السبت 23 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

العيش المصري على هامش الحرب الروسية الأوكرانية

الخميس 03/مارس/2022 - 12:50 ص

الرئيس الأوكراني: لا أرغب في استمرار الحرب.. ونريد ضمانات حال تخلينا عن الانضمام إلى الناتو

وزير الخارجية الروسي: مستعدون لمناقشة ضمانات أمنية للرئيس الأوكراني وهدفنا نزع السلاح

 

كان ذلك ملخص ما وصلت إليه الحرب الروسية - الأوكرانية حتى الساعات الأخيرة، فلا توجد حرب تدور رحاها إلى ما لا نهاية، والاشتباك الصريح الواضح يسير دومًا في مساره الطبيعي نحو مائدة المفاوضات، لا سيما إن كانت المواجهة مباشرة، وتُحمِّل طرفيها عبئا، منتصرًا كان أو مهزومًا، -روسيا وأوكرانيا على حد سواء - فالأولى أعدت عدتها فعليا للخيارات المتوقعة، عقوبات، تجميد أموال مقربين من دائرة الحكم وبوتين، قيود صارمة على البنك المركزي الروسي، تحييد استخدام احتياطي يُقدر بـ 600 مليار دولار، ………إلخ.  

 

القمح الأوكراني الروسي وتأمين احتياطي وقُوت 103 ملايين مصري 

 

  تُعد أكبر دولة مستوردة للقمح عالميا، حيث تستورد مصر وحدها ما نسبته 10.6% من مجموع صادرات القمح العالمية، وتخطت قيمة ما استوردته في 2019، حاجز 4.67 مليار دولار.

وتغطي واردات القمحين الروسي والأوكراني 70% من احتياجات البلاد، بينما يصل إجمالي المخزون إلى 13 مليون طن سنويا، كما أن القاهرة الأولى عالميا في استيراد الذرة من أوكرانيا خلال الموسم الزراعي 2020-2021، ونقلت وسائل إعلام محلية في مصر عن مستشار سابق لوزير التموين، قوله إن الحكومة وجهت باستيراد القمح بكميات متساوية، من: الولايات المتحدة وفرنسا، وكندا وأستراليا وكازاخستان والبرازيل ورومانيا.

ويعد رغيف الخبز سلعة سياسية بامتياز، إذ ظلت لفترات طويلة خطا أحمر، في ما يتعلق بزيادات الأسعار، وأحداث "انتفاضة الخبز"، في 18 و19 يناير 1977 لا تزال أصداؤها حاضرة، حيث اتسعت رقعة الاحتجاجات إلى عدة مدن مصرية، بعد أن أقدمت الحكومة في ذلك الوقت على مضاعفة أسعار سلع غذائية أساسية بينها الخبز، وهو ما دفع الحكومة إلى التراجع عن الزيادات المرتقبة، تفاديا لتعقيد المشهد، وسكب الزيت على النار.

ومؤخرا خصصت مصر -أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان- نحو 22 مليار جنيه مصري لواردات القمح، و18 مليارًا أخرى لدعم الإنتاج المحلي.

وفي مناقصة توريد القمح التي أجريت الإثنين الماضي جذبت الحكومة 3 عروض فقط في مناقصة حظيت بالمتابعة عن كثب، وما لبثت أن ألغتها الهيئة نهاية المطاف، بسبب ارتفاع الأسعار، جاء ذلك بعد إلغاء آخر في أواخر الأسبوع الماضي، عندما كان العرض الوحيد المقدم من فرنسا.

أحداث متلاحقة والأسواق البديلة ضرورة ملحّة 

 

طورت موسكو سريعًا من عملياتها العسكرية بأوكرانيا لضمان عنصر المفاجأة، وتحصيل أكبر مكسب بأقل وقت ممكن، دول شمال إفريقيا أيضا حاضرة في المشهد، حيث تستقبل نصف قمحها من روسيا وأوكرانيا، اللتين تستفيدان من انخفاض تكاليف الإنتاج وخصوبة التربة، ليجبر الصراع جيران مصر على التوجّه إلى بدائل أخرى.

وكانت روسيا قد علقت صادراتها على الأقل لمدة 14 يوما مقبلة، كما كشفت المالية بدورها تفاصيل المخصصات المالية في الموازنة العامة للدولة خلال 2021-2022 لدعم السلع التموينية بالكامل، وتصل إلى 87.2 مليار جنيه (نحو 5.5 مليار دولار أميركي) تتضمن مخصصات مالية لشراء 8.6 مليون طن قمح، لتوفير نحو 89 مليار رغيف خبز إلى جانب 650 ألف طن دقيق لضخه في الأسواق المحلية. وأشار إلى أن مخصصات شراء القمح تتضمن استيراد 5 ملايين طن إلى جانب تكلفة توريد 3.5 مليون طن محلي من المزارعين.

