الأربعاء 27 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

مي التلمساني: الجنس من أصعب الموضوعات في الكتابة.. وأحاول التحرر من العيب والحرام | حوار

مي التلمساني
ثقافة
مي التلمساني
الإثنين 27/ديسمبر/2021 - 06:11 م
  • ترجمة الأدب العربي إلى اللغات الأخرى ما زالت محدودة 
  • نحتاج خطة قومية للترجمة 
  •  كتاباتي تسعى لتشكيل وعي مغاير بمكانة المرأة داخل الأسرة وخارجها 
  • أبي أكثر من أثروا في حياتي الإبداعية منذ الطفولة 
  • بيت التلمساني يستقبل أول دفعة من الكتّاب يناير المقبل

أن تكون أديبا وناقدا في الوقت ذاته فإنك تضع نفسك في معادلة صعبة، وتتطلب هذه المعادلة جهدا مضنيا لتحقيقها، فأنت عندما تكتب الأدب تكون أنت من يضع نفسه في ميزان النقد وتقييم المنتج الأدبي الخاص به، وعندما تشتغل بالنقد فإنك تحتاج إلى الانفصال عن متابعة العمل الإبداعي الذي تعمل عليه، لكن الكاتبة الدكتورة مي التلمساني استطاعت أن تحقق المعادلة الصعبة وجمعت بين الأمرين فهي أكاديمية.

التلمساني تعمل بتدريس السينما والدراسات العربية بجامعة أوتاوا الكندية، وفي الوقت نفسه صدر لها عديد من الأعمال الإبداعية، فمن رواياتها: رواية أكابيللا ورواية هليوبوليس ورواية دنيازاد، ومن المجموعات القصصية: نحت متكرر، خيانات ذهنية، ولها يوميات بعنوان للجنة سور، وحصلت الكاتبة مي التلمساني على عديد من الجوائز وكان آخر وسام الفنون برتبة فارس من فرنسا. 

القاهرة 24 أجرى حوارا مع مي التلمساني حول مسيرتها ورحلتها الإبداعية والأكاديمية، وإلى نص الحوار..

رواية هليوبوليس لمي التلمساني 

ماذا يمثل لكِ وسام فرنسا للفنون الذي حصلتِ عليه مؤخرا؟


على المستوى الشخصي، الوسام هو تكليل لعملي لسنوات طويلة في المجال الثقافي، سواء كروائية وكأكاديمية، وعلى المستوى المصري والعربي هو تذكير بأهمية ومكانة الفنون والآداب ودور القائمين عليها ليس فقط كمؤسسات تابعة للدول؛ ولكن كأفراد خارج المنظومة الرسمية يعملون بجد ويستحقون كل التقدير، وعلى المستوى الدولي هو وسام للثقافة العربية ولقدرتها على تجاوز حدودها القومية لآفاق العالم الرحب.

لِمَن تهدين وسام فرنسا للفنون؟


أهديه لكل كاتبة أو كاتب سعى بإخلاص لتأصيل مشروعه الأدبي وتجويده وتجاوز طموحه الفني حدود الهوية الأحادية، وأهديه لولدي، شهاب الدين وزياد، لأنهما يسيران على درب الفن والأدب والبحث الأكاديمي بنفس الإخلاص. 

لماذا ذهبتِ إلى الإبداع السردي دونًا عن الأجناس الأخرى؟

لأني مسحورة بالحكايات، وبتفاصيلها الدرامية منذ نعومة أظفاري، ولأن الكتابة واحدة من الفنون التي تسمح للكاتب بالعزلة والتفرد دون حاجة لفريق عمل من حوله، كما هو الحال في فنون أخرى مثل السينما والمسرح، وربما أردتُ أن أكون فنانة تشكيلية لهذا السبب ذاته، لكن موهبتي لم تكن كافية لخوض هذا المجال.

مِنْ الصعوبة أن يكون الإنسان أديبًا وناقدًا في الوقت نفسه.. كيف تغلبتِ على هذه الصعوبة؟
مهنتي الأولى هي الكتابة الإبداعية، يليها النقد والبحث الأكاديمي، وكلاهما يصب في الآخر، أكتب بعين ناقدة، وأمارس النقد بعين محبة للإبداع وبخبرة من يمارس الإبداع ويدرك صعوباته وملامح خصوصيته التقنية.

رواية دنيا زاد لمي التلمساني 

ما القضايا والمضامين التي تركز عليها الكاتبة مي التلمساني؟


انطلاقا من خبرات ذاتية، أسعى لتشكيل وعي مغاير بمكانة ومشاعر ودور المرأة سواء من داخل الأسرة أو من خارجها، كتبت عن الأمومة ومداراتها المختلفة، وعن الزواج ومشكلاته، وعن الوظيفة وحدودها، وعن الحب وإحباطاته، وفي روايتي القادمة أتطرق لمشاركة المرأة أو الشخصيات النسائية في ثورة يناير المصرية. 

مؤخرا، في رواية الكل يقول أحبك أتناول قضية الحب عن بعد بين المهاجرين العرب الكنديين، وعلاقتهم الملتبسة بأوطانهم الأم.

