السبت 23 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

ناقلة النفط اليمنية صافر.. كيف تشكل خطرا بيئيا على مصر؟

ناقلة النفط صافر
تقارير وتحقيقات
ناقلة النفط صافر
الخميس 24/فبراير/2022 - 02:08 م

كارثة بيئية واقتصادية على بعد كيلو مترات قليلة من ميناء السويس، تهدد الحياة البحرية في ساحل البحر الأحمر.

 صافر هي ناقلة نفط موجودة على بعد 60 كيلومترا شمال ميناء الحديدة اليمني، وهناك توقعات بانفجار السفينة أو غرقها بعد توقف عمليات الصيانة منذ بدء الحرب اليمنية، ما ترتب عليه تدمير هيكل السفينة، الانفجار سيترتب عليه احتمالية تدمير كامل للكائنات البحرية في حوض البحر الأحمر.

الأمم المتحدة تتوقع انفجار وشيك وغرق مرتقب للناقلة

صافر هي خزان نفط عام يرسو على الشاطئ الغربي لليمن منذ عام 1987، وهو ملكًا لشركة النفط الوطنية في اليمن صافر لعمليات الإنتاج والاستكشاف، وفي عام 2015 ومع سيطرة قوات الحوثي على المياه الواقعة فيها الخزان توقفت عمليات الصيانة ما تسبب في ضرر هيكلها، ونظم التشغيل الخاصة بها، وازداد الوضع تعقيدًا في عام 2019، بعد تسرب المياه لغرفة المحركات هو ما يهدد بغرق السفينة وقوع تسرب نفطي، والذي سيكون الأكبر في التاريخ وفقًا للأمم المتحدة.

حاول غواصي الشركة المالكة السفينة احتواء التسرب الحادث داخل السفينة، ورغم محدوديته، إلا أن العمل استغرق حوالي 28 ساعة عمل على مدار خمس أيام تحت سطح البحر، وهذا الحل المؤقت لا يمنع الكارثة القادمة.

ووفقًا للمعلومات الصادرة من الأمم المتحدة، تحتوي الناقلة على 1.148 مليون برميل نفط خام، أي ما يقارب 140 ألف طن.

وذكرت دراسة صادرة عن منظمة السلام الأخضر، وهي منظمة غير حكومية معنية بالبيئة وتغير المناخ مقرها هولندا، أن حدوث التسرب النفطي قد يكون عن طريق ازدياد الضرر الواقع على جسم السفينة نتيجة للعوامل الجوية أو الصدأ، أو انفجارها الناجم عن تراكم الغاز على متن السفينة وتعطل نظام الغاز الخامل، الخاص بالتخلص من الغازات القابلة للاشتعال، أو نتيجة إصابتها بصاروخ.

التسرب النفطي أكثر خطورة إذا وقع شتاءً

وأكدت الدراسة أن حركة النفط المتوقع تسربها في مياه البحر الأحمر يختلف باختلاف الفصل المناخي، باحتمال كبير أن ينتشر النفط شمالا إلى وسط البحر في الشتاء، بينما إذا حدث التسرب وقت الصيف يرجح أن يتجه نحو خليج عدن والساحل اليمني الجنوبي، ووفقًا لطبيعة النفط الموجودة داخل الخزان، وهو النفط الخام الخفيف، فإن الدراسة تتوقع أن تتبخر ثلثي الكمية خلال أيام من التسرب تاركة خلفها رواسب تعادل ثلث الكمية تقريبا.

تتنبأ الدراسة السابقة بوصول النفط بمنتصف البحر خلال مدة 30 يوما أثناء فصل الشتاء، وذلك التنبؤ لم يشمل حركة الأمواج التي قد تنشر بقع النفط مسافات أبعد، وتكمن خطورة حدوث التسرب أثناء الشتاء هو اتجاهه ناحية الشمال ما يعني بقاءه في حوض البحر الأحمر مدة أطول، ويرفع ذلك من احتمالية إغلاق المزارع السمكية وتلوث محطات تحلية المياه في السعودية ووقوع أضرار شديدة على النباتات والحيوانات.

تيارات المياه السطحية تتحكم في اتجاه بقعة الزيت 

قال الدكتور محمد سالم، رئيس قطاع حماية الطبيعة، إنه لا يوجد توقع بوصول التسرب النفطي للسواحل المصرية بأي شكل من الأشكال، فالأمر مرتبط بدورة المياه في البحر الأحمر والتيارات البحرية في جنوب البحر الأحمر تدور في نصفه الجنوبي فقط ولن تصل للجزء الشمالي وهي الحركة الطبيعية لهذا الجزء من البحر سواء في الشتاء أو الصيف.

وأضاف سالم في تصريحات خاصة لـ القاهرة 24، أن تيارات المياه السطحية هي من ستتحكم في حركة بقعة الزيت والتي ستدور في النصف الجنوبي من البحر، موضحا أن أي ضرر بيئي في جنوب البحر سيؤثر على جودة الموارد في البحر كله، والبحر الأحمر ممر رئيسي لعبور العديد من الكائنات الحية خلال موسم التكاثر عن طريق التيارات التحت سطحية والتي تحمل كل نواتج عمليات التزواج بطول ساحل البحر، والضرر الناتج عن التسرب النفطي يحتاج لعشرات السنين لمعالجته.

