السبت 23 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

في اليوم العالمي للشعر.. لماذا كتب الشاعر الأندلسي ابن زيدون نونيته؟

القاهرة 24
ثقافة
الإثنين 21/مارس/2022 - 06:01 م

يعتبر عصر الشعر الأندلسي من أبرز العصور التي ازدهر فيها الشعر وقويت معانيه، وتزامنًا مع ذكرى اليوم العالمي للشعر التي تحل اليوم 21 مارس، فإن الشاعر ابن زيدون يعتبر من أشهر الشعراء في العصر الأندلسي ويشتهر بـ نونيته.

وتعد نونية ابن زيدون من أبرز القصائد التي تميز وعُرف بها، وكتبها من أجل حبه في ولادة بنت المستكفي، يصف حال عشقه الذي تدهور، ويكتب لها كيف يعيش ليله وحياته بعدما فرق البعد بينهما، متحسرًا على ضياعها من بين يديه، متشوقًا لرؤيتها مثلما يعانق حبها ضمائره.

وتعد هذه النونية من أشهر قصائد الفراق التي قيلت في تاريخ الشعر العربي، وقد حاكاها الشعراء من بعده، ونسجوا أبياتًا على منوالها، وفيها يتناول الشاعر الأيام التي كانت تقرب بينه وبين عشيقته، ويذوب أسى وألما على فراق ولادة بنت المستكفي حبيبته وعشيقته، ويحترق شوقا إليها وإلى الأوقات الصافية الممتعة التي قضاها معها.

إن الزمان الـذي مـا زال يُضحكنـا أنسًـا بقربهم قـد عـاد يُبكيـنـا.. ابن زيدون يتحسر على عشيقته

