ماذا يعني إفلاس لبنان.. وماهي السيناريوهات المستقبلة؟
أعلنت حكومة لبنان إفلاسها اليوم، على لسان سعادة الشامي نائب رئيس الحكومة، بالإضافة إلى إفلاس مصرف لبنان المركزي، والذي أكد أنه سيجري توزيع الخسائر على الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين، ولا توجد نسبة مئوية محددة، للأسف الدولة مفلسة وكذلك مصرف لبنان، ونريد أن نخرج بنتيجة، والخسارة وقعت بسبب سياسات لعقود، ولو لم نفعل شيئا ستكون الخسارة أكبر بكثير.
كيف تفلس الدول؟
لا تفلس الدول بالشكل الذي يحدث في الشركات الاستثمارية، ولا يمكن أن تقوم المحكمة الدولية بوضع يدها على أصول وممتلكات الدولة لبيعها وتسديد مستحقات الدائنين، كما تفعل مع الشركات فالدولة لها سيادتها الخاصة، ولا يسمح القانون الدولي بتجاوزها.
وتشير الدراسات الاقتصادية، إلى أن إفلاس دولة معناه فشل الحكومة في سداد مدفوعات أقساط الدين والفائدة عند استحقاقها، وقد يكون الفشل في سداد الديون المستحقة للدائنين مصحوبًا بإعلان رسمي من الحكومة بأنها لن تسدد الديون المستحقة، أو قد يحدث أحيانًا دون أي إعلان رسمي.
ومن أهم أسباب إفلاس الدولة انخفاض حاد في الإيرادات العامة مما قد يؤدي إلى ارتفاع في المديونية أو لسبب أزمة اقتصادية خانقة نتيجة لسياسات وقرارات خاطئة، أو لسبب خسارة الدولة للحرب مع دولة أخرى.
وقبل إعلان الدولة لإفلاسها، تلجأ إلى اتخاذ إجراءات صعبة للغاية مثل زيادة الضرائب وخفض النفقات العامة ووقف التوظيف في القطاع العام، وقد تلجأ إلى البلدان الصديقة أو المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي أو نادي باريس لإقراضها وإنقاذها من الوضع المالي الصعب.
خروج الاستثمار الأجنبي
يقول الدكتور خالد رحومة الخبير الاقتصادي، في تصريحات خاصة لـ القاهرة 24، إن إعلان الدولة لإفلاسها يعني أنها تعجز عن سداد ديونها والتزاماتها تجاه الآخرين، وتدهور تصنيفها الائتماني وتصبح هي الجاذبة للاستثمار وتعجز عن سداد احتياجا مواطنيها، وتتجه إلى إعادة جدولة ديوانها لمد فترات سدادا الديون، وإقراضها قروض ميسرة من بعض المؤسسات الدولية لحاجتها للمساعدة، والمستثمرين يحاولون تصفية استثماراتهم من الدولة واللجوء للاستثمار في الخارج ومناخها طارد للاستثمار، ويتحول إلى ذعر مالي بالنسبة للمستثمرين فيلجئوا إلى تحويل أموالهم من عملة الدولة إلى عملة أجنبية لخوف من تدهور عملتها.
ماذا يحدث بعد إفلاس الدول؟
وبعد إعلان الدولة لإفلاسها، تحدث هزة اقتصادية قوية على الصعيد المحلي حيث يندفع المستثمرون وأصحاب المدخرات لسحب أموالهم من الحسابات المصرفية ونقلها خارج البلاد، ومن أجل تجنب ذلك تقوم بعض الحكومات بإغلاق البنوك وفرض قيود على حركة رؤوس الأموال، وفقا لخبراء اقتصاد.
وعلى الصعيد الخارجي وكعقاب على التعثر في السداد، تصدر وكالات التصنيف الائتماني تحذيرات بشأن الاستثمار في الدولة المفلسة، كما تتم تسوية الديون أو إعادة هيكلتها بين الحكومات المتعثرة والدائنين دون وجود قوانين دولية تنظم هذا الأمر، ولكن التفاوض بشأنها يكون مكلفا ومرهقا لجميع الأطراف.
