السفير الصيني بالقاهرة: تعزيز العلاقات الودية مع مصر أهم أهداف جمعية الصداقة
تحدث لياو ليتشيانج، السفير الصيني في مصر، عن مدى أهمية العلاقات الصينينة-المصرية بالنسبة للصين، وأهم المشروعات التي تنفذها الصين ومصر في الوقت الحالي.
وتناول ليتشيانج، في حواره لـ القاهرة 24، العلاقات الصينية - الأمريكية ومدى تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى رد الصين على الولايات المتحدة بشأن مسألة تايوان.
وإلى نص الحوار..
١- تمر العلاقات المصرية الصينية بمرحلة تطور عظيمة. كيف تنظرون إلى العلاقات المصرية الصينية الحالية؟ وإلى أي مدى تأثرت العلاقات المصرية الصينية بتفشي وباء كوفيد -19؟
أتفق معك كثيرًا ان العلاقة بين البلدين حاليا تمر بمرحلة تطور سريع وملحوظ؛ إن أهم سبب للتطور الشامل والعميق والمستقر للعلاقة بين البلدين هو التخطيط الاستراتيجي والتوجيه الشخصي لقادة الصين ومصر، اللذان اعطا زخم وقوع دفع للعلاقات الصينية المصرية، مما أحدث طفرة في تطور العلاقات بين البلدين، وتعد الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر حاليا في أفضل حالاتها. في السنوات الأخيرة، تعززت الثقة السياسية المتبادلة بين الصين ومصر، وأسفر التعاون العملي بين الجانبين عن نتائج مثمرة، كما ان هناك العديد من النقاط المضيئة في التعاون المتبادل لمكافحة الوباء بين الجانبين، لذا أصبحت الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر نموذجًا يحتذى به للتضامن والتعاون وتحقيق المنفعة المتبادلة بين الصين والدول العربية والإفريقية والنامية. وبصفتي سفيرًا للصين في مصر، يسعدني جدًا أن أرى استمرار التعاون الودي بين الصين ومصر على الرغم من تأثير الوباء واستمرار الجائحة، وبعد التعافي البطيء للاقتصاد العالمي وغيرها من التحديات، توطدت العلاقة بين البلدين حتى تجذرت في قلوب الشعبين.
في مواجهة الوباء، لم تتأثر أو تتقلص التبادلات رفيعة المستوى بين الصين ومصر. منذ تفشي الوباء، حرص كل من الرئيس الصيني شي جينبينغ والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على التواصل المستمر لتعزيز اتجاه التنمية طويلة الأمد للعلاقات الصينية المصرية. في عام 2021، تقدم الرئيس السيسي، بالتهنئة (عبر إرسال فيديو) إلى الرئيس شي وشعب الصين بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني. في فبراير 2022، قام الرئيس السيسي بزيارة إلى الصين خصيصا لحضور دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين، معربًا عن دعمه للصين بإجراءات عملية أشادت بها الصين. وقد التقى الرئيس شي بالرئيس السيسي خلال الزيارة وتوصلا إلى توافق هام في مختلف الرؤى، مما ضم زخما قويا جديدا في العلاقات الثنائية بين البلدين. وفي العامين الماضيين، قام مستشار الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي بالزيارة إلى مصر مرتين، ووقع اتفاقية مع وزير الخارجية المصري سامح شكري بشأن إنشاء لجنة التعاون الحكومية المشتركة بين الصين ومصر، وتوصلا إلى توافق حول صياغة برنامجا تنفيذيا بشأن تعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين خلال السنوات الخمس القادمة.
