ذاكرة الأمثال | عملوك مسحَّر فرغ رمضان
لا يمكن اعتبار الأمثال كلامًا يقال من أجل التسلية، بل تحمل هوية الأمم وتاريخها، لأنه بقدر ما تكون الأمثال قديمة؛ يكون ذلك دلالة على قدم تاريخ الأمة التي توارثت هذه الأمثال.
والأمثال أيضا تزودنا بالخبرات الحياتية، وتوقفنا على تجارب أجدادنا السابقين، ونأخذ منها الدروس والعبر، ومن الأمثال القديمة: عملوك مسحَّر؟ قال: فِرغ رمضان».
والمقصود بـ المسحر؛ هو المسحراتي الذي يطوف على الدور في رمضان ليوقظ الناس للسحور، ومن عادته أن يغني أزجالا، ويقرع على طبل صغير في يده، ومعنى المثل: لما جعلوه مسحرا.. انتهى شهر رمضان ولم تبق حاجة إليه.
ويوضح أحمد تيمور باشا في كتابه الأمثال العامية، أن المثل يضرب لمن يشتغل بأمر فينتهي المقصود منه حين اشتغاله به، ويتم الاستغناء عنه، وهم يقصدون بذلك الإنسان سيئ الحظ؛ وقد قيل في معنى المثل أيضًا «جا يتاجر في الحنة كترت الأحزان» - أي عندما حاول الاشتغال بتجارة الحناء التي تباع للأفراح؛ قلت الأفراح وندر السرور أو انتهى.
العنب إن صح فسد
ومن الأمثال القديمة والمتوارثة أيضًا قولهم العنب إن صح فسد، وإن فسد صح، والمقصود هنا بعد عصره، فإن العنب إن صح صار خمرا ضررها أكثر من نفعها، وإن فسد صار خلا غير ضار.
ويضرب هذا المثل في الشيء الضار يتحول فينقلب نافعًا، وقد يراد به الشخص الصالح الشرير؛ يصاب بما يجعله صالحا خيرا، كأن تعجزه العاهة عن ارتكاب الشر فيميل إلى الخير، أو يراها عقابًا له فيعتبر وينزجر.
