احتفال ليلة النصف من شعبان 2022.. آراء تعارض وأخرى تتفق لهذه الأسباب
احتفال ليلة النصف من شعبان 2022 هو الاحتفال الذي تستعد له جميع الأمة الإسلامية خلال أيام قليلة من الآن، حيث ذكرى تحويل قبلة المسلمين وما فيها من دروس وعظة وعبرة لكافة الخلق، وما فيها أيضا من أسرار ربانية لجبر خاطر خاتم المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، ونظرا لانقسام الآراء الدينية بشأن حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان، لذلك سنوضح لكم عبر القاهرة 24، القول الفصل فيما يتعلق بـ الاحتفال.
احتفال ليلة النصف من شعبان 2022
يبحث المسلمون في هذه الآونة عن احتفال ليلة النصف من شعبان 2022، مع العلم أن شعبان هو ثامن الشهور الهجرية من حيث الترتيب وسمي بذلك الاسم لأن القبائل فيه كانت تخرج تتشعب للبحث عن الماء وللنزول إلى الغزوات والحروب بعد توقفها في شهر رجب الحرم، أما بداية شعبان 2022 فقد كانت غرته يوم الجمعة الماضية 4 مارس 2022.
بالتزامن مع البحث عن احتفال ليلة النصف من شعبان سنوضح لكم موعدها المرتقب يوم الجمعة 15 شعبان 1443، وهو ما يوافق بالتقويم الميلادي الذي يهم الكثير من الأشخاص يوم 18 مارس 2022، وستبدأ ليلة الاحتفال من بعد مغيب شمس يوم الخميس 17 مارس حتى فجر يوم الجمعة 18 مارس، وخلال هذا التوقيت يفضل الاحتفال بالتقرب إلى الله بقراءة القرآن والإكثار من الذكر.
المميز في احتفال ليلة النصف من شعبان 2022 لهذا العام هو مصادفة ذلك اليوم في يوم الجمعة وهو خير أيام الأسبوع، وفيها ساعة لا يرد فيها الدعاء، وقال فيها رسول الله صل الله عليه وسلم: "خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه اخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا يوم الجمعة".
سبب الاحتفال بليلة النصف من شعبان
يعلم جميع المسلمين قدسية ليلة النصف من شعبان، إلا أن البعض لا يعلم سبب الاحتفال بليلة النصف من شعبان، ولماذا ليلة النصف تحديدا؟ ففي هذه الليلة يحل على المسلمون في جميع بقاع الأرض ذكرى تحويل القبلة من المسجد الأقصى ببيت المقدس إلى المسجد الحرام بمكة المكرمة، وهي أحب البلاد إلى رسول الله، ولذلك أراد الله أن يلبي نداء رسوله لتكون قبلته إلى موطنه الأحب حتى لا يشعر بالغربة بعدما خرج من مكة إلى الدينة.
تحويل قبلة المسلمين بالاتجاه إلى المسجد الحرام في ليلة النصف من شعبان، لا يعني التقليل من شأن المسجد الأقصى وإنما هو رفعة لمكانة المسجد الحرام الذي رفع قواعده أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما اسلام، ليكون هذا البيت خالصا لوجه الله الكريم، وقبلة دائمة للإسلام والمسلمين، كما جاء في القرآن الكريم: "ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم أول المسلمين" سورة الحج الآية 78.
اُختص السجد الأقصى بـ ليلة الإسراء والمعراج، بعدما صلى سيدنا محمد إماما بالأنبياء داخل المسجد الأقصى قبل أن يعرج به إلى السماء، بينما اختص المسجد الحرام، بليلة النصف من شعبان بعدما تم تحويل القبلة للمرة الثانية إليه تلبية لنداء رسولنا الكريم والذي جاء في القرآن الكريم " قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ" سورة البقرة الآية 144.
وبالحديث عن احتفال ليلة النصف من شعبان 2022، نكون قد أوضحنا لكم أن سبب الاحتفال وهو انتقال قبلة المسلمين من الحسن إلى الأحسن بهدف التوجه إلى الله في الصلاة دون قطع مسافات، وعن فضل ليلة النصف من شعبان وردت الكثير من الأحاديث النبوية بعضها مقبول وبعضها ضعيف، غير أن الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال، وفقا لما قاله الدكتور علي جمعة، رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، ومفتي الديار المصرية السابق.
والفضل الآخر ضمن سبب الاحتفال ليلة النصف من شعبان، ما قاله رسول الله في الحديث الشريف: "إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن" (رواه ابن ماجه وابن حبان)، ويطلق على هذه الليلة مسمى عيد الملائكة، فللملائكة عيدين في أسماء وهما ليلة القدر وليلة النصف من شعبان التي يطلق عليها مسميات كثيرة منها ليلة البراءة.
حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان
اختلفت الآراء الدينية بشأن احتفال ليلة النصف من شعبان 2022، وقد قضى رأي الإمام ابن باز رحمه الله مفتي المملكة العربية السعودية السابق بعدم جواز الاحتفال بليلة النصف من شعبان وليلة الإسراء والمعراج والمولد النبوي الشريف والاحتفال بهذه المناسبات وإحيائها من البدع التي احدثتها الناس ولم يفعله رسول الله ولا خلفاؤه الراشدون، ولا صحابته ولا السلف الصالح في القرون المفضلة الثلاثة وفقا لرأي ابن باز.
وفي المقابل أفتت دار الإفتاء المصرية في حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان بجواز إحياء الليلة من باب تعظيم شعائر الله، من خلال تلاوة القرآن وصيام يوم 14 شعبان، وقيام الليل، والإكثار من التسبيح والتحميد والاستغفار والصلاة على النبي، فلا بأس من تخصيص بعض الأمكنة أو الأزمنة ببعض الأعمال الصالحة فهو أمر مشروع بشرط واحد وهو ألا يعتقد فاعل ذلك أنه واجب شرعي يأثم تاركه.
