انتصار على السجن والسجان بالطاقية والخيط والكبسولة.. كيف تدير زوجات أسرى الاحتلال عمليات تهريب النطف
الأجِنَّة المُحرَّرة.. رحلة نُطَف الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال إلى رحم الأمهات
منذ أيام قليلة فجر فيلم أميرة غضبًا لدى الشعب الفلسطيني، الذي وصفوه بأنه عمل صهيوني يسيء لسمعة فلسطين، فسلط الضوء على النطفة المهربة التي تحمل من خلالها زوجات أسرى فلسطين داخل سجون الاحتلال.
يلجأ الكثير من الأسرى الفلسطينيين المحكوم عليهم بقضاء أعوام طويلة داخل معتقلات إسرائيل إلى تهريب السائل المنوي الخاص بهم، محاولين تحقيق حلم الإنجاب، من خلال التلقيح الاصطناعي داخل الرحم، وبعد تكوّن الجنين في المختبر يتم زراعته داخل الرحم ويحدث الحمل وتكتمل دورته المعتادة.
في سرية تامة، تواصل القاهرة 24 مع زوجات أسرى حقيقيات، حملن بالنُطف المهربة، وأيضًا مع واحد ممن كان محكومًا عليهم بالسجن، ليروي تفاصيل تهريب النطف للزوجة وكيف تخرج من تحت أيادي جنود إسرائيل رغم التفتيش الدقيق، وقصة الشهود الحاضرين لإثبات نسب هؤلاء الأطفال، ولكن هل هي نطفة مهربة أم نطفة محررة؟.
أسير محرر يروي تفاصيل تهريب النطف
يروي الأسير المحرر عمر والذي قضى 9 سنوات بسجون الاحتلال، كيف يتم تهريب النطف من داخل سجون الاحتلال حتى تُحقن بها الزوجة، فيقول إنه هرّب نطفته لزوجته وهو بداخل المعتقل، ولكن هذه النطفة ماتت بسبب الإجراءات الطويلة، ولكن هناك طرق تفصيلية محكمة نهرب من خلالها.
أضاف عمر في تصريحات لـ القاهرة 24، أن تهريب السائل المنوي للرجل يكون بطرق عديدة، إحداها يوم ذهاب أحد الأسرى إلى بيته، أو زيارة قريب من الدرجة الأولى للأسير أو حتى مع ابنه الصغير وقد تكون مع المحامي الخاص به، فيتم أولًا وضع النطفة في إحدى أصابع قفاز خاص، أو قد يكون في كبسولة أو غيرها من الأشياء الصغيرة التي يمكن أن تُخفى.
طرق تهريب النطفة من سجون الاحتلال
وتابع الأسير المحرر عمر: يتم تخييط النطف في جاكيت أو قميص أو طاقية أو أي شيء لا يُرى، ولا يتم تخييط إلا نطفة واحدة حتى لا يتم خلط أنساب، وحينما يتم خياطتها يكون هناك شهود حول صاحب النطفة، كي نشهد أن هذه النطفة تخصه هو.
وأكمل عمر حديثه: قد يفشل التهريب في مرحلة التفتيش من قِبل جنود الاحتلال وقد تنجح أيضًا، وعند نجاحها وتمكن الشخص من الخروج بها، نكون على اتصال بواسطة أشخاص أخرى ببنك الحفظ، فيكونوا في انتظار النطفة حتى يتم حفظها دون تلف في المختبر، وهناك يكون أقارب الزوج والزوجة بالانتظار حتى يتم الإشهار تفاديا للكلمات السيئة التي قد تلحق بالزوجة وتجرح شرفها، وبعد ذلك يتم التوقيع.
يمكن بحفظ النطفة بالمختبر أن تحمل الزوجة مرة أخرى إذا أرادت، لأن هذا الإنجاب مهم جدًا للأسير، فهو يمثل له الحياة التي يفقدها داخل السجن.
تقول الأم: ابتسامة يمان تعادل دولة الاحتلال
روت زوجة الأسير أبو حميد، والموجود في معتقل عسقلان، كيف حصلت على النطفة من زوجها عن طريق التهريب ونتج عنها طفلها الصغير يمان.
قالت أم يمان في تصريحات خاصة لـ القاهرة 24، إن يمان هو ابنها الثالث من زوجها المحكوم عليه بـ 5 مؤبدات، أي 125 عاما داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، فحينما كان الأب موجودًا أنجبت منه الابن الأكبر والذي يبلغ من العمر 19 عامًا، ثم أنجبت الابن الأوسط والذي يبلغ الآن 17 عامًا، بينما يبلغ يمان عامين ونصف العام.
