ورحل رجل الله
كنت في الحادية عشرة أو الثانية عشرة من عمري تقريبًا عندما سمعته أول مرة يعظ على شاشة قناة مسيحية، وتعلقت كثيرًا بترنيمة كان يرتلها يومها وهي ترنيمة: "تستاهل أغنيلك وأعترف بجميلك".
فاجأتني والدتي يومها بأنه هو من كتبها ولحنها، وليس يرنمها فحسب، فصار موعد اجتماعه الأسبوعي شبه مكرس بالنسبة لي كل أسبوع، وأنتظره بشوق كل أسبوع حتى أسمعه، لأرتل معه وأسمعه وهو يعظ ويرنم بقلبه قبل شفتيه.
ومرت الأيام، وكبرت، وربما صرت منشغلًا، صرت أسمعه قليلًا، لكن ما زالت كلمات ترانيمه وألحانها تحيا بداخلي، وأرنمها بين الحين والآخر كلمات أردت أن أرفع قلبي وأترنم لاسم الإله القوي القدوس.
ولكن كأن عام 2022 أراد أن يبدأ بداية قوية، ويبعث بحزن كبير في قلوب عدد كبير دفعة واحدة، ففقد شعب كبير أبًا وراعيًا كانوا يحبونه، حتى ولو اختلفوا معه في بعض المواقف، فهو في نهاية الحال، أب.. واعظ.. مرنم.. مرشد.. ورجل الله المختار منذ أكثر من أربعين عامًا ليخدم شعب المسيح.
رحل ليرنم أمام عرش الله العالي، والذي كان عاش عمره كله ليخدمه، أصبح الآن منضمًّا للأربعة والعشرين قسيسًا في السماء، ليترنم وليهلل معهم ومع مصاف القديسين، ويصبح لنا شفيعًا بعدما كان أبًا ومرشدًا ومعلمًا.
فربما نحن خسرناه على الأرض بجسده، لكننا اكتسبنا شفاعته في السماء، وصار لنا أبًا هناك، يخدم أمام عرش الله، ويذكرنا في صلاته ليعيننا الرب كما أعانه، لنكمل نحن أيضًا رسالتنا بسلام ونمضي إلى وطننا السمائي.