تهديد التنوع البيولوجي في البحر الأحمر

والبحر الأحمر من أبرز مواقع التنوع البيولوجي في العالم، إذ يحتوي على 1600 كم مربع من الشعاب المرجانية غير الموجودة في أي مكان في العالم، إضافة لتميزها لأنها ذات قدرة على تحمل التقلبات الكبيرة في درجات الحرارة، وتلك الشعاب المقاومة لارتفاع درجات الحرارة يجعلها الوحيدة بين أنظمة الشعاب الإيكولوجية التي تبقى حية إذا تعرضت الشعاب الأخرى لضرر نتيجة ارتفاع درجات الحرارة في المحيطات، وفقا لمنظمة السلام الأخضر.

 

الأسماك والفقاريات

ويضم البحر الأحمر استنادا لما ذكرته السلام الأخضر 1000 نوع من السمك، 14% منها فريد من نوعه، 138 نوع لا يوجد سوى في البحر الأحمر أي حوالي 12.9%من إجمالي أسماك البحر الأحمر، 14.1% يوجد في البحر الأحمر وخليج عدن، 15% من قشريات البحر الأحمر لا توجد في سواه.
 

وفي المناطق التي تعرضت التسرب نفطي، وفق ما ذكرته السلام الأخضر تراجع معدل فقس أجنة الأسماك نتيجة التعرض للمواد الكيميائية السامة في النفط والأشعة فوق البنفسجية في آن واحد.

ورصدت دراسة السلام الأخضر، وجود 211 نوع من اللافقاريات، كنجم البحر وخيار البحر والقنفذ، 8.1% منها موجود في البحر الأحمر فقط، و10%في البحر الأحمر وخليج عدن.

 

أشجار المانجروف

بيئة أشجار المانجروف من البيئات الهامة للنظام البحري، فهي وفق دراسة "الإدارة البيئية المستدامة لغابات المانجروف على جانبي البحر الأحمر"، المنشورة بمجلة بحوث الشرق الأوسط، مأوى للكائنات الحية، ومكان مناسب لصغار الأسماك والقشريات، وتستخدمها الأسماك لوضع البيض الخاص بها في المياه الضحلة القريبة من المانجروف، وهي أماكن لتغذية وتربية أسماك البوري الجمبري والقشريات.

الهيدروكربونات العطرية

وقد ذكر بحث منشور في المجلة العلمية لقطاع كليات التجارة عام 2013، تحت عنوان "الحماية الدولية للبيئة المائية من التلوث"، أن الطيور والكائنات البحرية الأخرى تتضرر من التلوث النفطي نتيجة للتأثير الهيدروكربونات العامة التي تحتوي على مشتقات بترولية سامة مسرطنة، يرتفع تركيزها داخل الكائنات البحرية مع مرور الوقت والذي بدوره يضر الإنسان عند تناولها.

ووفقا لمنظمة السلام الأخضر، فإن تسرب النفط الخام يطلق الهيدروكربونات العطرية المتعددة الحلقات السامة، والتي تسبب آفات جلدية على الأسماك ويؤثر على تكاثرها ويؤدي لبطء في النمو ويزيد احتمالية إصابتها بالأمراض.

التسرب النفطي يقتل الأسماك والشعاب المرجانية 
تشير دراسة صادرة عن المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق بلبنان، عام 2019، إلى أن التسرب النفطي في البحر يؤدي لتلوث مياهه، ويترك تأثير على العمليات الحيوية للكائنات البحرية نتيجة لحجب بقع النفط تغلغل أشعة الشمس في المياه ما يسبب قضاء على الكائنات ذات الحساسية العالية، بجانب تعطل نشاط الصيد نتيجة للتأثير الواقع على الأغذية البحرية والذي يضر بصحتها.

وصرح رئيس قطاع حماية الطبيعة، أن التسرب النفطي المتوقع حدوثه من الناقلة صافر سيكون الأكبر في تاريخ الحوادث المماثلة، والذي سيحدد حجم الضرر الناتج عنه هو طبيعة المجهودات وطريق التعامل مع الكارثة.

وذكرت دراسة السلام الأخضر، أن مخاطر التسرب النفطي الضخم في البحر الأحمر كبيرة، ويرجع ذلك لطبيعته الجغرافية فالبر يحيط بالبحر الأحمر ولا منفذ سوى قناة السويس في الشمال ومضيق باب المندب في الجنوب، إضافة لتدفق مياه البحر من جهة الجنوب فقط، ما يعني أن آثار التسرب ستكون طويلة الأجل.

مصر تمتلك مراكز متخصصة لمواجهة تلك الأزمات

يؤكد سالم، رئيس قطاع حماية الطبيعة، أن مواجهة حوادث التلوث بالزيت ينظمها اتفاقيات دولية، ووفق حجم الحادثة تحدد اليات ورد فعل كل دولة وإذا كانت قادرة على مواجهة الأزمة وحدها أم يجب تدخل من الدول المحيطة، ومصر من خلال منظمة برسيجا، الهيئة الإقليمية لحماية بيئة البحر الأحمر وخليج عدن، يتم اتنسيق بين الدول الأعضاء لمواجه مثل هذه الأمور، إضافة لامتلاكنا مركز متخصص لمواجهة تلك الحوادث في الغردقة وشرم الشيخ والطور وأغلب المدن الطلة على البحر الأحمر.

 

اتفاق مبدئي بين الحوثيين والأمم المتحدة

وفي مطلع الشهر الجاري أعلنت الأمم المتحدة أنها توصلت مع الحوثيين من أجل حل سريع للناقلة صافر لتجنب حدوث التسرب النفطي والذي بدوره سيؤدي لكارثة بيئية وإنسانية.

تابع مواقعنا