كيف أثرت الحرب الروسية الأوكرانية والعقوبات الدولية في العالم بأسره؟
أعلن صندوق النقد الدولي في بيان له أن العقوبات التي فرضت على روسيا سوف تؤثر بشكل ملموس في الاقتصاد العالمي والأسواق المالية، وأكثر البلدان المتأُثرة هي التي تربطها بعلاقات وثيقة مع روسيا وأوكرانيا، وذلك ظهر جليًّا في أسعار الطاقة والخامات والقمح وغيرها من الحبوب، إذ فرضَ الاتحاد الأوربي والولايات الأمريكية وحلفاؤهما عقوبات متنوعة على روسيا جراء العملية العسكرية على أوكرانيا، مستهدفين بذلك إلحاق أكبر الخسائر الاقتصادية بها.
لكن العقوبات الغربية ضد روسيا لا تقتصر على الاقتصاد الروسي والروسيين فقط، بل يمتد إلى دول أخرى حول العالم، نستعرض أبرز هذه الاضرار فيما يلي:
عزل روسيا عن نظام سويفت
بادر وزير خارجية أوكرانيا ديمترو كوليبا بالنشر على تويتر بضرورة حظر روسيا من نظام سويف العالمي لإعاقة انتقال معاملاتها المالية عبر الحدود، حيث قال لن أكون دبلوماسيا حول هذا الأمر، كل من يشك في ضرورة حظر روسيا من نظام سويفت يجب أن يفهم أن دماء الأبرياء من رجال ونساء وأطفال أوكرانيا ستلطخ يديه أيضا.
حيث يستخدم نظام سويفت الذي تديره جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك من قبل آلاف المؤسسات المالية، إذ يصل عدد أعضائه إلى 11 ألفا بأكثر من 200 بلد، وذلك لتسهيل حركة المال عبر الحدود نتيجة عمليات التصدير والاستيراد بين البلدان المختلفة على مستوى العالم.
ولذلك استبعد الاتحاد الأوربي بعض البنوك الروسية من نظام سويفت منها بنك في.تي.بي، أوتكريتيه، نوفيكوم، برومسفياز، بنك روسيا، سوفكوم، في.إي.بي، حيث اتفق الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا وكندا على ضمان إقصاء البنوك الروسية المختارة من نظام سويف للتأثير على قدرة روسيا من التجارية خارج حدودها، مما يؤثر ذلك بالسلب على المؤسسات والشركات الروسية، والهدف من ذلك إضعاف قدرة البنك المركزي الروسي على حماية نظامه المالي من العقوبات، بجانب تجميد أصول البنك المركزي الروسي للحد من وصول روسيا لاحتياطاتها الخارجية
تأثر دول العالم بالعقوبات المفروضة على روسيا
على الرغم من أن روسيا تمتلك احتياطات مالية تزيد عن 630 مليار دولار في مصرفها المركزي، إلا أن ذلك لن يحدّ من التأثير الاقتصادي للعقوبات على روسيا، إذ قال دكتور صلاح الدين فهمي الخبير الاقتصادي أن العقوبات التي فرضت على روسيا سوف تأثر عليها بشكل كبير اقتصاديا، فالعقوبات ليست سهلة، فهي تعامل الدولة كأنها ليست موجودة، لكن في ظل نظام العولمة المالي والاقتصادية في رؤوس الأموال والعمالة، فإن أي دولة سوف تتأثر بأي صدمة خارجية، لذلك أي صدمة في أي دولة مهما كان بعدها سوف يأثر على جميع الدول".
كيف تتأثر مصر بعقوبات الغرب على روسيا
وأَضاف فهمي في تصريحات خاصة لـ القاهرة 24، أن مصر سوف تتأثر في ثلاث قطاعات أساسية، وهي القطاعات التي تتأثر بالصدمات الخارجية بشكل مباشر، والقطاع الأول قطاع السياحة، فالسياحة التي كانت تأتي من أوكرانيا وروسيا وخاصة على شرم الشيخ والغردقة سوف تتوقف، وبالتالي سوف يتأثر دخل الفنادق بشرم الشيخ والغرقة الذي كان تعتمد على روسيا وأوكرانيا سياحيا، وكذلك المطارات والطيران سوف تتأثر نتيجة تعلق حركات الطيران في البلدين، وكان في اتفاقية بين مصر وروسيا لتنشيط السياحة بين البلدين توقفت بعد اندلاع الحرب، لذلك سيتضرر كل القطاعات السياحية التي تعتمد على الصادرات المالية لأوكرانيا وروسيا".