في مواجهة الوباء، ساعدت الصين ومصر بعضهما البعض، وكتبتا فصلًا جديدًا من الصداقة الصينية المصرية. ومنذ تفشي الوباء، قدمت الصين لمصر أربع دفعات من المساعدات وأربع دفعات من اللقاحات، وساعدت مصر في بناء خط إنتاج الكمامات، ووقعت اتفاقية إنتاج محلية مع مصر لإنتاج اللقاحات الصينية في مصر، وأصبحت مصر الدولة الأولى في القارة الأفريقية التي تتعاون مع الصين لإنتاج لقاحات كوفيد-19. في نهاية عام 2021، أقيم حفل توقيع اتفاقية لإنشاء مخزن تبريد للقاحات بالتعاون بين سينوفاك الصينية وفاكسيرا، بسعة تخزينية تبلغ 150 مليون جرعة من اللقاحات، والذي بعد اكتماله، سيصبح أكبر مركز لتخزين اللقاحات في إفريقيا. وستوفر الصين لمصر كمية 60 مليون جرعة من اللقاحات لدعم مصر في تحقيق خطة استهداف تطعيم 70% من المواطنين بحلول منتصف العام الجاري.
في مواجهة الوباء، اخترق التعاون العملي الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر الأمواج العالية وحقق نجاحات مبهرة. ترتبط مبادرة "الحزام والطريق" ارتباطًا وثيقًا بـ "رؤية مصر 2030"، كما أن مفهوم البناء المشترك عالي الجودة لـ "الحزام والطريق" متجذر بعمق في مصر. ظلت الصين على مدار ثماني سنوات متتالية أكبر شريك تجاري لمصر، وهي البلد الأكثر نشاطًا في مجال الاستثمار في مصر في السنوات الأخيرة، في عام 2021، ارتفع حجم التجارة الثنائية بين الصين ومصر بنسبة 37٪، وهو ما يعكس بشكل كامل التكامل العالي بين الاقتصادين. اكتمل الهيكل الرئيسي للبرج الأيقوني في منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة لمصر، والذي تم بناؤه من قبل الشركات الصينية، كما ان مشروع سكة حديد الضواحي "العاشر من رمضان" يسير بسلاسة، ومشروع ابراج مدينة العلمين الجديدة الفائقة، وتم بناء مركز تجميع واختبار الأقمار الصناعية المصرية بمساعدة صينية، وفي الوقت نفسه فان التعاون مع مصر لتنفيذ مشروع القمر الصناعي "مصر سات 2"، قيد التنفيذ، ومن المتوقع أن تطلق مصر القمر الصناعي سات 2 هذا العام. وقد وفرت منطقة التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر تيدا السويس بشكل مباشر أو غير مباشر فرص عمل لأكثر من 40 ألف مصري. تلك الأرقام والبيانات والمشاريع الاقتصادية والتجارية جاءت لتعزيز التنمية وتحقيق الفائدة لمعيشة الناس واحدة تلو الأخرى، مما يدل بشكل كامل على طبيعة التعاون بين الصين ومصر التي تعتمد على المنفعة المتبادلة والنتائج المربحة للجانبين.
في مواجهة الوباء، اخترقت التبادلات الشعبية والثقافية بين الصين ومصر العقبات، وخلقت نقاط مضيئة.
لقد نقلنا العديد من أنشطة التبادل الثقافي لتكون عبر الإنترنت، بدأت بسلسلة محاضرات بعنوان "الصين في عيون المصريين"، و"رأس السنة الصينية الجديدة"، وغيرها من الأنشطة، كما كان هناك الحفل الموسيقي السحابي "سيمفونية الصداقة"، وكذلك العديد من الأنشطة التفاعلية والمسابقات مثل مسابقة مقال" انا والصين "والتي لاقت ترحيبا حارا من قبل الشعب المصري.
