عناق الأشجار
• فيه معلومة ظهرت في آيسلندا من سنتين ورغم إنها من سنتين إلا إنها رجعت تاني للظهور في الوقت الحالي بشكل مكثف وغريب الحقيقة، خصوصًا بعد ما نفس المعلومة اتضح إن تم تأكيدها برضه في اليابان وروسيا ومن فترة طويلة!.. إيه الحكاية؟.. الموضوع وما فيه إن في 2020 ومع بداية جائحة كورونا ومنع المصافحة والأحضان بين البشر كإجراء وقائي للحماية من العدوى زي ما حصل في معظم العالم؛ الناس في آيسلندا ماكانوش متقبلين الإجراء ده لإن جزء مش قليل منهم بيعتبر في التحية بالحضن تواصل ودّي ملموس وناقل ممتاز للمشاعر.. بس هنعمل إيه ما باليد حيلة!.. اضطروا يلتزموا بس مع شوية زمزأة ومحاولات فاشلة للفلفصة من القرار.. المسؤولين عن غابات وحدائق شرق آيسلندا وهي من الأماكن اللي بيخرج فيها الناس عشان يتمشوا ويشموا هوا نضيف؛ أعلنوا وكنوع من محاولة تخفيف وطأة قرار منع الأحضان إنك ممكن تيجي الغابة عادي جدًا وتحضن شجرة كتعويض عن غياب التفاعل الجسدي بين الناس خلال التباعد الاجتماعي!.. الفكرة إن الموضوع انتشر بين الناس وكإنهم كانوا منتظرين ده بفارغ الصبر.. الجميل في الموضوع إن "ثور ثورفينسون" وهو حارس قديم في غابة في شرق آيسلندا بدأ يقول ملاحظاته على الناس اللي بقت بتيجي وتحضن الشجر، وقال إنه اكتشف إن مجرد احتضان أي شخص لأي شجرة لمدة 5 دقايق بيغير مود الإنسان 180 درجة، وإنه شاف ده بنفسه على مئات الناس اللي كانوا بيوصلوا الغابة وهما مهمومين وعليهم علامات الكآبة والحزن زي معظم البشر في فترة الإغلاق لكن بمجرد الحضن الأمور بتتحسن!.. الموضوع انتشر في وقتها بين السكان المحليين في آيسلندا ورجع قل تدريجيًا مع رجوع الحياة لطبيعتها لما الدنيا فتحت، لكنه خلال الأسابيع القليلة اللي فاتت رجع تاني وبقوة بالذات مع الكلام اللي بدأ يظهر في اليابان!.. أو على وجه الدقة اللي كان ظهر في اليابان من سنة 2018 بس محدش كان واخد باله منه!
• معظم التسليط الإعلامي اللي بيحصل من العالم على الأخبار اللي جاية من اليابان بيكون له علاقة بشكل كبير بأحدث النقلات التكنولوجية اللي بتوصل لها الدولة الأذكى في العالم يوم عن التاني.. في نفس الوقت مش هتلاقي تركيز كبير على أخبار تانية من نوعية أصناف الأكل أو أخبار الجرائم في المجتمع الياباني أو الأخبار العلمية.. ده بيحصل طبعًا بس لو حد مهتم بالشأن الياباني لكن بشكل عام الأولوية للتكنولوجيا والصناعة.. عظيم.. من ضمن المعلومات أو الأخبار اللي وقعت مننا إن في سنة 2018 أعلنت اليابان وبشكل رسمي من خلال الحكومة اعترافها بإن عناق الأشجار أمر مفيد لشفاء العديد من المشاكل الصحية بما في ذلك الأمراض العقلية!.. وقالوا بالنص: إن عناق الأشجار مفيد في إعادة شحن طاقة الإنسان بنسبة 70%!.. دول كمان أطلقوا عليه