رئيس قطاع المعاهد الأزهرية: حياة الشك والوساوس فاسدة
قال الدكتور سلامة داود رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، إن الله جل وعلا، قال في الحديث عن الصيام وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ، شبهت الآية الفجر بالخيط الأبيض، وشبهت الليل بالخيط الأسود، فالْفَجْر وهو المشبه مسبوق بـ مِنَ البيانية ومبيِّنٌ للمشبه به وهو الْخَيْطُ الأَبْيَضُ.
وأضاف داود من خلال منشور عبر حسابه على فيسبوك: أصل التركيب، الخيط الأبيض من الفجر، أما تشبيه الليل بالخيط الأسود؛ فإن المشبه وهو الليل غير مذكور في الآية بل مدلول عليه بذكر ضده وهو الفجر، فهو في حكم المذكور؛ فالتقدير وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الفجر من الخيط الأسود من الليل، بدخول مِنْ البيانية على المشبه وهو الفجر والليل وبمجيء المشبه مبيِّنا للمشبه به وهو الخيط الأبيض والخيط الأسود.
وتابع رئيس قطاع المعاهد الأزهرية: التشبيه فيهما ضمني، وفيه إشارة إلى أن الصيام، وكل شرائع الإسلام، مبنية على اليقين الذى يبلغ حد المشاهدة بالعين، فتتميز بوضوح وجلاء تميز الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فلامجال للشك ولا للتخمين، بل هي قائمة على تحرى اليقين القاطع؛ ولذا قال الفقهاء إن من أكل أو شرب في رمضان ظانا بقاء الليل أو غروب الشمس ثم تبين أنه أخطأ في ظنه فَسَدَ صومُه وعليه القضاء؛ لأنه لم يتحر وبنى عمله على الظن والتخمين.
واصل داود: التشبيهان يضعان قاعدة أصيلة في حياة المؤمن لتقوم حركة حياته كلها في تصرفاته وسلوكه وأقواله وأفعاله على القطع واليقين لأعلى الشك والتخمين، فإذا اتضحت له معالم الطريق ووجوه الحقائق مضى في الأمر، وإلا توقف وأحجم؛ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ، إنَّ حياةً تُبْنَى على الشك والوساوس حياةٌ فاسدة لانطفاء نور اليقين منها.
واختتم رئيس قطاع المعاهد الأزهرية: ومن هذا الضرب من التشبيه الضمني قوله تعالى فَاجْتَنِبُـوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ، شبهت الأوثان بالرجس، فجاء المشبه وهو الأوثان مبينا للمشبـه به وهو الرجس، ودخلت مِنْ البيانية على المشبه.
