الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

جسر الحب

الجمعة 06/مايو/2022 - 05:36 م

● في سنة 2019 كتبت بوست على فيسبوك موجه للناس وكنت مقرر من قبل كتابته إنه أسيبه لمدة ساعة بس، والحقيقة إن دي كانت مدة كافية لتحقيق غرضه.. البوست كان فيه جملة من سطر واحد فقط لا غير.. (إحكيلي في الإنبوكس عن أمك).. اللي بعتوا في المدة دي كانوا 18 واحد وواحدة.. اخترت منهم رسالة واحدة.. "مي" بنوتة عندها حاليا 31 سنة.. كفيفة من وهي عندها 3 سنين.. من قرية تابعة لمدينة المنصورة.. مشكلة عين "مي" ماكنتش عائق في إنها تتفوق في دراستها وتطلع الأولى في كل السنين ولحد ما اشتغلت دلوقتي وتفوقت في شغلها برضه!.. ثقة "مي" في نفسها كانت بسبب أمها.. لإنهم في قرية كانت أمها مش عايزة تحسسها إنها ناقصها حاجة أو إن فيها اختلاف عن باقي اللي في سنها.. نتيجة ده كانت بتعتمد عليها ويخرجوا سوا للسوق ويشتروا الطلبات.. طيب هي "مي" هتفيد أمها في إيه وهما في السوق يعني وهي في السن ده 3 سنين!.. دي لا هتشيل ولا هتحط ولا هتساعد بالعكس دي ممكن تلخمها!.. لأ.. برضه هاخدها معايا.. ولما كان أبوها يعترض إنك ماتخديش البت معاكي وبتاع كانت الأم ترفض وتقول إن شاء الله أمسكها في إيد وأشتري وأشيل بالإيد التانية بس برضه هاخدها معايا!.. مرة في مرة بقت عادة.. العادة كان لازم تتطور بعد 3 سنين وبعد ما "مي" بقي عندها 6 سنين.. هتروحي لوحدك السوق يا "مي"!.. أمها قررت كده.. بالمناسبة والدة "مي" مش متعلمة.. وطبعا اعتراض أبو "مي" ماكنش له أي لزوم لإن أمها مصممة.. (أنا بنتي مايعيبهاش حاجة).. بتخرج "مي" للسوق اللي أساسًا قريب من البيت بس التجربة نفسها فيها مغامرة.. مهمة السوق كانت بتشمل شراء خضار+ إنها تجيب حتة قماش خضراء كانت أمها موصية عليها بياعة القماش اللي في السوق عشان تفصل لها جلابية.. حلو ده.. واحدة واحدة وبالراحة واعتمادا على العصاية بتاعها وملامسة حيطان البيوت؛ بتوصل "مي" للسوق وبتشتري الخضار بنجاح وبتروح للست بياعة القماش وتقول لها عايزة حتة القماش الخضرا اللي أمي قالتلك عليها.. البياعة بتديها حتة القماش وبتسمع "مي" صوت شبه الضحكة المكتومة من الست بس بالدماغ العيالي بتاعتها ماقدرتش تفسر.. بتوصل "مي" للبيت وهي محققة انتصارها الصغير وشايلة الطلبات بتاعتها.. أمها بتفرز الأكياس وهي طايرة ببنتها.. إيدها بتفتح الكيس بتاع القماش.. القماشة الموجودة لونها أزرق مش أخضر!.. سألت "مي" إنتي متأكدة يا بت إنك قولتي للولية إنك عايزة القماشة اللي لونها أخضر زي ما قولتلك؟.. "مي" بتنهار من العياط بعد ما حست إنها عملت مصيبة وقصرت وقالت: أيوا والمصحف يا أمي.. أمها بدون ولا كلمة حطت الطرحة على رأسها ومسكت حتة القماش الزرقا في إيدها وفي الإيد التانية مسكت "مى" وشدتها واتحركت ناحية محل بياعة القماش.. أول ما دخلت المحل ودون ما تنطق رمت القماش في وش الست ومسكتها من شعرها وهي بتصرخ: (أنا بنتي مش ناقصها حاجة يا بنت الناقصة عشان تستعميها).. الست قالت وهي بتحاول تفلفص من إيد الأم: (مقصديش حاجة والله يا أم "مي" غصب عني).. أم "مي" قالت: (غصب عنك يا بنت الـ ***!، ليه وهو أنا مش عارفاكي كويس).. نزلت ضرب بالبوكسات وبالشلاليت وشد من الشعر وتقطيع هدوم في الست!.. كانوا حرفيا فُرجة السوق.. "مي" بتقول إن أمها مسكت إيدها وضربت الست بإيد بنتها.. خرجت "مي" من الموقف ده رافعة رأسها وضهرها محمي بـ أمها ومتأكدة إنها مش كفيفة.. "مي" بتقول في نهاية رسالتها إن الموقف ممكن يبان مش مناسب أو تصرف عادي من إنسانة مش متعلمة زي ما هيشوفها البعض؛ بس والله فرق معايا وإداني ثقة في نفسي.. أول خطوات الثقة في النفس بناخدها من أمهاتنا لما يكونوا قريبين.. وأول أسباب فقدان ثقتنا في نفسنا لما مابيكونش فيه تواصل بينا وبينهم.

