ذاكرة الأمثال.. بكرة يهل رجب وتشوف العجب
مخطئ من يظن أن الأمثال كلمات نستدعيها من التراث لنتسلى بها ونتسامر فقط، فالأمثال ذاكرة تحفظ عادات الشعوب ومعتقداتهم، وهي إرث الأجداد الذي نأخذ منه العبرة، ومضارب الأمثال كثيرة ومتنوعة.
من الأمثال الموروثة، بُكرة يهل رجب وتشوف العجب، ويفسر أحمد تيمور باشا المثل في كتابه الأمثال العامية، أي: غدًا يهلُّ رجب، وهو الشهر الذي وعدنا فيه بالعجائب فنراها، والمراد: كل آت قريب فلا تكثروا من الأراجيف رجمًا بالغيب.
ويوضح تيمور باشا: خَصُّوا هذا الشهر بالذكر؛ لأن مدَّعي علم الغيب يزعمون أن وقوع الحوادث الغريبة يكون بين جمادى ورجب، حتى اشتهر بين الناس قولهم: «بين جمادى ورجب تشوفوا العجب» وأصل ذلك قول العرب في أمثالها: «العجب كل العجب بين جمادى ورجب».
قصة المثل
هذا المثل قديم، له قصة مثيرة وكان أول من قاله رجل يُدعى عاصم بن المقشعر الضبي، وكان له أخ يدعى أبيدة، على علاقة بامرأة رجل يُسمَّى الخنيفس بن خشرم الشيباني فقتله الخنيفس، ولما علم أخوه عاصم بذلك تقَلَّدَ سيفًا، وذلك في آخر يوم من جمادى الآخرة، وانطلق إلى الخنيفس فخدعه حتى أبعده عن قومه، ثم قتله قبل دخول رجب؛ لأنهم كانوا لا يقتلون في رجب أحدًا.
هذا أصل المثل فجعلته العامة ومدّعو الغيب لظهور العجائب بين هذين الشهرين، أو في أحدهما، وهو شهر رجب.