جملة "حمام الغابات" ونصحوا الناس بيه لإن الحياة العملية أخدت الناس من بعضها وفين وفين لما تلاقي حد تحضنه من أسرتك بسبب انشغال الكل في الشغل، فيبقى البديل الآمن والسريع والمتاح في أي وقت هو حضن الشجر!.. التصريح الياباني ده لقى اتفاق مع اللي صرحت بيه دكتورة "كاثرين جيونكس" مديرة مركز رعاية الطاقة في "إمبورغ" في بلجيكا اللي قالت في في حوار لها مع إذاعة "راديو تيلي لوكسمبورغ" إن الحضن بشكل عام سواء بين البشر أو بين البشر والأشجار بيساعد في النشاط وتحسن المستوى الجسدي والعاطفي، وتعزيز وظائف المناعة، وتعديل المزاج خصوصًا بالنسبة للأشخاص اللي بيعانوا من الاكتئاب، وبيقاوم الشيخوخة المبكرة اللي بتصيب الخلايا، وبيساعد الأطفال على التركيز!.. كلام د."كاثين" مع إعلان الحكومة اليابانية وقبلهم غابات شرق آيسلندا اتفق بشكل كامل مع اللي قاله الكاتب "ماثيو سيلفرستون" في كتابه "مبهور بالعلم" اللي صدر سنة 2011، واللي كل صفحة فيه مبنية على مئات الدراسات العلمية إن العلاج بواسطة الاستجمام في الغابات وخصوصًا العناق بيشفي من مشاكل صحية ونفسية كتيرة!
• اللي يبحث ورا الموضوع هيكتشف إن الناس في روسيا ومش من سنة ولا اتنين ولا 20 سنة لأ لكن من أكتر من 80 سنة تقريبًا من ضمن موروثاتهم الشعبية التاريخية إنهم يحضنوا أشجار "البتولا" كإنهم بيحضنوا شخص عزيز على قلبهم!.. الموضوع مالوش علاقة بتقاليد دينية لكن بمعتقدات أثبتت صحتها وغرضها بالنسبالهم!.. اللي مالوش زوجة أو حبيبة أو وحيد ومالوش شخص عزيز على قلبه عادي جدًا يخصص زيارة أسبوعية لأقرب غابة أو حديقة عشان يحضن أي شجرة يشوفها!.. كتير من اللي خارجين من أزمة عاطفية بيعملوا نفس الكلام.. بعض اللي حياتهم مليانة شغل معظم اليوم والواحد منهم معندوش فرصة بسبب رتم الحياة المتسارع إنه يحضن مراته أو أولاده بيعمل ده مع أقرب شجرة جنب مكان العمل!.. ولما تشوف حد منهم كده وتسأله بيكون رده السريع اللي غير ما هو حافظه من جدوده كده لكنه برضه بيحس بيه بشكل شخصي إن الحضن مصدر قوة للإنسان.
• مشاكل كتير كانت ممكن تتحل بـ حضن تراضي بيه اللي قدامك مع جملة من كلمتين "أنا آسف"!.. علاقات كتير بين أبناء وأبهاتهم كان ممكن يتكسر فيها حاجز الثلج بـ حضن صادق يتنازل طرف من الاتنين ويبادر بيه.. المحبة بتتأكد، والخصام بينتهي، والفرحة بتتقسم على اتنين بالحضن.. الحضن هو بُق الميه اللي بتشربه وأنت بتجري في سباق الدنيا عشان تقدر تكمل.. ومش كل حضن معناه دراعين مفرودين ده فيه ناس حضنك ليهم هو إنك بس تسمعهم.. الحضن أخرس بس بيقول كتير، ومش لازم تحس إنها النهاية عشان تتكرم عليهم وتحضنهم!.. ومش عيب لو صلحت قسوتك معاهم بحضن!.. الحضن علاقة كدة لوحدها مع نفسها مستقلة بذاتها.. القصة أولها وآخرها في الحضن.