وأكد أن عدد المستفيدين من دعم رغيف الخبز والدقيق وصل إلى 71 مليون مواطن، موزعين بين 66.7 مليون مواطن مستفيد من دعم رغيف الخبز، بواقع 5 أرغفة يوميا، إضافة إلى 4.3 ملايين مواطن مستفيد من دعم الدقيق بواقع 10 كيلو جرامات شهريا.

 

الحكومة أيضا من جانبها حددت سعر طن القمح المستورد بموازنة العام الحالي عند 255 دولارا للطن بارتفاع قدره 62 دولارا عن العام المالي الماضي، مشيرا إلى أن كل زيادة قدرها واحد دولار في أسعار القمح عما قدرته الموازنة يكلف الخزانة العامة أكثر من ملياري جنيه (127 مليون دولار)، واستمرار الحرب الروسية – الأوكرانية سيكون له تأثير سلبي على الخزانة العامة إذا طال أمدها.

جهاز تنمية التجارة الداخلية التابع لوزارة التموين أكد أيضا أن احتياطي مصر الاستراتيجي يكفي الاستهلاك المحلي نحو 5 أشهر، مشددا على أن هذا المخزون سيرتفع مع اقتراب موسم جني محصول القمح من المزارعين متوقعاً وصول 4 ملايين طن، وأن الإجمالي يكفي حاجة الاستهلاك المحلي حتى نهاية عام 2022.

وأشار متحدث الحكومة -غير مرة- إلى أن تلك العوامل تحول دون وقوع أزمة في توفير القمح، إلى جانب أن القاهرة لديها مصادر متعددة كبديل للقمح الروسي أو الأوكراني، منها: فرنسا ورومانيا، وهما الأقرب من الناحية الجغرافية مما يقلل من فاتورة النقل.

 

 

القاهرة 24 يحاور ضابطًا على خط النار: سفن تجارية ألغت رحلاتها لروسيا.. و60 ألف طن قمح تصل إسكندرية خلال ساعات 

 

التوتر ليس وليد اللحظة.. والشواهد تُحتم السيناريو نفسه

 

عمل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرارًا على نفي اعتزامه غزو أوكرانيا، وذلك في غير مناسبة داخلية وخارجية، لكن الولايات المتحدة أشارت أيضا إلى أنه اتخذ قرار الغزو منذ فترة، وذلك ما أكدته شواهد عدة، واختبارات جس النبض في ملفات ليس آخرها ضم شبه جزيرة القرم.

في ديسمبر عام 1991، كانت أوكرانيا، بالإضافة إلى بيلاروسيا، من بين الجمهوريات التي دقت المسمار الأخير في نعش الاتحاد السوفييتي، غير أن موسكو أرادت الاحتفاظ بنفوذها، عن طريق تأسيس رابطة الدول المستقلة «guc».

كان الكرملين يظن وقتها أن بإمكانه السيطرة على أوكرانيا بواسطة «جزرة الغاز»، لكن ذلك لم يحدث، فبينما تمكنت روسيا من بناء تحالف وثيق مع بيلاروسيا، كانت أطماح أوكرانيا تتجه دومًا نحو الغرب.

في عام 1997 اعترفت موسكو رسميا من خلال ما يسمى بـ«العقد الكبير» بحدود أوكرانيا، بما فيها شبه جزيرة القرم، التي تقطنها غالبية ناطقة بالروسية.

وعملت الولايات المتحدة وروسيا على نزع الأسلحة النووية الأوكرانية، وتخلّت كييف عن مئات الرؤوس النووية إلى روسيا، مقابل ضمانات أمنية لحمايتها من هجوم روسي محتمل.

كما شهدت أيضا موسكو وكييف نشوب أول أزمة دبلوماسية حديثة بينهما، وكان ذلك في عهد بوتين، ففي خريف عام 2003 بدأت روسيا بشكل مفاجئ بناء سد داخل مضيق كريتش الأوكراني، في خطوة اعتبرها كثيرون استفزازية.

صورة تعكس سيطرة  تركيا على مضيقين هما الوحيدان ومفتاح رئيسي في البحر الأسود  

 

مسمار جحا في دونباس.. واختبار رد الفعل عالميا بضم القرم

 

الحرب في إقليم دونباس هي صراع مسلح في منطقة دونباس الأوكرانية، ولا تتجزأ من الحرب والصراع الأوكراني الروسي، اندلعت نيرانها مطلع شهر مارس عام 2014، عقب احتجاجات نظمتها مجموعات انفصالية مناوئة للحكومة ومدعومة من روسيا في دونيتسك ولوهانسك، اللتين أطلق عليهما مجتمعتين مسمة دونباس، وذلك في أعقاب ثورة أوكرانيا ونشاط حركة الميدان الأوروبي في 2014. 