أَضْحَى التَّنَائِي بَدِيْـلًا مِـنْ تَدانِيْنـا

وَنَابَ عَـنْ طِيْـبِ لُقْيَانَـا تَجَافِيْنَـا

ألا وقد حانَ صُبـح البَيْـنِ صَبَّحنـا

حَيـنٌ فقـام بنـا للحَيـن ناعِينـا

مَـن مُبلـغ المُبْلِسينـا بانتزاحِهـم 

حُزنًا مـع الدهـر لا يَبلـى ويُبلينـا

إن الزمان الـذي مـا زال يُضحكنـا

أنسًـا بقربهم قـد عـاد يُبكيـنـا

غِيظَ العِدى من تساقينا الهوى فدعوا

بأن نَغُـصَّ فقال الدهر آمينا

فانحلَّ مـا كـان معقـودًا بأنفسنـا

وانبتَّ مـا كـان موصـولًا بأيدينـا

وقد نكون وما يخشى تفرقنا

فاليوم نحن وما يرجى تلاقينا

يا لَيْتَ شِعْرِي وَلَم نُعتِب أَعادِيَكُم

هَل نالَ حَظًّا مِنَ العُتْبَى أَعَادِينَا

لم نعتقـد بعدكـم إلا الوفـاءَ لكـم

رأيًـا ولـم نتقلـد غـيـرَه ديـنـا

ما حقنا أن تُقـروا عيـنَ ذي حسـد

بنـا، ولا أن تسـروا كاشحًـا فينـا

كنا نرى اليـأس تُسلينـا عوارضُـه

وقـد يئسنـا فمـا لليـأس يُغرينـا

بِنتـم وبنـا فمـا ابتلـت جوانحُنـا

شوقًـا إليكـم ولا جفـت مآقيـنـا

نكـاد حيـن تُناجيكـم ضمائـرُنـا

يَقضي علينا الأسـى لـولا تأسِّينـا

حالـت لفقدكـم أيامـنـا فَـغَـدَتْ

سُودًا وكانـت بكـم بيضًـا ليالينـا

إذ جانب العيش طَلْـقٌ مـن تألُّفنـا 

وموردُ اللهو صـافٍ مـن تصافينـا

وإذ هَصَرْنا غُصون الوصـل دانيـة

قطوفُهـا فجنينـا منـه مـا شِينـا

ليسقِ عهدكم عهـد السـرور فمـا

كنـتـم لأرواحـنـا إلا رياحيـنـا

لا تحسبـوا نَأْيكـم عنـا يُغيِّـرنـا 

أن طالمـا غيَّـر النـأي المحبينـا

والله مـا طلبـت أهواؤنـا بــدلًا

منكم ولا انصرفـت عنكـم أمانينـا

يا ساريَ البرقِ غادِ القصرَ فاسق به

من كان صِرفَ الهوى والود يَسقينـا

واسـأل هنـالك هـل عنَّـي تذكرنـا 

إلفًـا، تـذكـره أمـسـى يُعنِّيـنـا

ويا نسيـمَ الصِّبـا بلـغ تحيتنـا

من لو على البعد حيًّا كـان يُحيينـا

فهل أرى الدهـر يَقصينـا مُساعَفـةً

مِنْهُ، وإنْ لم يكُنْ غبًّا تقاضِينَا

ربيـب ملـك كــأن الله أنـشـأه 

مسكًا وقـدَّر إنشـاء الـورى طينـا

أو صاغـه ورِقًـا محضًـا وتَوَّجَـه 

مِن ناصع التبـر إبداعًـا وتحسينـا

إذا تَـــأَوَّد آدتـــه رفـاهـيَـة 

تُومُ العُقُـود وأَدْمَتـه البُـرى لِينـا

كانت له الشمسُ ظِئْـرًا فـي أَكِلَّتِـه 

بـل مـا تَجَلَّـى لهـا إلا أحاييـنـا

كأنما أثبتـت فـي صحـن وجنتـه 

زُهْـرُ الكواكـب تعويـذًا وتزييـنـا

ما ضَرَّ أن لم نكـن أكفـاءَه شرفًـا 

وفـي المـودة كـافٍ مـن تَكَافينـا

يا روضةً طالمـا أجْنَـتْ لَوَاحِظَنـا 

وردًا جلاه الصبـا غَضًّـا ونَسْرينـا

ويـا حـيـاةً تَمَلَّيْـنـا بزهرتـهـا 

مُنًـى ضُرُوبًـا ولــذَّاتٍ أفانِيـنـا

ويا نعيمًـا خَطَرْنـا مـن غَضَارتـه 

في وَشْي نُعمى سَحَبْنا ذَيْلَـه حِيـن

لسنـا نُسَمِّيـك إجـلالًا وتَكْـرِمَـة 

وقـدرك المعتلـى عـن ذاك يُغنينـا

إذا انفردتِ وما شُورِكْتِ فـي صفـةٍ 

فحسبنا الوصـف إيضاحًـا وتَبيينـا

يـا جنـةَ الخلـد أُبدلنـا بسَلْسِلهـا 

والكوثر العـذب زَقُّومًـا وغِسلينـا

كأننـا لـم نَبِـت والوصـل ثالثنـا 

والسعد قد غَضَّ من أجفان واشينـا

سِرَّانِ في خاطـرِ الظَّلْمـاء يَكتُمُنـا 

حتى يكـاد لسـان الصبـح يُفشينـا

لا غَرْو فِي أن ذكرنا الحزن حِينَ نَهَتْ 

عنه النُّهَى وتَركْنـا الصبـر ناسِينـا

إذا قرأنا الأسى يـومَ النَّـوى سُـوَرًا 

مكتوبـة وأخذنـا الصبـر تَلْقِيـنـا

أمَّـا هـواكِ فلـم نعـدل بمنهـلـه 

شِرْبًـا وإن كـان يروينـا فيُظمينـا

لم نَجْفُ أفـق جمـال أنـت كوكبـه 

سالين عنـه ولـم نهجـره قالينـا

ولا اختيـارًا تجنبنـاه عـن كَثَـبٍ 

لكـن عدتنـا علـى كـره عواديـن

نأسـى عليـك إذا حُثَّـت مُشَعْشَعـةً 

فينـا الشَّمُـول وغنَّـانـا مُغَنِّيـنـا

لا أَكْؤُسُ الراحِ تُبدى مـن شمائلنـا 

سِيمَا ارتيـاحٍ ولا الأوتـارُ تُلهينـا

دُومِي على العهد، ما دُمْنا، مُحَافِظـةً 

فالحُرُّ مَـنْ دان إنصافًـا كمـا دِينَـا

فما اسْتَعَضْنا خليـلًا مِنـك يَحْبسنـا 

ولا استفدنـا حبيبًـا عنـك يُثْنينـا

ولو صَبَا نَحْوَنا مـن عُلْـوِ مَطْلَعِـه 

بدرُ الدُّجَى لم يكن حاشـاكِ يُصْبِينـا

أَوْلِي وفـاءً وإن لـم تَبْذُلِـي صِلَـةً 

فالطيـفُ يُقْنِعُنـا والذِّكْـرُ يَكْفِيـنـا

وفي الجوابِ متاعٌ لـو شفعـتِ بـه 

بِيْضَ الأيادي التي ما زلْـتِ تُولِينـا

عليكِ مِنـا سـلامُ اللهِ ما بَقِيَـتْ 

صَبَابـةٌ بكِ نُخْفِيهـا فَتُخفيـنـا

تابع مواقعنا