاءة؛ مما قد يسبب ضررا وحوادث للمارة، هذا الإتلاف سواء المتعمد بالحرق، أو المتسبب في تعطيل المجتمع بالاستفادة منه، من الناحية الإنسانية فهو مجرم أخلاقيا؛ لما يتسبب فيه من ضرر بالغ الأثر، ومن الناحية الشرعية فديننا الحنيف ونبي الرحمة قال إن إماطة الأذى عن الطريق صدقة، بالإضافة إلى أن إتلاف الممتلكات العامة من الناحية الحضارية، هو تشوية وتدمير للصورة الحضارية للدولة وللسياحة.
ومن الأمثلة الواقعية لتخريب الممتلكات العامة، تخريب وإتلاف ممشى أهل مصر، فهذ المشروع الحضاري الممتاز كلف عند افتتاح أول مرحلة منه مبلغ 585 مليون جنيه، وفي أول أيام الافتتاح، تم رصد تكسير وإتلاف ما قيمته تتجاوز مليون جنيه؛ ما أدى إلى أن الحكومة المصرية متمثلة في وزارة الإسكان، وهي المسؤولة عن إدارة الممشى، فرضت تذاكر رسوم للدخول بعد أن كان الدخول مجاني.
مثال تخريب الطلاب للفصول المدرسية بعد انتهاء العام الدراسي؛ للتعبير عن فرحتهم بنهاية الامتحانات، السؤال هنا: هل أصبحت المدرسة سببا في منع فرحة الطلاب؟ فهل يقبل هؤلاء الطلاب في بداية العام الجديد أن يدرسوا في فصول خربانة؟
الممتلكات العامة .. ماذا يجب فعله للحفاظ عليها؟
• التربية على الاحترام للملكيات العامة، واحترام الأشياء التي تعتبر ملكا عاما في المدرسة، وفي المرافق المجتمعية العامة، مثل الحدائق والمكتبات والمسارح والنصب التذكارية والمتاحف ودور السينما وغيرها.
• الممتلكات العامة .. الحفاظ عليها ليس دور الحكومة وحدها، فالتربية والبيت أقوى من القانون في تهذيب النفوس وإصلاح ثقافة الحفاظ على الملكية العامة لدى الشباب والأطفال، يجب أن يتعلم الأطفال من عمر مبكر في البيت وفي المدرسة أن لا يخربوا النباتات، وأن لا يخربوا الأثاث، وألا يكتبوا على الجدران، وأن يعتنوا بالكتب في المكتبات العامة.
• ومن الضروري أن يتم تعليم الأطفال الصغار إلقاء القمامة في أماكنها المخصصة لها، ومن الضروري تعليم الأطفال الصغار عدم إساءة معاملة الحيوانات والنباتات في حدائق الحيوانات، وعدم كسر المقاعد في السينمات والمكتبات وغرف المرئيات والمسارح وغيرها.
• على المعلمين والمربين والأهالي والكبار بشكل عام أن يكونوا قدوة ومثالا يحتذى به للأطفال.
• تقوية الوازع الديني والأخلاقي والتربوي بشكل أكبر، سواء في المدارس أو أماكن العبادة أو البيت، فقلة الوازع الديني تأتي بالسلب؛ كون الأشخاص يفرغون طاقتهم السلبية بالتكسير في الممتلكات.
• التوعية من الإعلام بجميع أنواعه، المسموع والمقروءة ووسائل التواصل الاجتماعي، بأن ينشروا ثقافة الحفاظ على الملكية العامة وأهميتها وكيفية الحفاظ عليها.
• الدولة من ناحية أخرى تسن قوانين وتشريعات صارمة، تحاسب المخربين للممتلكات العامة.
• وضع كاميرات مراقبة على المنشآت العامة، وزيادة الرقابة والوسائل التي تمنع العبث وإتلاف الممتلكات العامة.
وفي النهاية.. فإن الإتلاف والتخريب لا يأتي إلا بالخسارة على الجميع، والحفاظ على الممتلكات العامة مكسب للجميع، وذلك لا يأتي في يوم واحد، وإنما بالتدريج، وبعد مجهود ووقت، لكن المكسب كبير وعظيم، وهو ثقافة الحفاظ على الملكية العامة التي هي ملك للجميع، وإتاحة المجال أمام الشباب من المراهقين والبالغين؛ لممارسة هواياتهم من الرسوم والكتابة والرسم واللعب، واستثمار طاقتهم بشكل نافع وإشراكهم في الأنشطة المفيدة في مراكز الشباب أو المدرسة؛ لتخريج جيل يدرك ويقدر قيمة الممتلكات العامة ويحافظ عليها.