لثبوت واقعة الاختلاس.. رفض طعن مسئول يطالب برد مليون ونصف سددها للتصالح
رفضت المحكمة التأديبية لمستوي الإدارة العليا، طعن مسئول سابق بوزارة الخارجية، يطالب بأحقيته في استرداد مبلغ مليون و551 ألف جنيه، وهي حصيلة ما تم دفعه مقابل التصالح في قضية اتهامه بالاختلاس من جهة عمله، وأيدت المحكمة دفعه لهذا المقابل، لثبوت وجود عجز، فضلًا عن صدور حكم ضده سابق بالوقف عن العمل لمدة 6 أشهر، مما لا ينفي ارتكابه للمخالفة، وصدر الحكم برئاسة المستشار حاتم داود، نائب رئيس مجلس الدولة، وحمل الطعن رقم 73 لسنة 55 قضائية.
وثبت للمحكمة، أن الطاعن كان يشغل وظيفة بالكادر الإداري بوزارة الخارجية منذ تعيينه عام 1981، وعام 2011 قدّم بعض العاملين بالوزارة؛ شكوى للنيابة الإدارية ضد الطاعن وآخرين من العاملين بذات الوزارة، بشأن حصولهم على مبالغ مالية (تكاد تكون بصفة يومية) تحت مسمى لجان أو مكافآت واستخراج استمارات الصرف بتلك المبالغ في طي الكتمان، دون حفظ الاستمارات في الإدارة المختصة، وكذلك صرف بعض المكافآت باسم بعض الإدارات دون علمها، وإعطائها جزءًا منها والاستيلاء على الباقي.
وبناءً على ما تقدم، وبناءً على تحريات هيئة الرقابة الإدارية واللجنة المنتدبة من النيابة العامة من الجهاز المركزي للمحاسبات، فقد قُيدت الواقعة لدى نيابة الأموال العامة، واتهم فيها الطاعن وآخرين باختلاسهم مبالغ مالية - عُهدتهم، والمُسلمة لهم كسُلف مُؤقتة عند استلامهم عملهم بالسفارات الملحقين بها، بموجب قرارات الإلحاق الصادرة لهم وبمناسبة وظيفتهم، وذلك عن طريق التزوير بإقرارات إخلاء الطرف الخاصة بهم، بإثباتهم على خلاف الحقيقة أداء عملهم طيلة المدة المحددة بقرارات الإلحاق، وتقديمها لجهة عملهم سترًا لجريمتهم.
جريمة الاستيلاء على المال العام لا يمنع من ثبوت المخالفة التأديبية
وتابعت المحكمة: إلا أنه إبان التحقيقات؛ أقر المتهمون (ومن بينهم الطاعن) برغبتهم في التصالح وسداد المبالغ التي اختلسوها، وإزاء ذلك صدر قرار النيابة العامة بقبول التصالح، وسداد تلك المبالغ المختلسة بما يعادلها بالعملة المصرية وقت صرفها، وتمت مخاطبة وزارة الخارجية المصرية، لتحصيل تلك المبالغ كاملةً، وبناء على ذلك؛ ذكرت النيابة العامة بالتقرير، بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية من قبيل عدم الأهمية، لجبر الضرر بسداد المتهمين (ومن بينهم الطاعن) لكامل المبالغ المختلسة، وتم حفظها إداريا بعام 2013، وبناء على ما تقدم فقد قام الطاعن بسداد مبلغ مليون و551 ألف جنيه.
وتبين أن المبالغ التي سددها الطاعن لوزارة الخارجية بناءً على طلب منه، عُرضت على السلطات المختصة، لبحث الموافقة عليها من عدمه، فلم يكن بناءً على قرار بالتحميل في مُواجهته، وإنما بناءً على ما وجده في موقفه خلال التحقيق معه أمام النيابة العامة، وكان سداده لتلك المبالغ، درئا لهذا العجز وتسوية له، تلافيا للمسئولية الجنائية المحتملة في وجهة نظره، رغم عدم انتهاء التحقيقات، ولا أدل على ذلك مما انتهت إليه مذكرة تصرف النيابة العامة في التحقيقات من الوقوف بإجراءات التحقيق عند حد موافقة الوزارة على طلبه سداد قيمة المبالغ المختلسة عهدته، فلم تتدخل الوزارة بمطالبته بهذه المبالغ.
واستكملت: كانت مبادرته بسداد تلك المبالغ بإرادته نتيجة لما نضحت به الأوراق من يقين وقَرَ في نفسه حينها من ثبوت عجز في عهدته، دون إكراه عليه أو مطالبة له بسداد تلك المبالغ، إذ لم يقدم من الأدلة ما يقيم ادعاءه في هذا الشأن على سوقه السليمة من الواقع بحسبان، أن عبء الإثبات يقع على عاتق المدعي، إذ البيِّنة على من ادعى.
كان قد صدر حكما تأديبيا ضد هذا الطاعن، بالوقف عن العمل لمدة ستة أشهر، مع صرف نصف الأجر، على سندٍ من ثبوت المخالفة ضده والمتمثلة في وجود عجز في عهدته، ولم تعول المحكمة في قضاءها على ما انتهت إليه النيابة العامة من حفظ التحقيق في شأن الواقعة ذاتها، باعتبار أن الحفظ للسداد، وجبر الأضرار المالية لا ينفي وقوع المخالفة، وأن جريمة الاستيلاء على المال العام، وإن كانت تتطلب نية خاصة بالقصد الجنائي، إلا أن ذلك لا يمنع من ثبوت المخالفة التأديبية.