الموضوع مكانش سهل كان بدو مجهود كتير.. بهذه الكلمات بدأت الثلاثينية تروي قصة حصولها على النطفة المهربة من زوجها، ذلك القرار الذي قرّرا أن يأخذاه معًا بآخر زيارة له بعسقلان قبل حملها، فخضعت للعلاج حتى تتمكن من الإنجاب مرة أخرى.
وأضافت الزوجة أنها بمساعدة الأقارب من الدرجة الأولى وأصدقاء زوجها بالمعتقل تمكنت من الحصول على النطفة المهربة، ثم تم حقنها بها وأصبحت حاملًا بطفل يعتبره جنود الاحتلال شخصًا مهرّبًا غير شرعي.
وتابعت زوجة أبو حميد: بعدما خلق يمان، كانت من أجمل لحظات حياتي وحياة زوجي داخل الأسر، واعتبرناه انتصارا على السجن والسجان، فهو بذرة الأمل في قلبي وقلب زوجي، ولكن حينما أخذته حتى نزور أباه بالسجن، عساكر الاحتلال منعونا، قالولي إذا بدك بتشوفيه لحالك، لكن ممنوع دخول الولد.
وأكملت أم يمان حديثها: كلنا عملنا إضراب حتى المعتقلين للسماح بزيارة النُطف لآبائهم، وبعد فترة كبيرة، مشيت كلمة فلسطين على جنود الاحتلال وتمكنا من الدخول له وزيارته مع ابني، قمة الفخر والنصر ياللي حققناه في هذه اللحظة.
وتُضيف زوجة الأسير: بدنا نكيد الاحتلال وراح نضل نجيب أولاد، وإذا كان في نصيب راح أحمل من زوجي وحافظ على نسله مرة واتنين وعشرة، ويملك يمان أوراق هوية تثبت نسبه لأبوه.
تقول زوجة الأسير الذي قضى 20 عامًا من عمره داخل سجون الاحتلال حتى الآن، إن معنويات الشعب الفلسطيني تُرفع بالإنجاب عن طريق النطف، فأي إنجاز يقوم به الأسير داخل السجن يكون شرفًا له وللشعب أجمع، مضيفة: الاحتلال بيحاول يحط إيده علينا، بدن يكسروا شوكة فلسطين، وبسبب النطف راح يضل في أمل بتحرير الأرض.
وعن فيلم أميرة، قالت الزوجة إن طاقم العمل المقيم على الفيلم إذا أدرك مدى الانتصار الذي يحققه الشعب الفلسطيني بالنطف، لما أخرج مثل هذا العمل الذي يخدم الاحتلال، فهو عمل صهيوني بحت.
فشلت في الحمل لكن راح أحاول حتى أنجب من زوجي بالنطفة المهربة
ومن جهة أخرى روت زوجة الأسير نادر إن زوجها ما زال بسجون الاحتلال منذ 17 عامًا، ولم تنجب منه إلا طفلًا واحد فقط، ولكنها حصلت على نطفة تم تهريبها من داخل السجن.
تقول زوجة الأسير نادر في تصريحات لـ القاهرة 24، إنها فور تهريب النطفة من السجن ذهبت إلى مركز تلقيح يُدعى بيان في فلسطين، وتم تبليغ المنطقة بشكل تام بأن تهريب السائل المنوي من زوجها نادر، حتى يكون لديهم علم.
وتابعت الزوجة: هؤلاء الأشخاص مهمون لإثبات النسب، ولكن فشل الحمل بسبب الوقت الطويل الذي مر به النطف فنتج عنه الفساد.
وتُضيف زوجة الأسير: هذه النطفة إذا فشلت مرة راح أقوم بها مرة أخرى حتى يكون لدي أطفال من زوجي، هؤلاء الأطفال من أجل صمود شعبنا الفلسطيني وتحرير أرضنا المقدسة، صراعنا راح يضل أبدي إلى يوم الدين حتى يزول الاحتلال.
واختتمت الزوجة حديثها: أخدوا زوجي من لما كان ابني عنده 3 أشهر، وهو الآن عنده 16 عاما، وراح أبحث عن طرق لأنجب أطفال حتى لا ينقطع نسل فلسطين عن الحياة.