الأحد 24 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

صمت التاريخ - بن علي تونس

الخميس 16/ديسمبر/2021 - 08:43 م

دائما يذهب الحكام وتبقى الشعوب، نستكمل في مقال اليوم مشهد نهاية طاغية آخر وهو بن علي.

لم يتصور التونسيون أن قبضة بن علي الحديدية يمكن أن تنهار، وأن تكون آخر كلماته «فهمتكم» بعد 23 عامًا قضاها في قصر قرطاج.

ونسي الثوري والمناضل القديم الذي تعرض للتنكيل والسجن والتشريد مبادئه الثورية، فقد استدعاه بورقيبة وقت ثورة الخبز في تونس، وكان وقتها سفيرًا في بولونيا وتولى مدير الأمن الوطني، والذي سرعان ما تولى وزارة الداخلية حتى انقلب على بورقيبة عام 1987، بعد فقد المجاهد الأعظم بريقه وقدرته الفكرية والسياسية، انقلابا ناعما.

وكعهد كل ديكتاتور بدأ حكمه بأن فتح قصر قرطاج لكل التونسيين، وبدأ صفحة جديدة مع الإسلاميين واليسار، وأفرج عن المعتقلين، وعادت الأحزاب والصحافة لممارسة دورها، ولكن سرعان ما انتهى هذا الربيع، وبدأ خريف تونس سريعا، بعد أن أحكم قبضته على تونس وفرض حالة الطوارئ وبطش بكل معارضيه، وانتهى بهم المقام في السجون وأخلف وعده باحترام الدستور والقانون، حتى طالت طوابير البطالة وزاد الفقر وهجر التونسيون أرضهم بحثا عن الرزق في بلاد غريبة.

وأصبح حديث الشارع التونسي عن فساد المقربين من الرئيس وعائلته وأصهاره، استغلالا للنفوذ وممارستهم كل أنواع الفساد والنهب، وخصوصًا عائلة زوجته ليلى بن علي الكوافيرة وحاكمة قرطاج الجديدة، التي تزوجها بعد أن طلق زوجته الأولى التي فتح له والدها أبواب تونس على مصراعيها.

واستمرت قبضته على الشعب في حالة من الضيق والضجر، ولكن صوتهم ليس بمسموع فكل شيء في تونس يسبّح بحمده ويشكر حكمته، ويتغنى بوطنيته ورحلة كفاحه ضد المستعمر الفرنسي، وكيف سجن وفصل من دراسته، يتحدث عن ثائر مناضل، لكن للأسف تحول الثائر إلى قاتل، يحمي كرسي عرشه القابع في قصر قرطاج، ولا يهمه كيف يعيش شعبه ولا مستقبل بلاده.

لم يدرك بن علي ولا التونسيون أن شعرة تفصلهم عن الثورة عندما أشعل بائع متجول للخضر والفاكهة النار في نفسه، كمدًا على ما وصل إليه حال بلاده وهو خريج الجامعة، والذي لم يجد سوى هذا العمل ليساعد أسرته لتأتي الشرطة لـ تحاربه في مصدر رزقه ولتنتهي بصفعه على وجه من شرطية، ليدرك أن الصفعة على وجه تونس كلها، فيترك رسالته لأمه على موقع التواصل الاجتماعي أن تسامحه، وليقدم على إشعال النيران في نفسه لتنتفض تونس كلها ولا أحد استطاع أن يوقف زحفهم وهتفت الجماهير، ارحل واستحضروا كلمات أبي القاسم الشابي. 

إذا الشعب يوما أراد الحياة      فلا بد أن يستجيب القدر 

ولا بد لليل أن ينجلي            ولا بد للقيد أن ينكسر 

وفارقت روح أبو عزيزي بعد 18 يومًا كانت فيها تونس تنتفض، حتى أطاحت بالنظام وهرب بن علي إلى السعودية، بعد أن فشل في أرض تؤويه، وبقي الشعب هو المعلم والملهم لا أحد أقوى من الشعب، عندما تتحد قواه تنهار ديكتاتورية أي حاكم.

حفظ الله تونس ووفق الرئيس قيس بن سعيد في إصلاحاته، وتصحيح مسار تونس إلى الطريق السليم وإلى مستقبل مزهر. 

تابع مواقعنا