واستشهد الدكتور علي جمعة في جواز حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان بالحديث النبوي الشريف عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ كُلَّ سَبْتٍ مَاشِيًا وَرَاكِبًا» رواه البخاري.
جواز الاحتفال بليلة النصف من شعبان
استشهدت الآراء الدينية ببعض الأحاديث النبوية الشريفة في جواز الاحتفال بليلة النصف من شعبان، كما في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا يَوْمَهَا؛ فَإِنَّ اللهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: أَلَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ؟ أَلا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ؟ أَلا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ؟ أَلَا كَذَا أَلَا كَذَا..حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ».. رواه ابن ماجه.
وفي حديث نبوي آخر عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: فَقَدْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَخَرَجْتُ أَطْلُبُهُ فَإِذَا هُوَ بِالْبَقِيعِ رَافِعٌ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ، أَكُنْتِ تَخَافِينَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ؟» فقُلْتُ: وَمَا بِي ذَلِكَ، وَلَكِنِّي ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَتَيْتَ بَعْضَ نِسَائِكَ، فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَغْفِرُ لأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعرِ غَنَمِ كَلْبٍ».. رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد.
وفي حديث آخر عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يَطَّلِعُ الله إِلَى خَلْقِهِ فِي لَيْلَة النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ».. رواه الطبراني.
ومن منطلق فضل ليلة النصف من شعبان وأسرارها الربانية يجوز إظهار احتفال ليلة النصف من شعبان 2022 بالتقرب من الله عز وجل بالطاعات والدعاء المذكور في القرآن الكريم والسنة النبوية، فالاهتمام ببركة هذه الليلة وإحياؤها في المساجد أو في المنزل من الأمور المشروعة بل والمستحبة دون أن يكون فيها إلزام للغير كما أكدت دار الإفتاء المصرية.
مشروعية الاحتفال بليلة النصف من شعبان
قبل بدء موعد احتفال ليلة النصف من شعبان 2022 لهذا العام، يود المسلمون التأكد من مشروعية الاحتفال وعم الوقوع فيها في باب البدع المكروهة، ولذلك لا بد من التنويه بأن علماء أهل الشام اختلفوا في مشروعية الاحتفال بليلة النصف من شعبان وطريقة إحياؤها على قولين.
القول الأول ذهب لاستحباب الاحتفال ليلة النصف من شعبان في جماعة داخل المساجد، وكان خالد بن معدان ولقمان بن عامر وغيرهما يلبسون فيها أحسن ثيابهم ويتبخرون ويكتحلون ويقومون في المسجد ليلتهم تلك، ووافقهم إسحاق بن راهويه على ذلك، وقال في قيامها في المسجد جماعة: ليس ذلك ببدعة، نقله عنه حرب الكرماني في مسائله.
أما القول الثاني ذهب لكراهة إحياء ليلة النصف من شعبان في المساجد بقراءة القرآن في جماعة وترديد الأدعية جهريا، بينما لا يكره أن يصلي الرجل فيها بخاصة نفسه، وهذا قول الأوزاعي إمام أهل الشام وفقيههم وعالمهم.
كيفية الاحتفال بليلة النصف من شعبان
يمكن احتفال ليلة النصف من شعبان 2022 بالكيفية التي تناسب كل مسلم ومسلمة على حدا، وبالنظر إلى إجماع رأي العلماء سيكون إحياء هذه الليلة في المنزل من الأمور المفضلة خاصة مع انتشار فيروس كورونا وعدم زواله حتى الآن، وبالتالي يمكن الاستعداد للاحتفال ليلة النصف من شعبان بصيام يوم الخميس 14 شعبان 1443 والذي يقع ضمن الأيام البيض وهم يوم 13، و14، و15 شعبان.
صيام الأيام البيض في شعبان من الأمور المستحبة والواردة في السنة النبوية، ومع الإكثار من الدعاء في هذه الأيام ستقبل الأعمال خالصة لوجه الله الكريم، وسيغفر الذنب، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: “ذاك شهر يغفل الناس عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال وأحب أن رفع عملي وأنا صائم".
وبالتالي فالصيام هو الشكل الأول للاحتفال، وبعدها سيكون الإكثار من دعاء ليلة النصف من شعبان، والإكثار من الصلاة على النبي في هذه الليلة والتي ستوافق ليلة الجمعة، وعن فضل الصلاة على النبي قال الله تعالى في كتابه الكريم " إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا".
وفيما يتعلق بـ كيفية الاحتفال بليلة النصف من شعبان أيضًا يفضل قيام الليل في الثلث الأخير من الليل الذي ينزل فيه الله إلى السماء الدنيا ليقضي حوائج العباد، مع ضرورة الإكثار من التسبيح والاستغفار، وتلاوة القرآن، والاستزادة من الأعمال الصالحة بإخراج الصدقات تحديدا في هذه الليلة، ولا تنسوا قراءة سورة الكهف ليلة الجمعة التي تصادف ليلة النصف من شعبان.
حيث قال رسول الله صل الله عليه وسلم: «من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة، أضاء له من النور ما بين الجمعتين»، وهذا النور يقذفه الله في قلب القارئ، أو في بصره، أو بصيرته، أو في كل أحواله، أو هو نور يصعد له مع أعماله إلى السماء، أو تشاهده الملائكة، أو يسطع له في الآخرة نور، ويظل هذا النور طوال الأسبوع من الجمعة إلى الجمعة.