السبت 30 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

فيلم “قصة حُب”.. مأساة واقعية وأسطورة رومانسية جديدة

القاهرة 24
الإثنين 11/فبراير/2019 - 07:12 م

تكاد تكون الرؤية مشوشة بعض الشيء، كنت في عمر أصغر بكثير على تحمل هذا المشهد، للمرة الأولى أشاهد أبي يبكي، ليس بكاء عادي وإنما “شحتفه”، -لم أجد تعبيرًا أفضل-، ذلك الرجل الصلب يبكي اليوم بهذه الحرقة بعد لقائه مع طبيبها الخاص.

لم أكن أعلم وقتها التفاصيل والسبب وماذا تحديدًا ما كان يُبكيه، لكني تأكد أن الوضع غير مستقر، لا أعلم حتى ماهو المرض الذي أصابها، فقط كُنت أعلم أنها تُعاني من مرض شديد يجعلها تذهب بإستمرار للمستشفى، تجلس هُناك عدة ساعات ثم تعود، كُل ما كُنت أعلمه من أحاديث جدتي والأقارب أن أمي تُعاني من “المرض الوحش”.

فيلم “قصة حُب”، نبش في ذاكرتي وأخرج تِلك المشاهد أمامي مرة أخرى، داخل قاعات السينما، وعِند مشهد النهاية تكاد تسمع أغنية الخاتمة، بسبب أصوات “المنحورين” من البُكاء جوارك، ولدي نصيحة يا صديقي إن ذهبت لرؤية الفيلم بصحبة زوجتك أو حبيبتك، عليك شراء كمية كافية من “المناديل”، صدقني عانيت كثيرًا بعد رؤية الفيلم كي تتوقف عن البُكاء.

لا تأخذ هذه الكلمات على محمل “النكد”، فإن كان فيلم قصة حُب رومانسي بالمقام الأول فهو فيلم كوميدي بالمقام الأول مكرر، كوميدبا من طراز خاص، غير مُبتذلة لا تعتمد على “الأفية والقلشة”، استطاعت الكاتبة والسيناريست أماني التونسي غزلهم بشكل أكثر من جيد، ليصبح السيناريو والحوار هم أبطال الفيلم الأصليين،  وعلى ذكر لغة الحوار في الفيلم فكانت على غير المتوقع، وأخذت أحمد حاتم بعيدًا عن شخصية الـ bad boy، فلا توجد به جملة واحدة جارحة لذلك قلت أن الكوميديا غير مبتذلة.

واستخدمت أماني كلمات وجمل حوارية جديدة نستخدمها في حياتنا اليومية بعيدًا عن “أستمباط” قصص الحُب المعروفة، فقبل أن يُخبر يوسف جميلة بحبه “خبط لزق”، أخذنا الفيلم لنعيش قصة الحُب عن طريق المواقف الحياتية و”جدعنة” جميلة مع يوسف بعيدًا عن جُمل الحُب “الملزقة”.

في اللحظات الأولى من رؤيتي برومو الفيلم وشاهدت أحمد حاتم يُجسد شخصية رجل كفيف يُدعى تجمعه قصة حُب بـ”جميلة” -هنا الزاهد، تخوفت وظننت أننا على موعد مع أحد أفلام السينما الهندية المعروفة بـ”الأفورة” والمُبالغة في الأحاسيس، لكن ما حدث كان على العكس، فالأمر بسيط، “رجل أعمى يتعثر في الطُرقات لا يعرف كيف يقضي يومه وحاجته”، أليست قصة مؤثرة بما يكفي لاتتحمل المزيد من “الأفورة” حتى لا يتحول الأمر لابتزاز مشاعر، وهذا ما أدركه صناعه.

المُخرج عثمان أبو لبن الذي تطور في سرد قصص الحُب والتي بدأها في 2005 بفيلم “أحلام عمرنا” مع مصطفى شعبان ومنى زكي، يُرسل من خلال “قصة حُب” بعض الرسائل ولعل أهمها بالنسبة لي أنك تستطيع أن تُحب في شوارع القاهرة، وتستطيع أن تأخذ لها بعض المشاهد الساحرة، خاصة أنه قرر تقديمها “من فوق”، وأخبرنا الزعيم من قبل، “البلد دي اللي يشوفها من فوق غير إللي يشوفها من تحت”، لكنني أظن أننا بحاجة لرؤيتها “من فوق” هذه الفترة وكفانا الترويج السلبي لها.

آمل أن يكون هذا الفيلم نقطة فارقة في حياة أحمد حاتم الفنية، ويقرر العمل بشكل مكثف مستقبلًا، أحمد حاتم سيخبرك خلال هذا العمل أنه واحدًا من جانات السينما المصرية الذين افتقدناهم، والذي يصلح بالترويج لنا ويعيد مجد الرجل المصري الذي خرج من التصنيف العالمي للوسامة.

من المؤكد أن مُنتج الفيلم ياسر صلاح غامر خلال هذا العمل باختيار أبطال شباب ليسوا نجوم شباك، وأظن أن رهانه سينجح لأنه اعتمد على تقديم “قصة” جيدة، وستكشف الأيام القادمة عن حُسن اختياره بعد تحقيق الفيلم إيراداته المرجوة، خاصة بعد تعاقده مع شركة توزيع كبيرة مثل دولار فيلم لتولي مسؤولية توزيع الفيلم داخلي وخارجي، وأذكركم بتجربة مسلسل “السبع وصايا” التي كسرت قاعدة النجوم واعتمدت على قوة القصة والحوار ونجح أكثر من مسلسلات النجوم الكبار.

قصة حُب يضم عدد من التوليفات الموفقة، ولعل أهمهم أختيار ياسر الطوبجي بجانب أحمد حاتم، الأمر الذي سيذكرك بـ “ديو” فؤاد المهندس الذي شكله مع العديد من نجوم فترة الستينات مع عمر الشريف وعبد الحليم حافظ، حينما كان يظهر كـ “صديق البطل” وأحد المسؤولين الكبار عن الكوميديا داخل العمل.

رأيت أحمد حاتم في صورة آل باتشينو في فيلمه الشهير “Scent of a Woman”، والذي حصل بسببه على جائزة الأوسكار والذي ظهر فيه بشخصية رجل أعمى أيضًا، حضر ذلك بذهني حينما قررت جميلة داخل هذا المطعم الفخم تعليم “يوسف” العزف على البيانو، مثلما فعل فرانك -آل باتشينو- وقرر تعليم تِلك الفتاة الجميلة رقص التانجو، لكن باعتبار الكاتبة هُنا أنثى قررت أن تنتصر للمرأة وتضعها في منصب المُعلمة.

دائمًا ما أقول أن السينما هي رحلة سفر، فهناك رحلات “تقيلة على القلب”، ورحلات تصل فيها دون أن تُدرك أن المشوار قد أنتهى، هكذا هو قصة حُب يجعلك تُعاشر وتُعايش أبطاله وتستمتع معهم بالرحلة و”توته توته” ستنتهي الحدوته وأنت مُستمتع برؤيتها، “قصة حُب” سينضم لنادي أساطير قصص الحُب الشهيرة، وأسيبكم مع أغنية الفيلم التي كللت نجاح هذه الصورة البديعة.

تابع مواقعنا