في يناير من هذا العام، ومع بدء العد التنازلي لمدة 10 أيام لافتتاح أولمبياد بكين الشتوي، نظم برج القاهرة، وهو مبنى تاريخي في القاهرة، عاصمة مصر، عرضًا ضوئيًا للاحتفال بتلك المناسبة. في الشهر الماضي قمت بتكريم ثلاثة من الأطفال المصريين المشاركين في مسابقة السفير الثقافي الصغير للصين، والتي تنظمها مؤسسة سونغ تشينغلينغ الصينية، وهؤلاء الصغار هم جسر للتواصل وسفراء بين البلدين. وانا استعد حاليا للمشاركة في حفل رمضان الخيري الذي تنظمه الغرفة التجارية المصرية الصينية يوم السادس عشر من ابريل. أقامت غرفة التجارة المصرية الصينية سبع دورات متتالية من الأنشطة الخيرية في شهر رمضان، وقد تم التبرع بأكثر من 10000 كرتونة رمضانية، استفادت منها حوالي 40 أسرة فقيرة، ليصبح نشاطًا منتظمًا تقوم به الشركات الصينية في مصر للوفاء بمسؤولياتها الاجتماعية في مصر، مما يعكس ويبرز مشاعر الصداقة بين الشعبين.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تعزيز العلاقات الودية الشعبية بين الصين ومصر هو أيضا أهم أهداف جمعية الصداقة المصرية الصينية. جمعية الصداقة المصرية الصينية بقيادة رئيسها السفير والي، جمعت لفيف من السفراء السابقين وغيرهم من الأصدقاء، وقد قامت جمعية الصداقة المصرية الصينية بتوسيع دائرة الصداقة المصرية الصينية، وأقامت أنشطة فعالة مثل "ندوة الاحتفال بالذكرى ال72 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية" واجتماع اللجنة التنفيذية الثالثة عشر لاتحاد الصداقة العربية الصينية وغيرها من الأنشطة، حيث قدمت الصين الحقيقية للشعب المصري، وأوضحت صورة الصين الجديرة بالثقة والاحترام للشباب الصغير في مصر.
في مواجهة الوباء، تدعم الصين ومصر بقوة المصالح الجوهرية والرئيسية لبعضهما البعض، وتنسقان وتتعاونان بشكل وثيق في الشؤون الدولية والإقليمية. يشهد العالم اليوم تغيرات كبيرة لم نشهدها منذ قرن من الزمان. تشترك الصين ومصر في مفاهيم واستراتيجيات متشابهة فيما يتعلق بالدفاع عن مصالحهما، والسعي لتحقيق التنمية المشتركة، وتعزيز رفاهية الشعب، وتعزيز العدالة في العالم، كما تلتزمان بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخر، ودعم التعددية، ومعارضة تسيس قضايا حقوق الإنسان، ومعارضة الأحادية، وتعزيز بناء نوع جديد من العلاقات الدولية.
يصادف هذا العام الذكرى الـ 66 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين ومصر. على مدى السنوات الـ 66 الماضية، أقامت الصين ومصر أخوة لا تنفصم في النضال من أجل حماية الاستقلال الوطني وتحسين الذات، وشرعتا في طريق التعاون وحققتا نقاط مضيئة في رحلة التنمية والإنعاش، وكتبتا فصلًا رائعًا من المساعدة المتبادلة في خضم التغييرات المعقدة وقدمتا مثالًا رائعًا لبناء نوع جديد من العلاقات الدولية. لطالما وضعت الصين علاقتها مع مصر كأولوية في دبلوماسيتها مع الشرق الأوسط وإفريقيا، وهي على استعداد للعمل مع مصر للتحرك بحزم نحو هدف بناء مجتمع صيني-مصري ذي مستقبل مشترك في العصر الجديد، ودفع العلاقات الصينية المصرية إلى آفاق جديدة.
٢-ما هي أوجه التعاون بين الصين ومصر في مجال التنمية المستدامة؟
من خلال التكامل العميق بين مبادرة الحزام والطريق و"رؤية مصر 2030”، تواصل الصين ومصر ابتكار أشكال التعاون وتوسيع مجالات التعاون فيما بينهما، مما يظهر قوة دفع جيدة للتعاون المستمر. ستواصل الصين تعزيز التنمية الخضراء والمنخفضة الكربون، وتعزيز التعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة، ويتوافق ذلك مع استراتيجية مصر الوطنية لتعزيز التحول الأخضر للطاقة والهيكل الصناعي وتحقيق التنمية المستدامة. في نوفمبر 2021، وقعت الهيئة القومية للاستشعار من البعد وعلوم الفضاء المصرية ومعهد الموارد الزراعية والتخطيط الإقليمي الصيني على مذكرة تفاهم للتعاون في الزراعة الذكية، إيذانًا بالتوسع في التعاون المصري الصيني في مجال الزراعة. في ديسمبر 2021، تم التوقيع على مشروع "التعاون الأخضر" بين الجانب المصري ومجموعة ويتشاي الصينية، والتي ستساعد الحكومة المصرية في أعمال مشروع التحول من "النفط إلى الغاز" لـ 240 ألف حافلة صغيرة في مصر، مما يساعد مصر في تنفيذ مبادرة "التنمية الخضراء “. كما أنشأت جامعة نينغشيا وجامعة عين شمس مختبرًا ذكيًا للري موفرًا للمياه. يوفر نظام الري الذكي هذا أكثر من 20 ٪ من المياه مقارنة بالتقنيات العادية. وسيعزز ويدعم تنمية الزراعة الموفرة للمياه في مصر وتحسين القدرة الإنتاجية الشاملة للزراعة.
