في ذكرى رحيله.. جوستاف لوبون ينصف حضارة المسلمين في كتابه حضارة العرب
تحل اليوم ذكرى وفاة الكاتب والمفكر الفرنسي جوستاف لوبون، الذي رحل في مثل هذا اليوم 13 ديسمبر 1931، وترك إرثا كبيرا من المؤلفات في التاريخ وعلم الاجتماع وعلم الإنسانيات عموما.
ولد جوستاف لوبون في فرنسا عام 1841م، درس الطب، واهتم بالطب النفسي واتجه إلى البحث فيه وأنتج مجموعة من الأبحاث المؤثرة على سلوك الجماعة، والثقافة الشعبية، ووسائل التأثير في الجموع.
اللافت في المشروع الفكري عند جوستاف لوبون هو إنصافه العرب والحضارة الإسلامية، حيث ذهب إلى أن المسلمين هم مَن مدَّنوا أوروبا، فرأى أن يبعث عصر العرب الذهبي من مرقده، وأن يظهره للعالم في صورته الحقيقية؛ وهو ما ظهر جليا في كتابه حضارة العرب، الذي كشف فيه فضل الحضارة العربية والإسلامية على العالم.
من آرائه التي أنصفت الإسلام أن القوة لم تكن عاملًا في انتشار القرآن، وأن اعتناق غير المسلمين للإسلام، واتخاذهم العربية لغةً لهم، كان نتيجة لما رأوه من عدل العرب الغالبين مما لم يرَوا مثله من سادتهم السابقين، ولما كان عليه الإسلام من السهولة التي لم يعرفوها من قبل.
ويؤكد لوبون في كتاب حضارة العرب أن القرآن لم ينتشر بالسيف، بل انتشر بالدعوة وحدها، وبالدعوة وحدها اعتنقته الشعوب التي قهرت العرب مؤخرًا، كالترك والمغول.
وعن الخلافة والخلفاء والفتوح الإسلامية يقول جوستاف لوبون: أدرك الخلفاء السابقون، الذين كان عندهم من العبقرية السياسية ما ندر وجودُه في دُعاة الديانات الجديدة، أن النظم والأديان ليست مما يُفرض قسرًا؛ فعاملوا أهل كل قطر بلطف عظيم، تاركين لهم قوانينهم ونظمهم ومعتقداتهم، غير فارضين عليهم سوى جزية زهيدة في الغالب، إذا ما قيست بما كانوا يدفعون سابقًا في مقابل حفظ الأمن بينهم، فالحق أن الأمم لم تعرف فاتحين متسامحين مثل العرب، ولا دينًا سمحًا مثل دينهم.
تاريخ العرب
وعموما يؤرخ جوستاف لوبون في كتابه حضارة العرب، لمجد العرب وما كانوا عليه من حضارة عظيمة أضاؤوا بها العالم، من خلال رصد جوانب متعددة مثل العلوم والفنون والآداب عند العرب، الأدوات الحربية، ولم يغفل الكتاب أخلاق العرب وعاداتهم ومكانة المرأة عندهم.