زيادة المساحات الزراعية والاستثمار في الماء
وأوضح الخبير الاقتصادي، أنه لا يجب على مصر أن يكون اعتمادها الكامل في اكتفاء مخزونها الاستراتيجي على الاستيراد من الخارج، يجب أن تتخذ خطوات للحد من البناء على الأراضي الزراعية، لزيادة المساحات المزروعة من القمح وغيرها من السلع، وأن تستثمر في الماء لأننا نعاني من نقص الماء، ويجب عليها أن توعي المواطن بذلك ليتعاون معها في التخفيف من الأزمة القادمة
الاتحاد الأوربي لن يستطيع الاستغناء عن الغاز والنفط الروسي
وأشار الخبير الاقتصادي أن كل المعاملات المالية بين دول أوربا وروسيا تكون عن طريق نظام سويف بالدولار، لكن الآن وقفت هذه المعاملات ليس بشكل كامل بنسبة 100% لكن بعضها توقف عن طريق سويفت، لأن الدول الأوربية لم تؤيد جميعها هذا القرار بحظر البنوك الروسية من نظام سويفت، لأن أولا الدول الأوربية تحتاج للمال بعملاته المختلفة، وثانيا الغاز لن تستطيع دول أوربا الاستغناء عن الغاز الروسي، لأن مثلا ألمانيا تستورد أكثر من 60 إلى 65% من الغاز الطبيعي تستورده من روسيا وأوكرانيا
واسترسل: كما أن دول أوربا تتسم بالكثافة الثلجية والبرد الشديد فجميع البيوت بأوروبا تعتمد على التدفئة باستخدام الغاز الطبيعي، فإذا توقف دول أوربا عن استيراد الغاز الطبيعي من روسيا سوف تضطر للبحث عن بدائل لكنها سوف تكون غالية الثمن لأن هناك حرب وأزمة عالمية.
وبشأن عدم حظر جميع البنوك الروسية المشاركة في نظام سويفت ذكر دكتور صلاح أن الاتحاد الأوربي يعلم أن بحظر جميع البنوك لن يكون هناك طريقة أخرى لنقل المال الناجم من المعاملات التجارية الدولية بين البنوك سواء الروسية أو الأوربية، فبالتالي سوف تتوقف عمليات الصادرات والواردات بين روسيا ودول أوروبا
حيث بالرغم من حظر بعض البنوك الروسية من نظام سويفت إلا أن الاتحاد الأوربي استثنى من الاستبعاد بنوك الغاز والنفط مثل سبير بنك وغازبروم بنك، لأنهما البنكان الرئيسان لاستقبال المال من الدول المستوردة للغاز والنفط من روسيا، فالاتحاد الأوربي يرفض العمليات العسكرية الروسية بأوكرانيا، لكنه مازال يستمر في عمليات استيراد الغاز الطبيعي والبترول من روسيا.
العملات المشفرة ليست وسيلة لتخفيف العقوبات
تعد روسيا ثالث أكبر دولة في تعدين العملات المشفرة في العالم، ورأي البعض أن روسيا قادرة على التخفيف من حدة العقوبات عن طريق التعامل مع الدول بواسطة العملات المشفرة، بدلا من التعامل عن طريق البنوك التي حظرتها دول الاتحاد الأوربي والولايات الأمريكية.
ورد الدكتور صلاح على هذا الرأي بأن العملات المشفرة ليس في كل الدول متاحة وهناك دول ليست معترفة بها، على سبيل المثال مصر التي أعلنت أن العملات المشفرة غير شرعية؛ لأن ليس لها أساس اقتصادي نستطيع أن تستند إليه عند تغيير قيمتها، مقابل الدولار الذي له أساس وكيان في البنك المركزي.
انخفاض الروبل لن يؤثر في الاقتصاد الروسي
من جانبه علق السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق ورئيس اتحاد المستثمرين العرب، على انخفاض سعر الروبل مقارنةً بالدولار قائلًا إن الروبل من 20 عامًا كان يساوي 1 دولار بل أحيانًا كان الروبل يساوي 1.2 دولار، وبعد حدوث بعض الأزمات قفز سعر الدولار ليساوي 24 روبل ثم 40، ولكن في علم الاقتصاد ليس من المهم ارتفاع أو انخفاض سعر العملة بل المهم هو توازن سعر العملة.
وأضاف لـ القاهرة 24، أن العقوبات الاقتصادية وانخفاض سعر الروبل مقابل الدولار، لن يكون له التأثير الكبير على الاقتصاد الروسي على المدى البعيد، لافتًا إلى قدرة الاقتصاد الروسي على تحمل هذه العقوبات كونها دولة منتجة، وانضمت للاقتصاد الحر بعد أن خرجت من الاقتصاد الشيوعي، وستستعيد وضعها حتى لو ظل الروبل على قيمته هذه مقارنةً بالدولار، والدليل على ذلك أن سعر الروبل ثابت من يوم 1 مارس على سعر 0.010 دولار.
وتوقع بيومي استعادة الروبل توازنه نسبيا خلال الفترة المقبلة، خاصةً وأن الحكومة الروسية توقعت العقوبات قبل الحرب، وتتخذ إجراءات لتخفيف وطأتها على اقتصاد البلاد.