تستضيف مصر نهاية العام مؤتمر الأطراف السابع والعشرين (COP 27) التابع لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ وقد أعرب مستشار الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي خلال لقائه بوزير الخارجية المصري سامح شكري- على هامش اجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي -عن دعم الصين لمصر لعقد الاجتماع بشكل جيد، وان الصين مستعدة لتعزيز التواصل والتنسيق مع مصر، وان تستغل الذكرى الثلاثين للاتفاقية تلك كفرصة للتعبير عن التزاماتها بمبدأ المسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة، وتعزيز التنفيذ الكامل والفعال للاتفاقية، وضمان أن الاستجابة العالمية لتغير المناخ تتحرك في الاتجاه الصحيح، لا سيما في مساعدة البلدان النامية على تحقيق الانتعاش الأخضر والتنمية المستدامة.
ان الصين على استعداد لمواصلة تعزيز التعاون الأخضر مع مصر، وتطوير الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ومصادر الطاقة المتجددة الأخرى بقوة، ومواصلة تشجيع ودعم الشركات الصينية للمشاركة بنشاط في مشروعات التنمية الخضراء في مصر، وتقديم الدعم العملي في مجال التكنولوجيا وبناء القدرات، ومساعدة مصر على تحقيق التحول إلى الطاقة الخضراء منخفضة الكربون للتصدي المشترك للتحديات التي يفرضها تغير المناخ.
من ناحية أخرى، تولي الصين أهمية كبيرة للتعاون مع مصر في تشييد البنية التحتية وتدريب الموظفين، حتى يشعر الشعب المصري بشكل ملموس بنتائج المشاركة والمكاسب الذي يجلبها التعاون الصيني المصري، والتي تهدف لتعزيز التنمية المستدامة لمصر. قدمت ورشة عمل لوبان ومدرسة التكنولوجيا التطبيقية بجامعة قناة السويس التي أنشأناها بشكل مشترك تدريبًا على المهارات المهنية للشباب المصري. منذ عام 2016، شارك أكثر من 3000 مسؤول مصري في البرنامج التدريبي الصيني لبناء القدرات. كما أنشأت 75 جامعة وهيئة حكومية مصرية أكاديمية Huawei ICT، التي دربت أكثر من 15000 شاب مصري، وقدمت مساهمات مهمة في استقرار الاقتصاد المحلي وتحسين معيشة الناس. كما ساعدت شركة هواي القرى الواقعة في المناطق النائية للصحراء وفي جزر البحر الأحمر، في تركيب مرافق اتصالات عالية الجودة لربط السكان المحليين بالعالم الخارجي. تقدم الشركات الصينية خدمات حفر الآبار العميقة في واحة سيوة ويهدف الجانب المصري حفر بئر عميقة بعمق حوالي 1200 متر حتى يتمكن السكان المحليون من استخدام مصادر مائية كافية ومستقرة وعالية الجودة؛ وفي الوقت الحاضر، تم الحفر حتى عمق يزيد عن 400 متر،في وقت سابق، أتمت الشركات الصينية أعمال حفر العديد من الآبار في محافظتي المنيا والوادي الجديد وغيرها من المناطق. انني على ثقة أن التعاون العملي رفيع المستوى بين الصين ومصر سيعود بالفائدة على الشعب المصري وسيجلب لهم المزيد من الرفاهية والمكاسب المختلفة.