ما طقوس الكتابة التي تكتب فيها الكاتبة مي التلمساني؟


تغيرت هذه الطقوس بمرور الزمن، ففي بداية التسعينيات، كنت أكتب ليلا، بعد منتصف الليل حتى الفجر، حيث كان يلزمني الهدوء التام كي أغوص في عالمي بلا انقطاع وبلا ضغط من الحياة السيارة. وفي الفترة الأخيرة، صرتُ أكتب في الصباح الباكر حتى انتصاف النهار، ويلزمني في الأحوال كافة التفرغ لأسابيع أو شهور للعمل على الرواية، أو المجموعة القصصية. 

كما أن القهوة تعينني على التركيز ولكن بلا إسراف، والكتابة في دفاتر متفرقة وفي أماكن متفرقة في البيت أو خارجه تعينني على التذكر.

بما أنكِ مترجمة.. كيف ترين الترجمة في مصر الوطن العربي؟ وما مقترحاتكِ لجعل الترجمة العربية أكثر تأثيرا؟

رواية نحت متكرر لمي التلمساني

هناك جهود رائعة لترجمة الآداب العالمية والعلوم الإنسانية والاجتماعية إلى اللغة العربية، لكنها ليست كافية، وكثيرا ما يكون سعر الكتاب مرتفعا بحيث يصعب على عموم القراء الحصول عليه؛ لذا أحترم الجهود المبذولة لتوفير الكتب المهمة على الإنترنت للاطلاع العام والمفتوح بلا اشتراك. 

أما ترجمة الأدب العربي إلى اللغات الأخرى فما زالت محدودة، إذ تتفرد اللغة الفرنسية لكونها الأنشط في نقل الأدب العربي للعالم، ثم تليها الإنجليزية، والألمانية، والإسبانية، والإيطالية. 

ونحتاج لخطة قومية للترجمة، ونحتاج لدعم مؤسسي إقليمي على مستوى كبير لننهض بحركة الترجمة.

مَن كان له الدور الأكبر في تشكيل الكاتبة مي التلمساني وجعلها تتجه للإبداع؟


جاء التأثير المباشر من أبي المخرج ورائد السينما التسجيلية، عبد القادر التلمساني، وكذلك من عمي حسن المصور السينمائي وعمي كامل الفنان التشكيلي والمخرج ورائد السينما الواقعية المصرية. سيرة العائلة ومسيرتها الفنية كان لهما أكبر الأثر في تشكيل وعيي بالفنون، من سينما وأدب وأوبرا وفن تشكيلي وموسيقى، 

وقد تعلم أبي في فرنسا وكان يكن احتراما كبيرا لثقافات العالم أجمع، فضلا عن الثقافة العربية الإسلامية والفرعونية والقبطية، وتعلمت منه الدهشة وحب الفن واحترام القيم الإنسانية والعمل البشري في كل صوره، وانعكس هذا بالطبع على اختياراتي الفكرية سواء الداعمة لمنطلقات الفكر اليساري أو الحالمة بعالم تسود فيه العدالة الاجتماعية.

هل نعيش حقا في زمن الرواية على حساب تراجع الأجناس الأخرى؟


لا أعتقد أن الشعر تراجع على مستوى الإنتاج، فمنصات التواصل الاجتماعي تشهد على تنوع وانتشار الشعر بكل أشكاله وأساليبه، فالإشكالية الكبرى هي في نشر دواوين الشعر وتوزيعها، وهي إشكالية دولية لا تخص العالم العربي وحده. 

والناشر العربي يتردد في نشر الشعر والقصة القصيرة ويسعى حثيثًا للرواية، ولأنواع سائدة منها، مثل الرواية الواقعية والرواية التاريخية ورواية الخيال العلمي وما وراء الطبيعة، على حساب أنواع أخرى أكثر تجريبًا وأقل انتشارًا بين القراء، لكني سعيدة بالطفرة الهائلة في سوق الكتاب وسوق الرواية تحديدًا لأنها - بعيدًا عن معيار القيمة - تسمح للأدب بالانتعاش وكسب قراء جدد.

ما موقف الكاتبة مي التلمساني من الطابوهات خاصة الجنس في الكتابة؟


الكاتب الحر هو من يسعى في رأيي لمقاومة المحرمات، فلا كتابة بلا حرية تامة سواء في الموضوع أو الأسلوب، كلنا يجرب، وقليلون من يخلصون في التجريب، وكلنا يسعى للتحرر، وقليلون من يحررون أنفسهم فعليا. 

على المستوى الشخصي، أحاول التحرر  من العيب والحرام، من الخوف على مشاعر القارئ المحافظ أو المتدين، ومن سطوة القارئ المتوقع أو المتلصص، وأجد أن الجنس من أصعب الموضوعات في الكتابة، خاصة حين يتعلق الأمر بشخصيات نسائية، حيث يسهل السقوط في فخ المعروف سلفا، أو الوقوع في فخ الابتذال، وهما أمران أراجع نفسي فيهما كثيرا قبل النشر.

رواية الكل يقول أحبك لمي التلمساني

أين وصل مشروع بيت التلمساني الآن؟

نبدأ في استقبال أول دفعة من الكتاب المصريين للإقامة والتفرغ ببيت التلمساني في نهاية يناير المقبل، ونعمل على استقبال كاتب أو كاتبة من فرنسا في نهاية الربيع بالتعاون مع المعهد الفرنسي بالقاهرة. وقد أقمنا ورشة موضوعها الكتابة والموضة في شهر يونيو الماضي، ونعمل على نشر كتاب قصصي من نتاج الورشة بالتعاون مع دار المرايا بالقاهرة.

تابع مواقعنا