ضعف في القلب وإغماءات متواصلة.. كيف عاش تولستوي أيامه الأخيرة؟
نمر اليوم بذكرى رحيل الأديب العالمي، والمفكر الروسي التاريخي، الأرستقراطي الذي عبر عن حياة الفقراء، تولستوي، الذي رحل في 20 نوفمبر من العام 1910.
ولد تولستوي في 28 أغسطس من العام 1828، في منطقة كرابيفنسكي بمقاطعة تولا، لأسرة أرستقراطية من النبلاء، ماتت أمه في 1830 بسبب حمى الولادة، وعمره ما يزال عامين فقط، وبعدها بأعوام قليلة رحل والده هو الآخر، ليصير تولستوي يتيم قبل أن يتم العشر سنوات.
درس تولستوي الأدب الشرقي بداية من عام 1844، لكن لم تسير دراسته بشكل سلس، وواجه العديد من الصعوبات التي اضطرته للانتقال لكلية الحقوق، مكث فيها لعامين، قبل أن يتركها هي الأخرى، ويقرر العودة إلى القرية، من أجل متابعة ضيعته.
تميزت أعمال تولستوي كونها معبرة بشكل كامل عن الحياة، خاصة حياة الفقراء والمهمشين، ويقول في ذلك الكاتب الروسي إسحاق بابل، لو كان بإمكان العالم أن يكتب عن نفسه، فسيكتب مثلما كتب تولستوي، واعتبرته الكاتبة الإنجليزية فيرجينيا وولف، الروائي الأعظم في التاريخ.
في عام 1847 بدأ تولستوي في كتابة مذكراته، والتي ظل يكتبها حتى نهاية حياته المديدة، وتميزت كتاباته بنظرته الثاقبة للعالم، كما تأثر بالعديد من الشخصيات العالمية والتاريخية، أهمم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وغاندي، كما أصدر كتابًا حمل اسم حكم النبي محمد، وكتب فيه عن النبي واصفا إياه بهادي الوثنين، ومانع الحروب، والداعي إلى المساواة بين الناس.
أيام تولستوي الأخيرة
عاش تولستوي أواخر حياته المليئة بالإبداع في رعاية الطبيب دوشان بيترودفيك، والذي قام عليه منذ عام 1904 حتى عام 1910، وطوال تلك الفترة، حرص الطبيب على تسجيل أهم الأوقات التي عاشها مع الأديب العالمي.
خلال الأشهر الأخيرة من حياة تولستوي، كان دائم الشعور بالأسى والإعياء، وكان منطويا على نفسه، ولا يسمح لأحد بالدخول عليه سوى خادمته.
ودوّن الطبيب أواخر أيام تولستوي، التي عاشها في مرض وهوان، يقول الطبيب في 30 أكتوبر 1910، في الساعة العاشرة صباحًا، دعاني تولستوي، وكان جالسا، ممسكا بكتاب يقرأه، وقال له، أشعر بالضعف، وبالنعاس أيضا، وكان تولستوي يعاني من حالات إغماء متكررة، خلال العام والنصف الماضيين، وسبب تلك الإغماءات، صعوبة وصول الدماء إلى الدماغ.
عاني تولستوي في 3 نوفمبر 1910، من حمى شديدة، وكان نومه متقطعا، وغير منتظم، وكان يهزي طوال الوقت، ولم يتوقف سعاله، وعندما كشف الطبيب على قلبه، وجده يعاني من ضعف في النبض، وشخص التهابا حادا في رئته اليسرى، وفي 5 نوفمبر ارتفعت حرارته أكثر وأكثر، وكان قلبه مضطربا، وصار يهزي باستمرار بكلمات غير مفهومة.
في ليلته الأخيرة، لم يتحدث تولستوي كثيرا، انخفضت أنفاسه، وقلت نبضاته بشكل ملحوظ، وكان يشعر بالضعف الشديد في جميع أعضاءه، وفي الساعة السادسة، أصابته أول غيبوبة، ثم فاق منها لدقيقة واحدة، قبل أن يدخل في الثانية، وبعدها بدأ الاحتضار، قبل أن يتوقف قلبه عن العمل، ويرحل عن عالمنا، في حضور أبناءه وزوجته صوفيا أندرييفنا، وتم تغسيل جثمانه، وألبسوه ثوبا من القطن، وجوارب جديدة، وصدرية سوداء.