● صديقتي "نيرمين ياسين" بتقول في مرة كنت راكبة ميكروباص وفيه عربية نقل كبيرة جايه من الطريق العكسي علينا.. المهم إن السواق بتاعنا لحق نفسه وماحصلش حاجه.. صاحب العربية النقل الكبيره شتم سواق الميكروباص بتاعنا بـ أمه!.. فالسواق بتاعنا نزل يتخانق معاه وكده، ولما رجع وركب ومشينا قعد يتكلم معانا ويقول: (كله إلا أمي! هو ماله باللي ماتوا؟ مايشتمني أنا؟ يشتمها ليه وهي في قبرها ماعملتوش حاجه؟).

● حتى دينيًا.. (1) سيدنا "أبو هريرة" رضى الله تعالي عنه كان بيشيل أمه الكفيفة ويخرج بيها للخلاء عشان تعمل حمام.. كل يوم بدون كلل أو تعب مرتين تلاتة.. كان برضه لما يدخل البيت يقول لأمه: (رحمك الله كما ربيتني صغيرًا) فترد أمه: (وأنت رحمك الله كما بررتني كبيرًا).. (2) كمان والدة الصحابي الجليل "عبدالله ابن مسعود" رضى الله تعالى عنه طلبت منه إنه يجيب لها كوباية ميه.. راح وجاب الكوباية لكن لقاها نامت.. فضل واقف جنب أمه النايمة وهو ماسك الكوباية!.. شوية يقعد وشوية يقف وإيده بنفس الوضعية!.. لحد صلاة الفجر فصحيت أمه وإداها الميه!، كان خايف إنه ينام أو يمشي فهي تصحى فجأة وماتقدرش تنده عليه وتنام عطشانة!.. (3) الإمام "الحسن البصري" لا يأكل من الصحن الواحد مع أمه لأنه كان يخاف أن تسبق يده إلى شيء وأمه تشتهيه.. (4) الإمام "إبن سيرين" كان إذا كلم أمه كأنه يتضرع!.

● الأم في كل زمان وتحت أي ظروف هي جسر الحب اللي هيوديك للجنة.. كلام كتير ممكن يتقال عن ست الحبايب، ومش محتاجين مناسبة معينة في يوم محدد عشان نجيب سيرتها بكل الخير.. كلام كتير ممكن يتقال عن إنسانة أساس حياتها هي "الأفعال" بس وحتى لو قولنا كتير فالكلام مش هيوفي.. ربنا يبارك في عُمر كل الأمهات اللي وسطنا ويرحم اللي توفاهم ويرزقهم الجنة ويشفي كل أم مريضة ويجعل نهر من صحة وعافية يسري في عروقها.

تابع مواقعنا