وإفلاس الدول في عصرنا الحالي ليس كالإفلاس في العصور السابقة، فقديمًا إذا امتنعت دولة أو تاجر فيها عن سداد مستحقات أجنبية تقوم الدولة الأجنبية بغزو الدولة المفلسة لتحصيل ما يمكن تحصيله من مستحقاتها أو مستحقات مواطنيها، وقد أصبح إعلان الإفلاس اليوم هو عبارة عن إيجاد مخرج قانوني لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مستحقات الغير مع فتح المجال لعودة المفلس إلى معاودة نشاطه الإنتاجي ضمن المجتمع الاقتصادي.
يذكر أن قرابة نصف دول القارة الأوروبية، و40% من دول إفريقيا، و30% من دول آسيا أعلنت خلال القرنين السابقين إفلاسها، وكانت الولايات المتحدة وألمانيا واليابان والمملكة المتحدة والصين أبرز الدول التي أعلنت إفلاسها وعجزها عن سداد ديونها الداخلية أو الخارجية خلال القرنين الماضيين، وأعلنت ألمانيا إفلاسها ثماني مرات خلال 200 عام.
الديون السيادية
وعند الاستثمار في الديون السيادية، يراقب حاملو السندات الاستقرار السياسي والبيئة المالية للدول لتحديد مخاطر التخلف عن السداد السيادي، وعلى الرغم من أن الدول ذات السيادة لا تخضع لقوانين الإفلاس، كما هو الحال مع الشركات والأفراد، فإن حالات التخلف عن السداد السيادية شائعة وتسبقها أزمة اقتصادية.
وعندما يحدث ذلك، يصبح حاملو السندات في حيرة لأن البلدان لا يمكن أن تخضع لنفس النتائج القانونية التي تتعرض لها الشركات، لذلك، عندما يشك حاملو السندات في احتمال تقصير الحكومة في الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بالديون، فقد يسعون إلى مراجعة أسعار الفائدة للتعويض عن زيادة مخاطر التخلف عن السداد، وفقا لخبراء الاقتصاد.
ويُعرف مثل هذا السيناريو بأزمة الديون السيادية، وهو أمر شائع في الحكومات التي تعتمد على الاقتراض قصير الأجل لأنه يخلق عدم توافق بين السندات قصيرة الأجل والقيمة طويلة الأجل للأصول الممولة من خلال الديون.
وعندما يتخلف بلد ما عن السداد، تقوم وكالات التصنيف الائتماني بمراجعة وضعه المالي ومنحه تصنيفا ائتمانيا سياديا، وسيعتمد التصنيف المخصص على عوامل مختلفة.
مفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي
وكشف سعادة الشامي، نائب رئيس حكومة لبنان، في بيان اليوم، مسار المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، مؤكدا أن هناك اتصالات يومية مع إدارة صندوق النقد الدولي، لافتًا إلى حضور بعثة كبيرة وإحراز تقدم في المفاوضات.
وأعرب عن رغبته في أن يتم التوصل لاتفاق خلال الجولة الحالية أو الجولة المقبلة، كاشفًا أن المفاوضات حالية تشمل عدة أمور رئيسية تتمثل في إصلاح القطاع المصرفي وإعادة هيكلته.
تشمل المفاوضات أيضًا السياسة المالية المتوازنة لخدمة الدين العام، وإصلاح القطاع العام والكهرباء، كما تشمل كذلك سعر الصرف والتضخم ومعالجته وكذلك السياسة النقدية، وبالتأكيد يشكل الوضع الحالي تحديًا كبيرًا أمام حكومة نجيب ميقاتي.
أسباب الإفلاس الدول
تعتبر أبرز أسباب إفلاس الدول، هي:
تغيير الحكومة
عندما يحدث تغيير في النظام بسبب انقلاب عسكري أو حالة ثورية، قد تشكك الحكومة الجديدة في شرعية الديون السابقة التي أخذتها الحكومة السابقة وتوقف سداد الديون الحالية.
نقص السيولة
يكون البلد في حالة تخلف عن السداد بسبب نقص السيولة عندما يكون غير قادر مؤقتًا على الوفاء بمدفوعات أقساط الدين والفائدة لأنه لا يمكنه تسييل قاعدة أصوله بسرعة.
الإعسار
الإعسار هو حالة لم يعد فيها البلد قادرًا على الوفاء بالتزامات ديونه، ويواجه تخلفًا عن السداد، قد يعلن بلد ما إفلاسه لأسباب مختلفة، بما في ذلك الزيادات الحادة في الدين العام، والاضطراب من تدابير التقشف المتخذة لسداد الديون، وزيادة البطالة، وزيادة اللوائح الحكومية في الأسواق المالية.