السبت 23 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

ما لم يقله حافظ إبراهيم في لغــة القرآن الكريم.. شعر إبراهيم الجهني

إبراهيم الجهني
ثقافة
إبراهيم الجهني
الأحد 19/ديسمبر/2021 - 03:05 ص

نمر في تلك الايام، باليوم العالمي للغة العربية، والذي يوافق 18 ديسمبر من كل عام، حيث تحتفل به الدول العربية، والمؤسسات العامة والخاصة بالعديد من الفعاليات والاحتفالات المتنوعة.

كما يتسبب هذا اليوم، في إلهام الشعراء والمفكرين، ليكتبوا، وينقلوا إلينا أفكارهم، وخواطرهم، التي تعظم من شأن اللغة العربية، وتعلي قدرها، ويشاركنا في هذا اليوم الفريد، الشاعر الدكتور إبراهيم الجهني، بقصيدته التي تحمل عنوان.. ما لم يقله حافظ إبراهيم في لغــة القرآن الكريم.

يقول في قصيدته:

مِنْ يومِ صِرْتِ وعاءَ الدين، واعتنقُوا 
عليكِ دونَ لغاتِ الأرضِ مُتَّفَقُ

في وَصْفِ حُسْنِكِ حارَ الشعرُ والشعرا 
تراودينَ وما بالبابِ نستبقُ

إنَّا -كحافظِ إبراهيمَ – في شغَفٍ 
بِرَبَّةِ الحُسنِ حيثُ الخَلْقُ والخُلُقُ

مدَّ الجميعُ يراعَ الوصفِ إذ سطعتْ 
سماءُ ضَادِكِ مدًّا حدُّه الأُفُقُ  

ماذا نقول؟ وَدَدْنَا النيلَ قافيةً 
والغيمَ محبرةً، كي يبدوَ الألَقُ

فلا تلومي على صمتٍ به وَلَهٌ  
هذا جلالُكِ سِكِّيْنٌ.. دمٌ غَدِقُ

كريمةَ الضاد حاشا الوصف في ملكٍ 
إلا محاولة بالحب تنطلقُ

كالبدر ليلةَ عشرٍ بعد أربَعِها - 
على الدوام طوال الدهر متَّسِقُ

والبدرُ مرتكزٌ وسْطَ السما سَحَرًا 
وذي اللغاتُ نجومٌ حولهُ حَلَقُ

وإنْ تحاولْ مساسًا ذي اللغاتُ تُرَى 
مثلَ الفراشِ بقرب الضوءِ يحترقُ

مستودعٌ لشعور الناسِ يا لغةً 
كالشمس تبدو؛ فيبدو الفجرُ والفَلَقُ

كالعودِ رنَّةُ موسيقى على وَتَرٍ  
ترنُّ في القلب ضادًا نبضُهَا خَفِقُ

وجيزةُ اللفظِ، والمعنى بلا عَدَدٍ 
كالأرضِ لفظُكِ، والمعنى لهُ طُرُقُ 

تيهي.. فعُمْقُكِ في المعنى تُحَاوِلُهُ 
سُفْنُ الفضاءِ وغوَّاصونَ كم طفقوا 

لكِ اللواء - تعالى اللهُ رَافِعُهُ - 
على اللغاتِ إلى يوم اللقا خَفِقُ

دقيقةٌ -كنظام الكونِ- زاخرةٌ 
بكل معنىً، له من لفظه نسقُ

تستوعبينَ معـاني الكونِ قاطبةً 
محبوكةٌ.. وصنوفُ اللفظِ تنعتقُ

وتشهدين لغاتٍ حال مولدِهَا 
وفي منيَّتِهَا.. جَمْعٌ ومُفْتَرَقُ

للبدءِ كُنْتِ بأبوابٍ مُفتِّحَةٍ 
مِنْ جُرْهِمٍ -صِهْرِ إسماعيلَ- ما غَلَقُوا

حتى قبيلةِ عدنانٍ، وما عبثًا 
قد اصْطُفِيْتِ.. بكِ الإسلام مُعْتَنَقُ

يكفيكِ أمَّ لغاتِ الأرضِ مفخرةً 
وَحْيُا الشريعةِ، والدستورُ مُرْتَفَقُ

فوالذي فرضَ الفردوسَ خالدةً 
أنتِ اللسانُ لأهل الخلد إذ نطقوا

غزوكِ - واللهُ خيرٌ حافظًا أبدًا - 
مادام (أزهرُ) لا غزوٌ، لمَ القلقُ؟!

