الأربعاء 23 أكتوبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

ليبيا.. 11 عامًا من ثورة أبناء المختار المجهضة بأيديهم

الجمعة 18/فبراير/2022 - 01:37 ص

احتفلت ليبيا بتاريخ 17 فبراير 2022، بمرور 11 عامًا على ذكرى سقوط نظام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، ليدخل الليبيون في عقد من سنوات الثورة المجهضة بأيديهم، باحثين من خلال حكومات انتقالية متتالية عن مخرج للوصول إلى أول انتخابات رئاسية في تاريخ البلاد، إلا أن أحفاد عمر المختار لجأوا إلى استخدام السلاح وخوض جميع النزاعات السياسية والعسكرية على مدار السنوات الماضية، فما إن يتفقوا على هدنة فيما بينهم لتمر الشهور ويعود الليبيون مجددًا إلى نقطة البداية وحمل السلاح فيما بينهم سعيًا من كل طرف لفرض رأيه على الآخرين، ليصل الليبين عقب 11 عامًا إلى حكومة انتقالية جديدة آملين من خلالها الوصول إلى الانتخابات المرجوة منذ عام 2011. 

 

بداية الثورة الليبية المجهضة بأيدي أبنائها كانت في أكتوبر عام 2011، بمقتل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، على يد أبناء بلده الثائرين عليه، بعد مكوثه نحو 40 عامًا في سدة الحكم، لتتعالى حينها صيحات الليبين فرحين بأنهم أنهوا ما وصفوه بديكتاتورية القذافي، ليتبين بعد ذلك أنهم ساروا بأقدامهم إلى واحدة من أكثر أزمات ليبيا في التاريخ الحديث والتي لا تزال ليبيا تبحث عن مخرج لها من متاهة دخل إليها أبنائها.

 

وثيقة دستورية مؤقتة كانت أولى الإصدارات القانونية من قبل المجلس الانتقالي للبلاد، نصت على انتخاب مجلس نواب مؤقت لا تزيد فترته عن عام واحد، لتكون مهتمه الرئيسية مكونة من جزئين تشكيل حكومة جديدة، واختيار هيئة لصياغة دستور دائم للبلاد، لينجح بعد ذلك المجلس برئاسة مصطفى عبد الجليل، في إجراء الانتخابات البرلمانية يوليو 2012، وتشكيل أول مجلس نواب منتخب في تاريخ البلاد منذ استقلالها، وتنتقل السلطة من المجلس الانتقالي إلى المؤتمر الوطني للبلاد، لتصل ليبيا حينها إلى أولى خطواتها الثورية، بالتزامن مع انتشار الملايين من قطع السلاح بأيدي أبناء الوطن الواحد، كل منهم يحارب الآخر لرفض رأيه دون غيره.

 

إلا أن فرحت الليبين بوصولهم إلى المؤتمر الوطني بشكل عاجل دون وضع خطط أولية وخارطة طريق للبلاد وصولًا إلى انتخابات رئاسية، تسببت في دخول البلاد في حالة من الفوضى الطاحنة باستخدام الأسلحة بمختلف أنواعها، ومقتل الكثير من الليبيين بأيدي أشقائهم، لتأتي الكارثة بعد ذلك بسن قانون العزل السياسي وفرضه بالإكراه من قبل ميليشيات مسلحة على أعضاء المؤتمر الوطني، الذي كان يحكم منذ أغسطس 2012، وحتى فبراير 2014، باستبعاد جميع رموز نظام الزعيم الليبي الراحل من الحياة السياسية لمدة عشر سنوات.

 

وعقب ذلك القانون دخلت البلاد في نفق مظلم، إذ شهدت البلاد العديد من الحروب بين المليشيات المتناحرة، كما تمكن تنظيم داعش الإرهابي من السيطرة على أراضٍ ليبية في ظل غياب الأجهزة الأمنية، إلى جانب نهب ثروات البلاد النفطية والمالية من قبل الملشيات المسلحة، ليخرج الليبيون في مظاهرات جديدة رافضين التمديد للمؤتمر الوطني، لتجرى ثاني وأخر انتخابات برلمانية  حتى الآن، نتج عنها مجلس النواب الحالي، والذي اتخذ من مدينة طبرق مقرًا له، بعدما كانت العاصمة الشرقية لليبيا خاضعة لسيطرة تنظيم داعش في ذلك الوقت.

 

وبالتزامن مع إجراء الانتخابات البرلمانية الثانية في ليبيا، كان نجم المشير الليبي المتقاعد خليفة حفتر، يرتفع في سماء الشرق الليبي شيئًا فشيًئا وبعدما إلتف حوله بعض ضباط الجيش الليبي لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي المسيطر على مناطق عدة في الشرق الليبي خاصة مدينة بنغازي، وبالتزامن أيضًا مع ما عرف حينها بحرب بنغازي التي استمرت ثلاث سنوات، كان حفتر الذي شغل في وقت سابق رئيس الأركان في جيش العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، أحد أركانها في مواجهة داعش، إلا أن ذات الرجل كان نقطة فاصلة في الخلاف ما بين مجلس النواب الليبي المنتخب حديثًا حينها وغرب ليبيا الذي يسيطر عليه تيار الإسلام السياسي، حينها، بعدما جرى تعينه من قبل المجلس قائدًا للجيش الليبي الوطني، وهو ما دفع أطراف غرب البلاد المتأزمة لرفض الاعتراف بنتائج الانتخابات، لتصدر أحكام قضائية ببطلان الانتخابات التي أوصلت المجلس الحالي لطبرق.

