كيف عبر يوسف الخال عن حبه لـ لبنان في قصيدة هذه الأرض لي؟
تحل اليوم 19 مارس، ذكرى وفاة الشاعر يوسف الخال، حيث رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم 19 مارس عام 1987، وهو شاعر سوري عمل بالصحافة والترجمة.
نشأ يوسف الخال في لبنان، وعاش حياته في مدينة طرابلس، إلا أنه قيل عنه أنه سوري الأصل لأنه وُلد في سوريا، درس الفلسفة وحرر في عدة صحف عربية، وألف العديد من القصائد والدواوين والكتب في الشعر منها: البئر المهجورة، والسفر، والولادة الثانية، وقصائد في الأربعين، وسلماي، وهيروديا، ورسائل إلى دون كيشوت.
وتعتبر قصيدة هذه الأرض لي من أهم القصائد التي كتبها يوسف الخال، ويعبر فيها عن حبه لبلده لبنان، موضحًا أن ضحاياه شرفاء، وأن هؤلاء الضحايا الذين ماتوا من أجله أحياء أبدًا.
ويصف الخال ترابها بأن حفنة منه تعتبر الدنيا بالنسبة له، وأن النور والهدى لم يكن للشرق ولا للغرب لولا شفاعة بلده لبنان، مشيرًا إلى أن هذه الأرض عاش بها الأنبياء من قبله وأن يفتخر بها.
ويفتخر الشاعر بحبه لهذه الأرض قائلًا إنه عاش فيها، وسيعيش فيها أبنائه وأحفاده من بعده، وأنه لم يهجرها إلا طيفه، أما قلبه فهو يعيش بها، ويحب جحيمها ونعيمها ونكد العيش فيها.
ويتفاءل الشاعر يوسف الخال في نهاية قصيدته بمستقبل بلاد لبنان، وأن النور حتمًا سيزورها وستشؤق الصحراء فيها، موضحًا أنها ستظل أرضه يحبها ويدعو لها.
هذه الأرض لي ومن كان مثلي هل له غيرها منىّ ودعاء؟ قصيدة للشاعر يوسف الخال
هذه الأرض لي وهذا الفضاءُ
ما تُرَاني ملكتُ ما لا أَشاءُ:
ثروةٌ، يا نعمّها، كم تفادى
وقضى في ادّخارها الآباءُ،
سمّروا كلَّ مطرحٍ بالضحايا،
والضحايا على المدى أَحياءُ
وأَرادوهُ أَن يظلَّ، فخاب
المحتوى دونه، وخاب العفاءُ
وتحدّى مواكبًا كفَّن النورَ
لواها، وكلُّ فتحٍ لواءُ.
هذه الأَرض لي، لدى كلِّ ظلٍّ
في حماها خميلة وسماءُ.
حفنة من ترابها كانت الدنيا،
وكان الهدى، وكان الضياءُ:
ما لشرقٍ لولا شفاعة لبنانَ
خلاصٌ ولا لغربٍ فداءُ،
حضن النور وحده وتبنَّى
من روت عن مجيئه الأَنبياءُ.
هذه الأرض لي، دَرَجْتُ عليها
وعليها سيدرُجُ الأَبناءُ:
ما أَنا، إِن هجرتها، غير طيفٍ
أَنكرته، في وصفه، الأَسماءُ
وسؤالٍ ضاع الجواب عليه،
مثلما ضاع في الدجى إِيماءُ.
رُبَّ يومٍ بها، على نكدِ العيش،
نعيمٌ أَقلّ منه الرجاءُ.
هذه الأَرضُ لي، وكانت شراعًا
وستبقى، فما لحقٍّ فناءُ:
تردُ النورَ حيثما يُورَد النور
سخيًا فتشرق الصحراءُ.
وغدًا، شأْنها يعود، فتُعطي
إنما الحرُ شأْنُه الإعطاءُ:
فإذا كلُّ فكرةٍ قبسٌ منها،
وكلُّ اختلاجةٍ إِيحاءُ.
هذه الأرض لي، ومن كان مثلي،
هل له غيرها منىً ودعاءُ ؟
أَنا منها، وطالما هي منّي،
فلتكن ما أَشاءُ لا ما يُشاءُ.