مو صلاح وحمار جحا
الناس دائما ما تتحدث سواء كنت مصيبا أو مخطئا، سواء كنت تتحدث عن رأيك أو حياتك الشخصية سواء حرمت الخمر أم لا تفعل.. تلك القاعدة الثابتة في مصر منذ قديم الأزل، وحتى تتجنب تنظير الناس وحديثهم؛ لا تتحدث وقتها سيهاجمون صمتك فقط!
لعل محمد صلاح فطن إلى هذه القاعدة واختار الدبلوماسية خلال حديثه مع الإعلامي عمرو أديب، اللقاء الذي دفعت إم بي سي نظيره 10 ملايين جنيه للاعب، لذلك تحدث أديب مع صلاح بحرية ووجه له العديد من الأسئلة حتى وإن بعضها ساذج لا يصلح للحوار، من ضمنها السؤال الخاص برأيه في الخمور.
"مبشربش خمور.. مش حاجة كبيرة عشان أعملها.. نفسي مبترحلهاش" هكذا أجاب صلاح على سؤال أديب لتنطلق بعدها موجة من الغضب والجدل، ونصب المنظّرون محاكمهم من وراء شاشات "الفيسبوك" متهمين اللاعب بالميوعة في إجابته، فكان من الأولى للاعب -من وجهة نظرهم- تحريم الخمر حتى يستحق لقب فخر العرب ومحبة المريدين.
لكن ماذا كان سيحدث إذا حرّم اللاعب ما لم يحرمه الله (الخمر ذُكر في أكثر من موضع في القرآن لكنه لم يُحرم في أي منها)؟ هل كان سيصمت المتحدثون ويحتفون بفخر دينهم! الإجابة قطعا لا بل سيظهر منظرون آخرون يتهمون اللاعب بادعاء المثالية واستغلال الدين في زيادة شعبيته واستمالة المزيد من الجماهير والمعجبين وغيرها من الانتقادات الجاهزة داخل محاكم التنظير مثلما حدث مع جحا وحماره في النوادر المصرية القديمة.
اشترى جحا حمارًا يساعده هو وابنه في سفرهما، وبعد مسير قليل دخلا قرية وهما على ظهر الحمار، فقال أهلها: يا لهما من عديمَي رحمة، يركبان على الحمار معًا من دون رأفة بحال هذا الحمار المسكين! وعندما سمع جحا هذا الكلام قرّر أن يركبا الحمار هو وابنه بالتّناوب، فكان دور جحا أوّلًا، فركب ونزل ابنه يقود الحمار، فدخلا قرية أخرى، وعندما شاهدوا جحا يركب الحمار وابنه يسير على قدميه قالوا: ياله من أب ظالم، يركب هو ويترك ابنه يُنهكه التّعب! فنزل جحا وترك ابنه يركب، وبعد مسير قليل دخلا قرية ثالثة، وعندما شاهد أهلها الابن يركب على الحمار، والأب يسير على قدميه قالوا: ياله من ابن عاقّ، يركب هو ويترك أباه يسير على قدميه!
عندها نزل الابن والأب عن الحمار، وقاداه ومَشَيا على قدميْهما، ودخلا قرية جديدة، فقال أهلها: يا لهما من أحمقين! ولماذا اشتريا الحمار أصلًا إن كانا يريدان أن يمشيَا ويتركا الحمار يسير خاليًا! وبعد أن سمع جحا هذا الكلام جنّ جنونه، وقرّر أن يبيع الحمار، وباعه وأكملا طريق السّفر وحيدين!
تكرر هذا الموقف كثيرا مع مو صلاح، انتقده الناس على مواقف فعلها ومواقف كان ينبغي أن يفعلها ونفس الشيء للتصريحات والمواقف سواء كان اللاعب طرفا فيها أم لا، حيث يتعامل معه الجمهور على إنه قديسا أو نبيا ويتناسون إنه لاعب كرة قدم دوره الأساسي في الملعب، وقبل كل ذلك بشرا معرض للخطأ.