 

أحكام طرابس ببطلان مجلس النواب تبعها انقسامات حادة في الدولة الليبية ما بين مؤيد للمجلس ومعارض يرفض الاعتراف به، ما جعل البلاد في حالة انقسام حقيقي داخل المؤسسات المالية والنفطية، وتمثل الانقسام جليًا داخل الحكومة الليبية والمؤسسات السيادية حينها بين شرق وغرب ليبيا، ليتم إغلاق الحقول والموانئ النفطية لسنوات، واندلاع حروب بين أبناء البلد الواحد، وما إن بلغت روح ليبيا حلقومها عقب اشتداد النزاع أواخر عام 2014، ومطلع عام 2015 لتأتي المنحة من خارج ليبيا بتدخل المجتمع الدولي بالوساطة بين فرقاء ليبيا عبر المفاوضات التي أدت إلى اتفاق الصخيرات في المغرب، والذي مثل نقطة فارقة في الأزمة الليبية، كما أن أحد نتائجه كانت حكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج، لتبدأ بعد ذلك مرحلة جديدة من سنوات متاهة  ليبيا بسواعد أبنائها.

 

فما إن وصل السراج إلى العاصمة الليبية طرابلس متربعًا على كرسي أعلى سلطة تنفيذية في البلاد في ذلك الوقت، ليرفض الذهاب مجلس النواب الليبي للحصول على الثقة، ليأتيه الرد على قدر ما صنع برفض المجلس الاعتراف بحكومته، واستمرار حكومة عبد الله الثني المؤقتة في إدارة شؤون البلاد لتعيش البلاد بحكومتين أحدهما تسيطر على الشرق بموافقة مجلس النواب، والأخرى تسيطر على الغرب بموافقة اتفاق الصخيرات المدعوم دوليًا، وهو ما كان واحدًا من أسباب التناحر الشرقي الغربي في البلاد الذي بلغ ذروته بقرار من حفتر توجيه عملية عسكرية للسيطرة على العاصمة الليبية طرابلس بتأييد من مجلس النواب الليبي المنتخب من الشعب.

 

حرب شرق ليبيا وغربها تطورت لمراحل خطرة بين الطرفين، ومعها أيضا تطورت التدخلات العسكرية الخارجية في أراضي أحفاد عمر المختار الذي واجه الاحتلال طوال عمره، وذلك بعد أن أبرمت حكومة الوفاق الليبية المسيطرة على العاصمة طرابلس اتفاقًا أمنيا يسمح بتدخل تركيا عسكريًا لمساندة قواتها ضد الجيش الوطني الليبي القادم من الشرق، لتدخل تركيا بقوات كبيرة برية وجوية تسببت في التأثير على مجريات الصراع بين الطرفين، لتنتهي الحرب رسميًا بدخول مصر لمنع ضياع شقيقتها ليبيا في غيابة جب أردوغان، معلنة ما عرف بإعلان القاهرة، وتحذيرها الدائم حينها من تقدم المليشيات والقوات التركية نحو شرق البلاد، كون ذلك يهدد أمن مصر القومي، لتوضع قواعد اتفاق وقف إطلاق النار في جنيف، واتفاق سياسي رسم خارطة طريق تقضي  بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 ديسمبر 2021، وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية لجميع أنحاء البلاد برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

 

ومع حلول 24 ديسمبر، أعلنت السلطات الليبية متمثلة في المفوضية الوطنية للانتخابات، ومجلس النواب الليبي، تعذر إجراء الانتخابات بسبب ما وصفته المفوضية بالقوة القاهرة التي حالت دون إجراء الانتخابات التي كانت مرتقبة لأول مرة منذ استقلال البلاد منتصف القرن الماضي، والتي كان أحد مرشحيها خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي، وعقيلة صالح رئيس مجلس النواب، وعبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية، وفتحي باشاغا- الذي صار فيما بعد رئيس الحكومة الانتقالية الجديدة في ليبيا، وسيف الغسلام القذافي، نجل زعيم ليبيا الراحل الذي انطلقت من أجل إسقاطه ثورة فبراير 2011، والذي مثل أحد مفاجآت الانتخابات الرئاسية التي تعذر إجراؤها في البلاد، لتدخل ليبيا بعد ذلك مرحلة انتقالية جديدة أطلق عليها مجلس النواب مرحلة الاستقرار، وهو الاسم إلى أطلقه المجلس على حكومة باشاغا، التي يجري تشكيلها في الوقت الحالي بدعم ليبي ليبي لأول مرة بعد التوافق بين مجلس النواب والأعلى للدولة، إلى جانب وضع خارطة طريق جديدة لإجراء الانتخابات المرتقبة في تاريخ البلاد خلال فترة أقصاها 14 شهرًا، إلا أن الدبيبة يواصل رفض تسليم السلطة مطالبًا بالتمديد لحكومته، وسط تفاؤل بخروج أبناء المختار من سنوات متاهة ليبيا إلى الانتخابات. 

تابع مواقعنا