وزير الأوقاف: الدين فن صناعة الحياة وليس الموت.. والعلم يؤخذ عن العلماء المتخصصين

افتتح الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، الدورة العلمية المتقدمة المتخصصة لعدد 18 عالمًا من كبار علماء الهند، وعمداء كلياتها وأساتذة جامعاتها، ورؤساء مؤسساتها الدينية والثقافية بأكاديمية الأوقاف الدولية بمدينة السادس من أكتوبر اليوم السبت 16/ 7/ 2022.

وخلال كلمته، رحب وزير الأوقاف بالحضور من كبار علماء الهند في بلدهم الثاني مصر، مؤكدًا أن هذه الدورة العلمية المتقدمة المتخصصة سيحاضر فيها نخبة من كبار العلماء في مختلف التخصصات الشرعية واللغوية والثقافية.

كما أكد أن صحة المقدمات تؤدي إلى صحة النتائج ملخصًا حديثه في جانبين، الجانب الأول حسن القصد وتجديد النية، مشيرًا إلى أن هذه هي أهم مقدمة لنا جميعًا فتصحيح النية وصدقها مع الله عز وجل يثمر بركة في العمل.

وأشار الوزير إلى أن صدق النية وتصحيحها مطلوب في جميع أعمالنا، فبالنية الصادقة تتحول العادات إلى عبادات، وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أركان الإسلام في قوله: بُنِيَ الإسلامُ على خمسٍ شَهادةِ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ محمَّدًا رسولُ اللَّهِ وإقامِ الصَّلاةِ وإيتاءِ الزَّكاةِ وصَومِ رمضانَ وحجِّ البيتِ لمنِ استطاعَ إليهِ سبيلًا، أما مفهوم العبادات فهو أوسع من ذلك بكثير، فالصدق عبادة، والأمانة عبادة، وإتقان العمل عبادة، وعمارة الكون عبادة، وربما تكون هذه العبادات أو بعضها أشق على بعض الناس من سائر العبادات الأخرى، والنية الصادقة تحول ذلك كله إلى عبادات، وإذا كان صدق النية مطلوبًا لنحول العادات إلى طاعات وعبادات فإن صدق النية في طلب العلم ألزم. 

 القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة عن فضل العلم وطلبه

وأضاف وزير الأوقاف، أن القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة تحدثا عن فضل العلم وطلبه، فقال تعالى: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ، وقال سبحانه: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ، ويقول نبينا: مَن سلَكَ طريقًا يلتَمِسُ فيهِ علمًا، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طريقًا إلى الجنَّةِ، متابعا: فمن خرج في طلب العلم في أي مرحلة عمرية فهو في سبيل الله حتى يرجع، وهو في جهاد حتى يرجع، وفرق بين الجهاد والقتال، فالقتال في الإسلام قتال دفع لا اعتداء، أما الجهاد فمعناه أوسع، حيث يقول سبحانه في شأن القرآن الكريم: وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا، فمن خرج في طلب العلم صادقًا نيته فهو في سبيل الله وهو في جهاد حتى يرجع، وإذا كان الخروج إلى طلب العلم مع تقدم السن فهذا فضل آخر لأن بعض الناس اعتاد أن يطلب العلم في مراحل عمرية معينة.

وواصل الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، خلال كلمته بالدورة العلمية المتقدمة المتخصصة لعدد 18 عالمًا من كبار علماء الهند، أن العلم من المهد إلى اللحد، وقال العلماء إن المحبرة إلى المقبرة، ونظل في حاجة إلى مزيد من التعلم، ومهما بلغ الإنسان في العلم عليه أن يتذكر قول الله تعالى: "وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا"، فكلما ازداد الإنسان علما ازداد إدراكا إلى حاجته إلى المزيد من العلم، موضحًا أن طلب العلم يستدعي حسن القصد وصدق النية والإخلاص والتجرد وبذل الجهد.

وأردف الوزير، أن تصحيح النية بيت القصيد، فإن صحت النية صح لها ما بعدها، حيث يقول الحق سبحانه: مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا، والمقصود بالعاجلة هنا هو طلب الدنيا دون النظر إلى الآخرة، أما طلب الدنيا والآخرة معًا فهذا فضل الله يؤتيه من يشاء، وهو ما علمنا إياه القرآن الكريم حيث يقول سبحانه: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

فطلب الدنيا محمود إذا كان القصد منه عمارة الكون، فرسالتنا رسالة سلام للعالم كله، ومهمتنا أن نعمِّر الدنيا بالدين لا أن نخربها باسم الدين، فالدين فن صناعة الحياة وليس صناعة الموت، وما أجمل العيش في سبيل الله بأن تسخر حياتك لمرضاة الله سبحانه بخدمة خلقه وقضاء حوائجهم وكف الأذى عنهم.

وأوضح الدكتور محمد مختار جمعة، خلال كلمته، أن المحظور أن تكون الدنيا على حساب الآخرة قال تعالى: مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا، أي يريد الدنيا بأي طريق مشروع أو غير مشروع بغض النظر عن طريق تحصيلها، "وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا"، أي إن أمر الآخرة يحتاج إلى عمل وسعي وقصد، وجاء التعبير بالسعي دون العمل لأن السعي يحتاج إلى همة ونشاط وعمل على أفضل طاقة ممكنة.

أما الجانب الآخر فهو الاجتهاد، يقتضي عدم التوقف عند حد أو سن في طلب العلم، وقد قالوا لن تصل في العلم إلى ما تريد حتى تتعلم ما لا تريد، فلا يكتفي أبدًا بتعلم العلوم الشرعية دون تعلم العلوم العربية أو الثقافية، ونؤكد على حاجتنا إلى مختلف العلوم، وأن العلم الذي نتحدث عنه هو مطلق العلم، حيث يقول: مَن سلَكَ طريقًا يلتَمِسُ فيهِ علمًا، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طريقًا إلى الجنَّةِ، سواء في تعلم الطب أو الهندسة أو الأحياء أو الفقه، فالأمة كما أنها في حاجة إلى الفقه فهي في حاجة إلى الطب وإلى غيره من سائر العلوم من مستجدات الحياة، ومهمتنا أن نعمر الدنيا بالدين، وكل ما جاء في شأن العلم ورفعة أمره يشمل مختلف العلوم الإنسانية في شتى المجالات.

 ضرورة إتقان علوم اللغة العربية

كما أشار إلى ضرورة إتقان علوم اللغة العربية، فقد قالوا إن فهم الكتاب والسنة فرض واجب، ولا يتم إلا بتعلم العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، مختتمًا حديثه بتقديم أنموذجين شرح من خلالهما دور اللغة العربية في فهم المعنى واستنباط الأحكام.