فيكِ الغمام –وربُّ القول يمطرهُ- 
فصيحَ فِكْرٍ به كم ينتشي الورقُ 

فيكِ النسيـم عليلٌ ينثني رغِدًا 
لكل معنى رقيقٍ ينزِلُ الوَدَقُ 

وفيك أسلوبُ إعصارٍ توابِعُهُ 
برقُ السما لأولي الأقلام إذ بَرِقُوا

فشاعر النثرِ عصفورٌ على فننٍ 
وناثرُ الشعر بالتخييلِ مُنْطَلِقُ

إذا الفوارسُ ثاروا في محاربهم 
فَمِنْكِ أسلحةُ التصريحِ تُمْتَشَقُ

مثلُ الصقورِ - متى ترنو فريستها - 
تصيدُ في آنها المسنونةُ الزُّرُقُ 

أنتِ النهارُ ولن تبـْلَيْ على قِـدَمٍ 
هيهات يومًا يُرَىْ في ضادِكِ الغسقُ

تسقينَ كُلَّ جديد من جداولَ لا 
غورٌ لها أبدًا، شلَّالُهَا دَفِقُ

لو الجواهرَ صاغ البعضُ من صَدَفٍ 
للغيدِ كيما بها يزَّيَّنُ العنقُ

فإنَّ كنْزَكِ -آيَ الضـادِ- جوهرةٌ 
مدى الزمان يُحَلِّي كُلَّ من نطقوا

وما يحيط بخُبْرِ الضادِ مِنْ عَرَبٍ 
إلا نبيٌّ وصَحْبٌ حوله ارتفقوا

كفاكِ أنَّكِ إرثُ الأنبياء وَمَنْ 
يرابطونَ؛ ليَحْمُوا إرثَ مَنْ سبقوا

وهؤلاء ملوكُ الضاد قد نذروا 
لكِ الحياةَ، وهم في حُبِّهِم صُدُقُ  

شعارهم لغة القرآن باقيةٌ 
قولًا.. ولكنْ بغير الفعلِ لا نثِقُ

بالفعل جملةُ أسماءٍ ربابنةٍ 
قادُوكِ فُلْكًا.. فكيف الحرفُ والغَرَقُ ؟!!

على ثغورِكِ جندٌ في اختصاصهِمُ 
لردعِ مَنْ جَهِلُوْا أو مَنْ عَدَوْا فِرَقُ

صُهَّارُ كُلِّ أصيلٍ في معاصرةٍ 
ممتدةٍ بتراثٍ عِطْرُهُ عَبَقُ

قد طبِّقوا لغَةَ التقعيدِ لا لُغَةَ التـــ 
ــعقيدِ، نُطقًا بخطِّ الكُتْبِ تنْطَبِقُ

يُفتِّحُونَ مغاليقَ النصوصِ، يُفَكْـ 
ـكِكُـــونَ أُحْجِيةً إن قيلَ تنغَلِقُ

وما وراء معاني النص يظهرهُ 
الغواص من أسفل البحرِ الذي اختلقوا

مناهج الغربِ مِنَّا.. لا حداثتِهم 
من يومِ كانوا قعود السمع واسترقوا

موادنا الخام منها استخرجوا دررًا 
يفوحُ عُودُكِ فيهم حينَ يحترِقُ

رُوحُ العروبةِ إنا الحافظون لها 
حِفْظَ الحبيبِ.. فكُلٌّ حُبَّهَا رُزِقوا

وعاؤها - فرضُ عين أن نقيم به 
وزنَ العلومِ -، وعاءٌ واسعٌ فَهِقُ

لَسْنَا نُرَبِّيَ أَجْيَالًا بقلعتنا 
إلا لِيَرْبُو لهم فِيْ درسها أُفُقُ

نرى تَقَلُّبَ أَحداقٍ بكليةٍ 
ترنو السماءَ إذا ما قُلِّبَتْ حَدَقُ

والناس عطشى وماء اللحنِ معتكرٌ 
متى نفيءُ لفصحى ريُّهُا غدِقُ؟!

لوْ بالرضَاعِ ارتوى الأطفالُ من لبنٍ 
فالضاد زاد لمن بالفصيحِ سُقُوْا

لا تخذلوها كفى الغربانُ تنعق في الــ  
إعلام لمَّا تخلَّى ربُّها اللبقُ

لمَّا تَخَلَّىْ أُصِبْنا في هويتنا 
مِنْ ثَمَّ زِيْدَ بأسماعِ الملا رَهَقُ

وظيفةً تخذُوها دون موهبةٍ 
ضلوا إذا ما بأهداب الهدى علقوا

في الرفع كم خفضَوا في الخفض كم رفعوا 
عرجاءُ في النطق مكسورٌ لها العنُقُ

يا مُلتقى: شعراءُ اليومِ في ضُعُفٍ 
يا منبرًا: خطباءُ اليومِ قد مرقوا

مُسَاءَلُون بيومِ الحشرِ بعدُ لِمَا 
ذَا لم يَؤُمَّكِ يا ضادُ امرؤٌ حَذِقُ

لن تقبلنَّ كلامَ الحُبِّ.. مَعْذِرَةً 
إلا إذا مارسَ الحُبَّ الأُلَىْ صَدَقوا

  

                              

إبراهيم الجهني.. دكتور برتبة شاعر 

الدكتور إبراهيم الجهني، شاعر مصري، يعمل مدرسًا للأدب والنقد بجامعة الأزهر الشريف، من محافظة الشرقية، صدر له عدة دواوين شعرية، تم جمعهم وإصدارهم في المجموعة الشعرية الكاملة.. حديث قلب إبراهيم.

تابع مواقعنا