تصاعدت حدة هذه المظاهرات، ووصلت إلى حد نشوب صراع مسلح ما بين القوات الانفصالية التابعة لجمهوريتي دونيتسك ولوهانسك الشعبيتين والحكومة الأوكرانية، أعقبت المظاهرات ضم الاتحاد الروسي للقرم خلال الفترة من فبراير حتى مارس من عام 2014، والتي مثلت جزءًا من مجموعة أوسع من الاحتجاجات المتزامنة المندلعة في جنوب وشرق أوكرانيا، في حين كانت بدايات معظم هذه الاحتجاجات تعابير أبداها السكان الأصليين نتيجة استيائهم من الحكومة الأوكرانية الجديدة، بيد أن روسيا استغلتها من أجل شن حملة سياسية وعسكرية منسقة ضد أوكرانيا، ونجحت فعليا في تأجيج ورقة الأعراق والقوميات لزعزعة استقرار مناطق التوتر ونجحت في ذلك إلى حد كبير.

 

ورقة الصراعات العِرقية وتأجيج القوميات لا تربح دائمًا 

 

 قاد مواطنون روس الحركة الانفصالية في دونيتسك خلال الفترة ما بين شهري أبريل وأغسطس من عام 2014. كان هؤلاء مدعومين بمتطوعين وعتاد أمدتهم به روسيا، وقد اتخذت روسيا «مقاربة هجينة» مع تفاقم الصراع في شهر مايو من عام 2014. إذ وظفت مجموعة من التكتيكات التضليلية والمقاتلين غير النظاميين وعناصر من القوات الروسية النظامية -كما تتحدث جادة الآن عن استهداف الأوكران أنفسهم بعضهم البعض بالخطأ- فضلًا عن تقديمها للدعم العسكري التقليدي بهدف الإخلال باستقرار منطقة دونباس.

في شهر أبريل من عام 2014 شنت أوكرانيا هجومًا عسكريًا مضادًا ضد القوات الموالية لروسيا، تحت اسم «العملية المضادة للإرهاب» (ATO) خلال الفترة الممتدة من عام 2014 حتى عام 2018، حين أعيد تسميتها لتصبح تحت اسم «عملية القوات المشتركة» (GFO)، ونجحت العملية في تحقيق مكاسب على الأرض، منها تحجيم مساحة المنطقة الخاضعة لسيطرة قوات موالية لروسيا بحلول أواخر شهر أغسطس عام 2014، حتى اقتربت أوكرانيا من استعادتها السيطرة على الحدود الأوكرانية الروسية، وردًا على ذلك، تخلت روسيا عن مقاربتها الهجينة، وباشرت غزوًا تقليديًا لدونباس، حينما عبرت قطاعات من سلاح المدفعية وعناصر من القوات الروسية وما أطلقت عليه روسيا اسم «القافلة الإنسانية» الحدود الأوكرانية الروسية يوم 22 أغسطس، ونسق الدب الروسي حينها اجتيازًا للحدود في كل من المناطق الخاضعة تحت سيطرة القوات الموالية لروسيا وفي المناطق التي لم تكن خاضعة لسيطرتهم.

خريطة تفصيلية لبعض مناطق الانفصاليين

تخوُّف روسي واختراق الأمن القومي لموسكو بـ«هلال الناتو» 

 

يظل تطويق الناتو الهاجس الأكبر لموسكو الذي لا يفارقها، ولمَ لا وهو قوة لا يستهان بها وتحالف دولي إن اجتمع أوجع وإن قال أسمع، ومع وجود شريط حدودي ممتد على مسافة أكثر من 1.576 كم بين الجارتين، وبانضمامها إلى الناتو -وهو بيت القصيد- يصعب القول لأن الجبهة الغربية لروسيا آمنة تماما، خصوصا مع سيطرة تركية على مضيقين هما الأهم بالبحر الأسود «البسفور والدردنيل»، وما رأيناه من إغلاق وفتح المضايق من قبل تركيا، ومنع مرور السفن العسكرية، ونشر قوات متعددة في سلوفكيا وأراضي عضوي الناتو رومانيا وبلغاريا، بمباركة التحالف، لذا دار الحديث صراحة دون مواربة على ما بدأت به المقال -الضمانات مقابل عدم انضمام جورجيا وأوكرانيا للناتو- وربما عولت دول تتابع المشهد عن كثب على  تك الورقة لمعرفة مدى حساسيتها وقدرتها على توريط روسيا ولو بشكل غير مباشر في في أعمال ربما بدت موتورة للوهلة الأولى -ضرب التلفزيون الأوكراني ووضع القوات النووية لروسيا في حالة تأهب قصوى من ثالث أيام الحرب، والهجوم على محطة نفايات واستخدام قنابل حرارية فراغية- وربما مثلما كان التصعيد سريعًا ومتلاحقا، تهدأ نيران التوتر وتستعيد المنطقة استقرارها ولو بشكل مؤقت.. وللحديث بقية 

       

 

تابع مواقعنا