الأربعاء 27 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

العودة من الموت.. أطوار الحياة وعالم البرزخ

الأحد 24/يوليو/2022 - 06:30 م

في المقال السابق والذي كان بعنوان «سر عالم الذر»، أوضحت من خلاله كيف صور الشيخ محمد أبو النور هذا العالم الذى كنا نجهله، وكيف وأين كنا قبل أن نصبح على هيئة بشر، وكنا عبارة عن أنوار إلهية في عالم آخر ثم في ظهور أبونا أدم ثم أجدادنا ثم أبنائنا.

ونستكمل في هذا المقال جزء أخر من كتاب «العودة من الموت» للشيخ محمد أبو النور، حيث يتحدث الشيخ عن حياتنا في بطون أمهاتنا وكيف كانت هذه الحياة وما هو مقدر لنا، وهى الحياة التي لم نكن لنستوعب فيها ما سيحدث لنا مستقبلا وكل ما كنا نستوعبه هو هذا العالم الذي نحن موجودين فيه أجنة، وهو «أرحام أمهاتنا».

وقد صور الشيخ محمد أبو النور، خروجنا أجنة من بطون أمهاتنا بموت وخروج الإنسان من الحياة إلى القبر وعالم آخر لم يكن يستوعب وجوده، حيث أنه لو كان قال لأحد منا ونحن أجنة أن هناك عالم آخر وهو أوسع من أرحام أمهاتنا، وطعام آخر غير ما يصل إليه من الحبل السري، بل وسنأكله من فتحه تشق في رأسه تسمى «الفم»، كنا سننقول أنه مجنون فليس هناك عالم أوسع وأفضل من رحم أمهاتنا.

وهكذا الإنسان لا يصدق أنه عند موته سينتقل من الدنيا وما فيها إلى عالم آخر إما سيكون فيه من السعداء أو الأشقياء،
وشرح لنا أيضا ما يمر به الإنسان من أطوار في حياته الدنيا منذ ولادته طفلا ثم شابا ثم رجلا مدرك لما حوله ثم شيخا كهلا يتعبه ألام المرض، ولكن في نفس الوقت لديه من خبرات الحياة الكثير والكثير والتي ينقلها لأبنائه ثم أحفاده، ويستمر فى ذلك حتى تأتيه لحظة الشبع من الدنيا.

بل ويصف لنا حال الإنسان وهو يحتضر وكيف يكون شعوره وماذا يحدث معه أثناء الاحتضار وما يراه أمامه وكيف يهون الله عليه لحظة احتضاره وخروج الروح من جسده المتعب، وكيف يكون خروج الروح سهلة ويسيره للمؤمنين وصعبة الخروج للملحدين وأصحاب الذنوب الكبيرة.

حيث يأخذ الله الإنسان من هذه الحياة التي كتبت نهاية فصولها وأصبحت رواية قرأت جميع صفحاتها، وطويت جلدتها وينقله إلى حياة أخري جديدة، تسمى «حياة البرزخ».

ومن ينكر أن هناك شيئا بعد الموت اسمه «حياة البرزخ»، أقول له كيف تنكر أمرا يحدث معك أنت شخصيا كل يوم، فأنت تدخل البرزخ يوميا ولا تشعر بذلك، تزوره كل يوم، وتحل كضيف كريم، بل إن أهل البرزخ يستضيفونك كل ليلة،
اعتقد أنت الآن تتسأل ما هذا الكلام؟!، وكيف أذهب لعالم البرزخ كل يوم؟!.

أجيب عليك، أنه عندما تنام كل حواسك تخمد، عيناك مغلقة لا تبصر، قدامك لا تمشي، أذنك لا تسمع بها، يدك جامدة لا تبطش، لسانك صامت لا يتحدث، فمك مطبق لا ينطق ولا يأكل ولا يشرب، فأنت فاقد الوعي تماما، وأنت في هذه الحالة تكون أشبه بحالة الميت بل تتطابق معه.

أما كرم الضيافة الذى يتحدث عنه مولانا الشيخ محمد أبوالنور، هو تلك الأحلام والرؤي التي يراها بل ويستمتع بها الإنسان في نومه، بل ويحس بها وكأنها واقع ملوس بالنسبة له، ويتذكرها جيدا عند استيقاظه من النوم ويظل يخبر بها الأخرين ويتمنى لو كانت حقيقة وليست أحلام.

بل الأكثر تعجبا من ذلك أن هناك رؤي يراها الإنسان في نومه تتحقق في المستقبل وكأنه يري مستقبله، وعند حدوثه يتذكر تفاصيله ويقول أنه قد مرت عليه أو شاهد هذه الأحداث من قبل.

إن النعمة الإلهية لا تتخلي عن الإنسان أبدا منذ بداية نشأته إلى وصوله للغاية، وفي أي طور من أطوار وجوده حتى عند الموت، حينما تتزلزل أركان الإنسان وتنهد جوانبه، وترتعد مفاصله وتبرد أعضاؤه، وينعقد لسانه وتتحشرج أنفاسه ويشعر أن روحه قد بلغت الحلقوم، وأنه مقبل على تلك اللحظة «لحظة الموت» التي ستنعدم فيها حياته، وأنه سيفني لا محالة، وبالفعل يفني.

العجيب أن الإنسان بعد لحظة سكرات الموت ومفارقة الحياة يجد أن الله قد أعد له مفاجأة كبرى، وهي أنه مازال موجودا وأنه لم يتحول إلى عدم، كما حدث لجسده الفاني.

ويفيق ليجد نفسه مقبلا على رحلة وجودية جديدة من نوع آخر، حيث أنه مقبل على سبح روحي وانطلاق بلا حدود ولا حواجز، ووداع لهموم الجسد واستراحة منه.

وهذه الرحلة هي «رحلة الروح»، والتي تحررت من قيد هذا الجسد الترابي، وخرجت تلك الروح طائرة تحلق منطلقة من سجن اللحم والعظام والجلد.

حيث قد أخفى هذا الجسد الفاني اللطائف المعنوية الستة الموجودة بالإنسان، وهى: قلب، روح، نفس، سر، خفي، وهى مصابيح من النور قد تم إخفائها في صندوق معتم ومظلم وهو جسدك، وتنتظر تلك اللطائف لحظة فتح هذا الصندوق لها حتي تشع بنورها وتلمع في الأفق.

كما أن الدرجات والمنازل لا تنحصر في عالم البرزخ إلى درجة أو منزلة واحدة، بل كل إنسان تكون درجته على حسب منزلته والأهم فضل الله عليه ورحمته به، وكل إنسان على قدر عمله، والله يعفو عن كثير ويرحم أكثر.

تابع مواقعنا